السعادة عند الشعوب
بقلم نبيل شقير
سأكتب اليوم عن التقرير السنوي الذي اصدرته جامعة كولومبيا، لتصنيف الدول الأكثر سعادة بحسب المسح لمؤشرات السعادة والرضا عند الشعوب من دول عديدة وفي أول مسح دولي شامل لثمانية مجالات تشمل التعليم والصحة والأمن والإقتصاد والحرية والإدارة العامة والعلاقات الإجتماعية والريادة بالأعمال مع توافر الفرص للعمل، وعند ظهور نتائج المسح تصدرت الدنمارك القائمة وأحتلت المرتبة الأولى لعامين متتاليين لسنة 2012 و2013 ، ثم جاءت بعدها على التوالي النرويج وسويسرا وهولندا وكندا وفنلندا والنمسا وايسلندا واستراليا، ومن تلك الدول ظهرت مؤشرات السعادة وتبدآ من ذهاب العمال والموظفين لأعمالهم وهم ممارسون الرياضة البدنية المفيدة، ذلك لأنهم يذهبون لأعمالهم بالدراجات الهوائية وكل هذا محافظة للبيئة من التلوث، بالإضافة لتوفير كلفة مواقف السيارات، بالاضافة ان كل مكان عمل متوفر به مواقف للدراجات الهوائية وهو آمن وبدون خوف من السرقة، مع أن بعض الدول مثل ايطاليا وفرنسا توفر مواقف للدراجات وتوفر لصاحبها جنزير وقفل ومفتاح وكل هذا يشعرهم بالسعادة. ثانيا ان المستشفيات بتلك الدول السعيدة تستقبل أي حالة وبأي وقت بالاضافة لحالات الولادة وكلها مجاناً، وكذلك التعليم فهو متوفر لكل الأعمار من الحضانة وحتى ينهي دراسته الجامعية، وكلها مجاناً وبعدها يأتي توفير العمل كله واجب الحكومات، حتى الأمهات اللواتي يذهبن للتسوق مصطحبين أطفالهن ما عليهم إلا ركنها بساحة خاصة وتضع مع الطفل حليبه وحفاضاته والعابه وتذهب مؤمنة على طفلها بيد امينة وهي تشعر بالأمن والأمان وعدم الشعور بالخوف، ولذلك تشعر بالسعادة والرضا ونسبة الرضا 95٪ بكل ما ذكر، عدا ان مستوى دخل الفرد السنوي معدله 57 الف دولاراً، بالاضافة لمستوى الحرية الشخصية وحقوق الإنسان مما يجعل تلك الشعوب تشعر بالسعادة الغامرة، وكل فرد يعرف حقوقه وواجباته مما يجعله يثق بالادارة الحاكمة لبلده وهذه الثقة تشجع الفرد ان يمارس كل حقوقه ويقوم بواجباته وعلى رأس واجباته دفع الضرائب المستحقه عليه لأنه يعرف أين تذهب وكيف تصرف وكل ذلك يشجعه على المشاركة بكل مناحي الحياة السياسية بالاضافة فهناك (خصوصية الإستثمار) الأمثل الا وهو قدرات الإنسان من خلال التعليم والعلم والبحث العلمي وكل الأساليب التربوية الحديثة الفاعلة من خلال الديمقراطية الحقيقية التي تؤدي بتلك الشعوب ان تمارس حقها بتقرير مصيرها، ثانيا المساواة امام القانون والإحتكام الى المعايير الواضحة الشفافة في كل المجالات الحياتية بدءاً بالمشاركة بالحياة السياسية وعمليات الفرز والإختيار للأعمال والوظائف والمراكز القيادية وكل ذلك يثمر عن حياة انسانية متحضرة تخلو من مشاعر القهر والظلم والتهميش وتخلو من مشاعر الاقصاء والتمييز القائم على معايير جاهلية. وكله يؤدي الى سعادة تلك الشعوب ورضاها، إن تقرير السعادة الذي صدر عن معهد الأرض يجعلنا نحن العرب نسأل انفسنا اين نحن من مؤشرات السعادة وهل نحن عاجزون عن بناء مثل تلك المجتمعات الحضارية والإنسانية سواء بالعدالة والمساواة امام القانون وكل صاحب حق يأخذه بدون اي واسطة ومع فقدان العدالة لم نفرز نحن سوى ثقافة القهر والتسلط والتنازع والاقتتال مما أدى الى إنتاج حياة البؤس والشقاء والعوز، التي كلها مع الواقع الحالي الذي نعيش به سواء بالعراق او سوريا او ليبيا او اليمن ومصر وتونس وما يجري بها من مسلسل القتل اليومي والاجرام من قبل عصابات الارهاب وكلها تؤدي بإتباع جماعات وعصابات الإرهاب، وكيف سيشعر اهالي كل الضحايا بالسعادة ، ان الفقر والبطالة هي السبب بشعورنا بعدم السعادة اما العدالة والمساواه امام القانون وبأن صاحب الحق يشعر بأن حقه لن يضيع هي التي جعلت تلك الشعوب تحصل على حياة كريمة مثالية ما دام حقه باختيار العمل المناسب التعليم والصحة والعلاج والعمل متوفر وكله مؤمن بواسطة الحاكمية، اما فقدان هذا الامان هو الذي جعلنا بنهاية تلك الدراسات والتقارير هذا عدا ان كل موظف او عامل يتوقف عن العمل يأخذ راتب بطالة هذا عدا التقاعد الاساسي حسب السن، ولذلك نرى انفسنا اليوم مثل المدعو جبر الذي ضرب به المثل بأنه لم ير في حياته يوماً سعيداً وطلب أن يكتب على قبره عند وفاته ( هنا يرقد جبر من رحم أمه للقبر).