سمير الحباشنة
(1)
واضح أن الجائحة تتمدد بأشكالها العادية والمتحورة، ومن الواضح ان الشعب الأردني، عاد إلى ممارسة حياته الطبيعية، بعد الانفراج النسبي الذي حدث في الأسابيع الماضية. والذي تبدى بقلة عدد الإصابات وبانخفاض نسبة الحالات الإيجابية من مجموع الفحوصات التي تجريها وزارة الصحة يومياً.
فقد عادت المقاهي لاستقبال روادها حتى أكبر من طاقتها الطبيعية، مع عدم الالتزام لا بالتباعد ولا بوضع الكمامات، حتى أن الكثير منها يقدم «الاراجيل»!، وأن بيوت العزاء قد بدأت تعج بالناس، الصالات، الصواوين، بيوت الشعر، وأن إقامة حفلات الاعراس ونجاح الطلاب وبالذات في المزارع المؤجرة، بدت ظاهرة وتشهد حضوراً غير مألوف، لا يتناسب مع التحوطات اللازمة لمجابهة الجائحة!
ونرى نفس مظاهر عدم الاهتمام بعدم وضع الكمامة وعدم مراعاة التباعد في المؤسسات العامة والخاصة، وخير شاهد اكتظاظ المحاكم بآلاف البشر على سبيل المثال لا الحصر.
(2)
وعليه فان التفكير بالعودة إلى الاجراءات الحمائية التي اتبعت في السابق أصبحت متوقعة، سعياً من الحكومة وإدارة الازمات لحماية الناس ومحاصرة الجائحة.. وبالفعل عدنا الى حظر التجول يوم الجمعة وتقليص ساعات الحركة إلى العاشرة مساء.
إلا أن أية اجراءات إضافية أكثر مما تم اتخاذه يفاقم ازمتنا الاقتصادية ويزيد من البطالة ويسمح للفقر أن يتمدد ليشغل مساحات إضافية، خصوصاً في صفوف عمال المياومة والمهن الحرة، حيث أن منتسبيها يحصّلون رزقهم يوما بيوم «اعطنا خبزنا كفاف يومنا»، وبالتالي فان أي اغلاق عام او جزئي سوف يعود عليهم بالضرر المباشر. ونفس الوضع سوف يلحق الضرر بعمال المصانع والمزارعين الذين هم اليوم بأتعس الظروف، فأسواقنا محدودة والأردن عمليا فقدَ الجزء الأكبر من قدرته على التصدير نظرا للظروف السياسية التي تمر بها منطقتنا العربية.
وبالتالي، فإني أتمنى على أصحاب القرار عدم التوسع باجراءات الإغلاق، لأن ضرره الاقتصادي والاجتماعي والنفسي هو جائحة بحد ذاته، ولا يقل ضرره عن أثر جائحة كورونا.
(3)
الحل البديل للإغلاقات هو تنفيذ الحكومة الصارم لمضامين أوامر الدفاع بالتباعد وبارتداء الكمامة، وبمنع فتح بيوت العزاء أو السماح بالاحتفالات ومراقبة المزارع التي أصبحت بديلا للصالات والفنادق. بل ووضع رقابة صحية على كل المنشآت وتحميل أصحاب العمل مسؤولية عدم الالتزام بالبروتوكول الصحي المقرر وأوامر الدفاع التي صدرت لهذه الغاية.
الحكومة وأجهزتها قادرة على ذلك بوضع عقوبات صارمة وكبيرة على الأفراد أو المنشآت. وفي هذا المقام فالحكومة، وبجهازها المتخم بالموظفين الزائد عن الحاجة، قادرة على ان تضع مراقبين في كل منشأة عامة أو خاصة، بحيث يتم التأكد من عدم اختراق أوامر الدفاع والبروتوكول الصحي المقرر.
وإن على المحافظين ومدراء الشرطة أن يتقيدوا بتنفيذ أوامر الدفاع وتعليمات وزير الداخلية وحصر المشاركين بمراسم الدفن بذوي المتوفى فقط على سبيل المثال.
(4)
وبعد، أعلم أن في هذه الإجراءات مس بحرية الناس واعتداء على تقاليدنا الاجتماعية الحميدة، لكن للضرورة أحكاماً، وعلى أساس الحديث الشريف «لا ضرر ولا ضرار»، و«أن الناس يقادون إلى الجنة بالسلاسل».
أملنا أن تكون فترة مؤقتة، حتى تزول الغمامة، إمّا بانحسارها أو باستكمال تطعيم المواطنين كافة، والسعي إلى توفير المطاعيم بحيث يصبح المطعوم إجبارياً. فالأب يقسو أحياناً على الأبناء من أجل مصلحتهم، وفي حالتنا الأردنية فإن الوعي ما زال في بعض القطاعات والمناطق أقل من مستوى الإحساس المطلوب بخطورة الجائحة، وضرورة لجمها بشتى السبل.
«والله ومصلحة الأردن من وراء القصد»