الدكتور: عثمان الطاهات
على الرغم من الضربات المؤلمة التي تعرض لها تنظيم داعش في معاقله الرئيسية في سوريا والعراق، مما جعل البعض يعتقد بأن تلك الضربات قد تمثل بداية النهاية لنشاط داعش الأم، إلا إنه تمكن من الاستمرار على الساحة وشن الهجمات الإرهابية، حتى داخل المناطق الى تتمتع بحماية أمنية كبيرة، وهو ما كشف عنه استهدافه للعاصمة العراقية بغداد بتفجيرين انتحاريين في كانون الثاني الماضي ، مما أسفر عن سقوط 32 قتيلا، وما يقرب من 110 جرحى، ، وهو ما يطرح تساؤلاً مهماً حول أهم الآليات التى يعتمد عليها تنظيم داعش فى البقاء على الساحة وتصدر مشهد الارهاب العالمى، لاسيما بعد أن نقل ثقله التنظيمى والعملياتى الى فروعه الخارجية المنتشرة فى مناطق عدة من العالم.
على الرغم من مرور قرابة العامين من القضاء على دولة داعش المزعومة في سوريا والعراق، بعد تحرير جميع المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم، إلا أن مخاطره لم تنته فى المنطقة، بسبب وجود عدة مخيمات تأوي الآلاف من أسر وعائلات مقاتلي التنظيم الذين لقوا حتفهم خلال المعارك، الى جانب وجود أعداد من مقاتلي التنظيم الذين تم القبض عليهم داخل تلك المخيمات، وهو ما جعلها أشبه بقنابل موقوتة يمكن أن تنفجر بين لحظة وأخرى، مما يهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها، لاسيما في ظل سيطرة الأفكار الداعشية على أجزاء واسعة منها، وهو ما أدى الى تصاعد أعمال العنف داخلها ضد من يخالفون تعليمات التنظيم أو يمتنعون عن تنفيذها، على غرار ما أعلنت عنه الإدارة الذاتية لمخيم "الهول" في شمال سوريا ، بأنها تمكنت من اعتقال ثلاثة عناصر موالين لتنظيم داعش خلال الشهر الماضي بتهمة قتل أحد نزلاء المخيم وفصل رأسه عن جسده بسبب رفضه الامتثال للقوانين المفروضة على النزلاء من قبل التنظيم، وهو ما يجعل تلك المخيمات أشبه بمؤسسات للحفاظ على الفكر الداعشى من الاندثار، في ظل حرص عناصر التنظيم على نشر أفكاره بين النزلاء، من خلال الزامهم بحضور الدورات الفكرية التي يعقدها، وكذلك إجبارهم على الالتزام بقوانين التنظيم وأحكامه في شتى أمور الحياة داخل المخيمات، فضلاً عن منعهم من التعاون مع سلطات المخيم، على أساس أنه من يفعل ذلك يعد خائنا ومرتدا ويجب قتله، وهو ما يؤكد ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان من أن مسلحين موالين لتنظيم داعش اغتالوا لاجئاً عراقياً أمام خيمته داخل المخيم بسبب تعاونه مع العاملين في "قسد" والإدارة المدنية في مخيم الهول، وهو ما يجعل من تلك المخيمات بؤر داعشية سرعان ما ستكشف تداعياتها الخطيرة خلال الفترة القادمة.