د. محمد طالب عبيدات
العدوان الإسرائيلي الغاشم والبربري على غزّة لم يبق ولم يذر، إذ أن محصلته في التسعة عشر يوما التي مضت كانت ما يفوق تسعماية شهيد وستة آلاف جريح وتدمير أكثر من ألفي منزل وتعطيل البنى التحتية كاملة وتشريد ما يربو عن ربع مليون غزّي وفلسطيني، وبالمقابل خسرت إسرائيل عشرات الجنود بين قتيل وجريح وأسير. وبالطبع نحن هنا لسنا لعمل جردة حساب بالخسائر والأرواح، لكننا نقول أن مقارنة بسيطة بين واقع الحالين والطرفين المتصارعين وآلة الحرب وحجم الإنفاق العسكري يسجّل نصراً مؤزّرا نسبياً للغزيين والطرف الفلسطيني سواء إتفقنا فكرياً أم إختلفنا مع طرف الحرب الفلسطيني.
ومنذ بدء الحرب على غزّة والأردن –بموقفيه الرسمي والشعبي- يبذل كلّ جهوده التضامنية الممكنة وفق إستطاعته في مجلس الأمن ومع المجتمع الدولي لوقف هذا العدوان الغاشم، وساهم الأردن كعادته في وقفة إنسانية ولا أروع من خلال جسر المساعدات الإنسانية والمستشفى الميداني والأدوية والأغذية وغيرها نصرة للأهل في غزّة، وكان التعاطف الشعبي كعادته على أوجه والمشاعر جيّاشة أيضاً ولم يُسجّل على الأردن يوماً أنه قصّر لا سمح الله تعالى في مواقفه القوميّة والعربية، فهو الذي آوى ونصر وجبر كلّ مَنْ إنكسر، وهو الذي يعتبر القضية الفلسطينية كأساس ومحور للصراع العربي-الإسرائيلي. والأردن قيادة وشعباً يعتصرون ألماً لما يجري من قتل وتدمير ووحشية وجرائم حرب في غزّة هاشم.
لكننا ومع كل حدث في فلسطين سواء بالضفة الغربية أو بغزة نلاحظ أن البعض من إخواننا من سكان مخيم البقعة يسارع لاغلاق جسر البقعة على الطريق العام بين إربد وعمان، وكأننا في الأردن نحن المسؤولين عن أي عدوان همجي إسرائيلي في داخل فلسطين الحبيبة، وبالطبع يتولى أبناؤنا من رجال الامن العام الاشاوس تحويل الطريق لطرق بديلة حفاظاً على أمن وسلامة سالكي ومستخدمي الطريق كنتيجة لرمي الحجارة على المركبات المارة في الشارع العام، وندرك أن هذا تصرف فردي من البعض لتسجيل إعتراضهم على مواقف الأمة العربية برمّتها، وربما نشاطرهم الرأي بالحزن على حال الأمة العربية وهوانها وتشرذمها وعدم صلابة موقفها ووحدة حالها.
لا نقبل البتّة لاحد أن يزايد علينا في عروبتنا ووطنيتنا، فالاردن قدم وما زال يقدم الكثير نصرة لغزة وفلسطين، ولا داعي لسرد التاريخ والشهداء والتضحيات الجسام وأفعال الخير الانسانية وغيرها، ونحن بالطبع لا نمنّ البتة على أحد في ذلك فهو أقلّ الممكن، ولا نقبل أيضاً بما يحاوله البعض تصدير الازمات الامنية لوطننا الآمن والمستقر، والذي تبذل فيه قيادتنا الهاشمية وأجهزتنا الأمنية ومواطنينا الشرفاء الغالي والنفيس للحفاظ على أمنه وإستقراره، ولا نقبل لاحد أن يعزف على أوتار الفتنة والعبث بوحدتنا الوطنية الراسخة