رمضان رواشدة
الحديث الشامل الذي ادلى به جلالة الملك عبدالله الثاني لوكالة الانباء الاردنية قبل أيام حفل بالكثير من الأفكار والرؤى الملكية التي تصلح لأن تكون اجندات حكومية لفترة طويلة ان احسنت تطبيق هذه الافكار وعملت على وضعها كأجندة عمل يومية.
وفي مقدمة هذه الرؤى الاصلاح السياسي الذي تحدث عنه جلالة الملك ومنه إعادة النظر بقانوني الانتخاب والاحزاب وهي اشارة ملكية الى تلمس جلالته لكثير من الاعتراضات التي نالت هذين القانونين من الأحزاب السياسية والناشطين والفاعلين في مجال العمل السياسي والاعلامي والعام.
لقد جرّب الاردن عدة قوانين انتخابية منها قانون عام 89 وقانون الصوت الواحد والدوائر الوهمية واعطاء مقاعد للقائمة الوطنية على مستوى المملكة وصولا الى القانون الحالي وهو قانون القائمة النسبية على مستوى المحافظة. ومع كل ذلك، ورغم الحديث الملكي عدة مرات عن ضرورة تنمية الحياة الحزبية والسياسية وارتباطها الوثيق بقانون الانتخاب، فقد فشلت كل الصيغ الانتخابية السابقة في دعم وصول الأحزاب السياسية الى قبة البرلمان اللهم من اعداد صغيرة فازت بثقلها العشائري وليس لان لها برنامجا انتخابياً.
لا تنمية للحياة السياسية والحزبية دون الوصول الى قانون انتخابي يساهم في تعزيز نظرة الناس إلى الأحزاب ويدفع بهم الى الانتساب اليها باعتبارها طريقة مثلى لطرح برامج سياسية انتخابية توصل إلى البرلمان، وهذا كله يتطلب من الحكومة ومجلس الأعيان ومجلس النواب الذين التقى رؤساؤها قبل أيام إلى التوافق على فتح اوسع حوار وطني سياسي لوضع الاسس لماهية قانون الانتخاب الذي يساهم في تنمية الحياة الحزبية والسياسية.
إن تغيير نظرة الناس الى الانتماء الى الاحزاب لن يكون بيوم وليلة ولكن اذا ما تم التوافق على قانون انتخاب يساهم في وصول الاحزاب السياسية الى البرلمان فإن الكثيرين سيؤمنون أن مساهمتهم بالحياة السياسية والعامة لن يكون مدخلها إلا بالانتساب إلى أحزاب سياسية فاعلة في المجتمع.
أما قانون الأحزاب السياسية نفسه فيجب ان يكون موضع مراجعة من الحكومة وتعديله بما يكفل التقليص الكبير من عدد الاحزاب المتشابهة في البرامج والتي قامت لاهداف شخصية،والتشجيع على دمج مثل هذه الأحزاب حتى نصل الى عدد من الاحزاب تمثل اليسار والوسط واليمين وتكون قوية وفاعلة بما يكفل لها ضمان الوصول الى البرلمان والمساهمة في تعزيز دوره الرقابي والتشريعي والفاعل في الحياة السياسية.
لقد طرح جلالة الملك عدة مرات افكاراً عن امله برؤية ثلاثة تيارات سياسية حزبية تمثل كل الأطياف السياسية وقد ضمّن رؤيته تلك في الاوراق النقاشية التي نشرها جلالة الملك والتي لم تجد صدى حتى الآن عند الحكومات المتعاقبة والتي كان الاولى بها ان تعتبرها برنامج عمل لها حتى نصل الى تحقيق هذه الرؤى المتقدمة.
لدينا وقت كاف حتى الانتخابات القادمة أو لفترة معينة لنصل الى توافق وطني على قانوني الأحزاب والانتخاب والكرة اليوم هي في ملعب الحكومة ومجلسي الأعيان والنواب.