د. محمد طالب عبيدات
مسؤولية أمن الوطن لا تقع على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها، ولو كان الأمر كذلك لكان لكل دولة جهاز أمن داخلي بواقع شرطي أو رجل أمن لكل مواطن، ولهذا لا يمكن أن يكون هذا واقعياً، وبالتالي فإن مسؤولية الأمن هي تشاركية تُساهم بها المؤسسات الأمنية والمواطن ومنظمات المجتمع المدني والأسر المجتمعية والمدارس والجامعات والمنابر الإعلامية والدينية والثقافية والإجتماعية وكل الناس والمؤسسات العسكرية والمدنية والنظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي والتربوي على السّواء.
والأمن ليس عسكرياً فحسب فهو أيضاً يدخل في أبواب السياسة والإقتصاد والإجتماع والتربية وكل جوانب وقطاعات الحياة، وكلّ يجب أن يؤطّر مسؤولياته الملقاة على عاتقه ومن جانبه بموجب مواطنته لغايات حل المشاكل والتحديات التي تواجه المواطن والوطن، فالإقتصاديون مثلاً يتوجّب عليهم إيجاد الحلول اللازمة لخلق فرص العمل والمساهمة بالقضاء على الفقر والبطالة لغايات ضبط أو إيقاف احتقان الشارع في هذا الصدد، والسياسيون يقع على عاتقهم أيضاً مسؤولية إيجاد القوانين الناظمة للحياة السياسية بطرق توافقية وحوارية يلتقي الناس فيها بمنتصف الطريق لغايات ضبط إيقاع الحراكات الشعبية وإقناعها بما تمّ من خطوات إصلاحية على سبيل تطوير الحياة السياسية والحزبية وإفراز مجلس نيابي ممثّل لألوان الطيف كافة، وأساتذة الجامعات والمعلمون عليهم مسؤولية توجيه الشباب صوب التربية الوطنية وخلق بيئة الحوار معهم لإيصال الرسائل الوطنية اليهم بطريقة صحيحة وغير مخطؤة، والمنابر الإعلامية والدينية دورها فاعل لتهدئة كلّ الناس وتوجيههم لخدمة الوطن، والتنمية الإجتماعية عليها دور كبير لحل كل المشاكل الإجتماعية من فقر وتنمية وغيرها، وهكذا دواليك فكل القطاعات وكل المواطنين مسؤولون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبمشاركة قصيرة الأمد أو طويلة الأمد للحفاظ على الأمن الوطني وللمساهمة بمساعدة الأجهزة الأمنية لتتولّى إدارة المسؤولية التشاركية والسياسات على أرض الواقع.