رمضان الرواشدة
تمر الصحافة الاردنية بأوضاع لا تسر بال احد في الدولة الاردنية حيث تراكمت الديون على الصحف الورقية اليومية نتيجة اخطاء سابقة اوصلت الادارات الصحفية الى حد عجزت عن تقديم اي حلول لها وبات الصحفيون اليوم بلا رواتب منذ اشهر.
ازمة الصحف الورقية اليومية لم تكن نتيجة ازمة وباء كورونا لكن الأزمة فاقمت من الوضع الصعب لهذه الصحف منذ شهر آذار الماضي حتى اليوم حيث حُجبت الصحف لمدة شهرين بقرار الدفاع وباتت الصحف بلا موارد من الاعلانات والتوزيع والبيع وفاقم الازمة تراجع الاعلانات القضائية نتيجة تعطيل المحاكم وغيرها من اجراءات اتخذتها الحكومة السابقة.
لقد كتب عدد من الزملاء الكتاب مشخّصين الحالة التي وصلت اليها الصحافة الوطنية وقدموا حلولا ليس المجال هنا لذكرها وهي تكفي لو تجرأت الحكومة لحل الأزمة الصحفية ولكن يبدو ان الصحف اليوم يراد لها ان تبقى تدافع عن الدولة بكل مقوماتها لكن لا يراد احد ان يمد لها يد العون ويساهم في خروجها من ازمتها.
نحن نعرف ان كثيرا من الدول ما زالت تدعم بشكل مباشر او غير مباشر صحافتها باعتبارها حصنا من حصون الدولة الوطنية والامثلة على ذلك معروفة في دول عربية واجنبية.
لكن الحال في الاردن تغير في السنوات العشر الماضية وهي البداية الاولى لأزمة الصحف ولو كلفت الحكومات السابقة نفسها عناء الاهتمام بالصحف لما وصلت الى ازمتها الحالية حيث تراكمت الديون بملايين الدنانير على صحف تنطق باسم الدولة وتدافع عن خياراتها وفي مقدمتها صحيفة $ التي أسسها رئيس الوزراء الاسبق الشهيد وصفي التل في مرحلة مهمة من حياة الاردن حيث كانت السهام تناله من كل جهة وليس لديه صحيفة تدافع عن خياراته القومية.. وكذلك الحال لصحيفة «الدستور» العريقة التي تأسست في عام 1967 عندما لم يكن في الضفة الشرقية اي صحيفة يومية وجاءت نتيجة اندماج صحيفتي فلسطين والمنار وأُريد لها ان تعبر عن الهمّ الوطني والقومي للاردن بضفتيه الشرقية والغربية قبل الاحتلال. وايضا وضع الصحف الاخرى المستقلة ليس بأحسن حال حيث تعاني من اوضاع مالية صعبة اثرها الأول على الصحفيين انفسهم.
لا اعرف كيف كانت تفكر الحكومات السابقة خاصة تلك التي اشبعتنا حديثا عن اهمية الصحافة ولكنها اكتفت بالكلام ولم تقدم شيئا لمعالجة أزمتها. وبدلا من ان يتفرغ الصحفيون للدفاع عن الحريات الاعلامية انشغلوا بتأمين لقمة عيشهم.
الازمة اليوم مطروحة على الحكومة ومجلس النواب الجديد الذي من الممكن ان يتبنى من خلال لجنة التوجية الوطني اقتراحات يوافق عليها المجلس وتكون ملزمة للحكومة واهمها تقديم دعم مالي عاجل يحل مشكلة الرواتب والديون المترتبة على الصحف سواء على شكل اعلانات مسبقة او قروض ميسرة او غيرها.
الازمة اليوم اكبر من ان تمر مرور الكرام ولا بد للحكومة والنواب من وقفة جادة تناقش ما آلت اليه اوضاع الصحف المدافعة عن الدولة ومواقفها وخياراتها.. وحلها حلا يعطي الصحف فرصة خلال السنوات القادمة للنهوض باوضاعها وتفرّغها للهم الوطني والقومي وكرامة المواطن والحريات الاعلامية وليس للقمة العيش.!