الشاهد - فهد الخيطان
قرابة 250 مليونا خصصتها الحكومة لتمويل برنامج جديد للحماية الاجتماعية، وتكفلت مؤسسة الضمان الاجتماعي بدفع 65 مليون دينار إضافية من فائض حساب برنامج إصابات العمل لدعم العاملين في القطاعات المتضررة جراء أزمة كورونا والمنتفعين الجدد من صندوق المعونة الوطنية. ويتضمن البرنامج تخصيص 20 مليون دينار لصندوق المخاطر السياحية لمساعدة أكثر القطاعات تضررا من الجائحة.
المستفيدون من البرنامج لن يقل عددهم عن 300 ألف مواطن عانوا بفعل انقطاع العمل وتزايد الأعباء المعيشية. وبحسبة بسيطة هناك ما لا يقل عن مليون أردني ستطالهم منافع البرنامج الأضخم في تاريخ الدولة الأردنية.
تجدر الإشارة هنا إلى أن البرنامج الجديد ليس الأول من نوعه فقد سبق لحكومة الرزاز أن طرحت حزمة من البرامج المماثلة مع بداية الأزمة، ساهمت مجتمعة في الحد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية على الفئات الضعيفة في المجتمع.
البرنامج كما البرامج السابقة سيمول من المساعدات “القروض أو المنح” وهو في كل الأحوال سيزيد من حجم المديونية العامة. لكن هذه الكلفة وما لها من تداعيات، تبقى أقل خطورة من الاضرار الاجتماعية لانعدام فرص الحياة لآلاف العائلات الأردنية، وما تجره من عدم استقرار اجتماعي وأمني، وزيادة في معدلات البطالة والفقر الآخذة في الارتفاع.
والمؤكد أن برنامج الحماية الاجتماعية لن يكون كافيا لتعويض المتضررين عما لحق بهم من خسائر، لكنه مساهمة معقولة لوقف التدهور في مستوى المعيشة، وتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة لفترة مؤقتة.
البرنامج يمتد لستة أشهر تقريبا، ومن المستبعد تماما أن تقدم الحكومة في ظل الأوضاع المالية الصعبة على تجديده في المستقبل. هذا يعني أن الرهان سيكون على عودة العجلة الاقتصادية للدوران بشكل طبيعي مع منتصف العام المقبل.
التقديرات الرسمية واستنادا لمعطيات عالمية موثوقة، تشير إلى أن معظم دول العالم ستتمكن من شمول أوسع شرائح سكانية بجرعات اللقاح ضد “كوفيد 19” خلال الشهور الأربعة المقبلة، وبالتزامن تبدأ فتحا تدريجيا للقطاعات وعودة حركة السفر والتنقل على المستوى العالمي لطبيعتها.
في الأردن يمكننا أن نبدأ في وقت مبكر من السنة الجديدة، إذا ما نجحنا خلال الأسابيع القليلة المتبقية من العام الحالي من تسطيح المنحنى الوبائي، ومواصلة الالتزام الصارم بارتداء الكمامة وتجنب التجمعات غير الضرورية.
دول الاقتصادات الكبرى ستخطو إلى الحياة الطبيعية قبل غيرها، ومن يتخلف من الدول عن مجاراتها سيخسر المكتسبات المترتبة على عودة النشاط الاقتصادي والسياحي، لكن ذلك كله مشروط بالامتثال لتعليمات الصحة العامة وقواعد الحماية من انتقال العدوى في أشهر الشتاء.
أردنيا ينبغي علينا أن نضع رزنامة للتعافي، وتدشين حملة وطنية لإقناع المواطنين بأن تجنب المزيد من الخسائر الاقتصادية مرهون بتطبيق هذه الرزنامة والالتزام ببنودها وهي ليست مستحيلة أو معقدة.
الحكومة لن تستطيع أن تتكفل بالإنفاق على مليون مواطن وأكثر لفترة أطول، والحل الوحيد هو بعودة الناس إلى أعمالهم، مع التزام شامل بعدم التهاون في تطبيق القواعد الضرورية. بعد يتعين علينا أن نتفرغ لمواجهة التحديات الأشد خطورة للجائحة كالبطالة وزيادة معدلات النمو وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى لخلق فرص عمل جديدة.
سنتان من العمل الصعب في انتظارنا لمحو آثار الجائحة.