الشاهد - ربى العطار
أحدثت أزمة كورونا تغييرا في سلوكيات أفراد المجتمع ونمطهم المعيشي، وأصبح هناك توجه للعمل بوظائف مستحدثة بناء على حاجة المجتمع، معظم هذه الوظائف الكتروني من خلال شبكة الإنترنت.
لكن يبدو أن هذا التغيير لن يستطيع الصمود في وجه العادات الراسخه والموروثات الجامدة، وستعود الحياة لطبيعتها بمجرد انتهاء الجائحة. فمعروف تاريخياً أن مثل هذه الأوبئة عمرها الزمني لا يتعدى 5 سنوات في أسوأ حالتها، وأن التكيف معها مرهون بالمدة الزمنية التي يمكن أن يستمر معها الوباء.
هناك عدة عوامل قد تقف عائقا أمام تكيف المجتمع مع مستجدات السلوك والأنماط، فمثلا التعليم الالكتروني او الاون لاين سيكون الهدف الأول الذي سيتخلى عنه الناس لأنه لم يكن أصلا عاملاً مساعداً، بل أضاف عبئا على الطلاب والأهالي والمدرسين، وأن فكرة استمراره غير واردة حتى لو استمر الوباء -لاسمح الله-، لأن الناس يبحثون عن تسهيل حياتهم لا تعقيدها، والمعلمون أيضاً وهم شريحة كبيرة سيرفضون الإستمرار بفكرة التعليم عن بعد لأنه يهدد وظائفهم.
حتى ذوي الطلبة يئسوا من عدم قدرتهم على إقناع أبنائهم بأن التعليم مستمر لكن إلكترونيا في ظل منهاج غير مألوف لا يمكن شرحه إلا وجاهيا، خصوصا في المراحل الأساسية الدنيا التي بدأ العمل فيها بمنهاج (كولنز) الفلسفي إلى حد كبير.
أما الشريحة الأخرى التي ترفض التكيف، وتطلب إعادة الحياة لطبيعتها بغض النظر عن نتائج فك الحظر وتسجيل إصابات، هي الشريحة التي تتضمن العاملين على نظام المياومة، فهولاء عصفت الجائحة بأوضاعهم المادية وأثرت تأثيرا كبيرا وسلبيا على أسرهم وحياتهم، وبالتالي فإن فكرة تكيفهم لن تكون واردة.
حتى طبيعة الناس في المجتمع الأردني ليست بالمرونة التي نعتقدها، فنحن مجتمع يمكن القول عنه بأنه ملول من تكرار الفكرة، فلو عدنا لبداية تسجيل الإصابات وما رافقها من التزام صارم بإجراءات الوقاية والسلامة العامة والتعقيم المستمر حتى للأغراض بعد التسوق مع قلة عدد الاصابات، وقمنا بمقارنتها اليوم لوجدنا أن (الكمامة) يتم ارتداؤها عند الكثير من الناس خوفا من المخالفة أو للدخول على مركز تسوق، دون حتى الاهتمام بنوعها أو فترة استخدامها.
ورغم تسجيل عدد لم نتعود عليه من الوفيات والاكتظاظ الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي بالتعزية، إلا أن هذا لم يؤثر في سلوكيات شريحة كبيرة من الناس، حتى أن بعض المحجورين والمعزولين منزليا من المصابين قد يمارسون حياتهم الطبيعية دون اهتمام بمرضهم، ويذهبون للسوق والى العمل دون مراعاة تفشي العدوى وانتشار المرض.
الناس أصبحوا (حسب ما يتم رصده في مواقع التواصل الاجتماعي) مهتمين بإنهاء الحظر وعودة الحياة لطبيعتها، وهناك انفلات من الالتزام بالاجراءات بسبب الوضع الاقتصادي، والخوف على طلاب المدارس من الاخلال بخط سيرهم العلمي والتربوي وضياع مجهوداتهم.
إذن، فالمتوقع أنه وبمجرد الإعلان عن وصول لقاح لفيروس كورونا إلى الأردن ستعود الحياة لطبيعتها وكأن شيئاً لم يكن، وستنهار الكثير من الوظائف المستحدثة التي جاءت على أساس الحاجة فانتفت الحاجة.
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء، فاستمرار المرض في الأردن لن يجعلنا نتكيف، بل سيوجد لدينا عادات سلبية جديدة نحن لا نقبلها.