الشاهد -
بقلم باسم صالح الخلايله
لا يكاد يمر يوم من الايام الا نسمع حديثا هنا او هناك يتغنى بالتعايش الاسلامي المسيحي الانموذج في الاردن خصوصا وان الاردن سيستقبل ضيفا عزيزا وكبيرا ، هو قداسة بابا الفاتيكان فرانسيس الاول، هذه الزيارة التي تعكس مكانة الاردن الكبيرة بين بلدان العالم كأنموذج رائد قل نظيره في التعايش ، خصوصا وان المنطقة العربية بمجماهت تشهد صرعات ونزاعات طائفية وعرقية غير مسبوقة ، وترافقها اصوات تتعالى هنا وهناك تدعو الى التطرف والتعصب تهدف الى تفتيت اللحمة العربية الاصيلة بين المسلم والمسلم من جهة وبين المسيحي والمسلم من جهة اهرى . ولكن بالمقابل وفي مواجهة هذا التطرف والانغلاق على الذات ونبذ الاخر ورفضه هناك اصوات واعية كثيرة تدعو الى العيش المشترك والسلام والوئام ، لعل ابرزهم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه ، صاحب رسالة عمان ومبادرة كلمة سواء واسبوع الوئام العالمي بين الاديان والداعي الى مؤتمر التحديات التي تواجه المسيحيين في الشرق ... وغيرها من المبادرات الرائعة والرائدة في هذا المجال ناهيك عن الخطابات العالمية لجلالته في مختلف المحافل الدولية التي لا يكاد يمر احدها دون الحديث والتأكيد على النموذج الاردني في العيش المشترك بين مواطنيه من مسلمين ومسيحيين ، ما اروعك من قائد . وفي هذه العجالة فاعتقد بان القائد يجب ان لا يكون وحده في هذا المضمار في مواجهة التطرف والتعصب واظهار الصورة الابهى عن الاسلام ونشر تعاليمه السمحه التي تدعو الى الحوار والتعايش وقبول الاخر ، فيجب علينا ان ترتفع اصواتنا الداعية الى العيش المشترك والمبشرة بالسلام الذي ينشر الظل ، بدلا من البقاء تحت شمس الاختلاف الحارقة. فالانسان اجتماعي بطبعه ،خلقه الله على فطرة حب التجمع والعيش في مجموعات، لكنه ولد ايضا مع الحب والانجذاب الى كل ما يشابهه شكلا وفكرا وميولا ويجد في نفسه قلقا وترددا الى كل ما يخالفه في ذلك ، لكن هذا لا يعني ان الانسان بطبعه يحب الخلاف والنزاع، لا بل على العكس تماما ، فالانسان بطبعه يميل الى السلام والسكينة الداخلية ويميل الى كل ما يبعث بهذا الشعور داخله من محيطه من مواقف وافعال وشخوص ،وان حدثت اختراقات لذلك القانون فتكون ليست الغالبة بأي شكل من الاشكال وسرعان ما تزول. وان تختلف عني واختلف عنك، ونختلف في رأي أو فكرة، أو قرار بيننا او مع ثالث، ان نختلف في انتماءاتنا او ديننا او قومياتنا او مذاهبنا الدينية هذا لا يعني اننا اعداء ، فنحن ملونون بالالوان الطبيعية، انا وانت، هو وهي وهم، فالطبيعة نفسها قد وهبت التنوع لكل شيء على الارض، كما الاحمر والاصفر والاخضر والازرق والابيض راحت تنشر بفراشها هنا وهناك ، كما لا يمكن ان تأكل طوال حياتك صنفا واحدا من الطعام، ولا ان ترتدي ثوبا واحدا دون ان تغيره، ولا ان تنعزل عن الاخرين، كل ذلك مخالف للفطرة الانسانية التي تبحث عن التنوع ، فنحن نجد لذة لتنوع الفاكهة ولذة في كون الحياة تتبدل بين الليل والنهار في تعاقب بديع وليست ليلا او نهارا فحسب، وسعداء بان الفصول ليست فصلا واحدا وانما تندرج بين الحر والبرد والمطر والرطوبة وبين الرياح والضباب والرعد والبرق والثلوج. خلق الله لنا الارض بالالوان والتنوع ، فهذا هو الثراء بعينه ودليل الابداع للخالق سبحانه ، فولدنا بالفطرة ونحن نجيد التعامل مع هذا التنوع والاختلاف بل ونحبه لانه يجعلنا في تغير، ويناسب امزجتنا واوضاعنا وطقوس حياتنا، ولدنا شعوبا وقبائل لنتعارف كما يقول لنا رب العزة في القران الكريم ، نتعارف ونتعايش ونعمل معا ونأكل معا ونسافر معا ونشدو لجمال الحياة وصلاحها وبناءها معا، او ليس الانسان خليفه الله في الارض؟ كل ما علينا فعله هو ان نبحث عن نقطه مشتركة مع الاخر لنحيا معه في سلام ،وهي فرصة لاستذكر معكم قصة قرأتها منذ مدة تفسر تقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء فقط لمن يبحث عنها ، والتي تعتبر قريبة جدا جدا ولا تحتاج منا الا التفاتتة بسيطة نرفع بها رؤسنا وننظر حولنا، وننظر للامور من اكثر من زواية قبل ان نصدر حجمنا عليها . والقصة تقول ان هنالك رجلان يقف كل منهما في زاوية وبينهما شكل من خطين متصلين يقرأه الاول على انه الرقم سبعة، لانه يقف عند التقاء الخطين ويقرأه الثاني ثمانية،لانه يقف عند الزاوية الحادة التي كونها الخطين ، قال الاول ان الرقم سبعة وقال الثاني ان الرقم هو ثمانية لكن الاول كان مصرا على ان الرقم سبعة والثاني كان لحوحا وقال انه ثمانية،واختلفا على ذلك وارتفع صوتهما وتشاجرا وضرب احدهما الاخر ، وكان من الاسهل ان يتحرك احدهما بعض خطوات ليقف حيث يقف الاخر وحينها سوف يرى ما رآه الاخر وسيتفق معه ، لم يكن الامر يحتاج الا الصبر والتفكير والخطوة الصحيحة نحو الاخر وسيتفق معه، لم يكن الامر يحتاج الا الصبر والتفكير والخطوة الصحيحة نحو الاخر ، فغالبا ليس هناك احد على خطأ وانما هنالك نظرات مختلفة للموضوع الواحد. هكذا هو التعايش ان تعيش بمكان واحد مع انسان يختلف عنك لكن دون ان يؤثر هذا التنوع على مشاعرك تجاهه فلا تعاديه او تؤذيه او تعامله بتطرف . فاختلافنا تنويع وتلوين واختلافنا نعمة وخير ان كنا نتعايش مع بعضنا البعض بحب واهتمام واحترام للاخر ولفكره ولنظرته . فالحياة اذن الرقم سبعة والرقم ثمانية ، فلنتعاون ولنتعايش ولنحب الاخر لتكتمل النظرة والصورة ويعم فينا السلام وحولنا السلام ويسود رخاء النفوس وتكتمل اللحمة الاردنية الهاشمية ولتبقى مثالا يحتذى بين الامم والعالم . حمى الله الاردن حرا منيعا آمنا مستقرا في ظل الراية الهاشمية للملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه .