الدكتور: عثمان الطاهات
من الحقائق التي ليست موضع خلاف في أدب السياسة اضطلاع كثير من الأحزاب السياسية بأداء وظيفة التجنيد للمناصب العامة في مختلف دول العالم .
تساعد الأحزاب السياسية الاشخاص على تقلد المناصب على مستوى القيادة السياسية العليا فالأحزاب قناة مؤسسية هامة يسعى المواطن من خلالها الى اعتلاء قمة الهرم السياسي، يستوي في ذلك نظام الحزب الواحد والنظام الحزبي التنافسي ،مع مراعاة أن الحزب لا يحتكر وحده هذه العملية بل تشاطره منظمات أخرى ففي دول الحزب الواحد يشترك الحزب مع الجيش والبيروقراطية المدنية في عملية اختيار قيادات القمة، وفي النظم التنافسية بوجه عام ، يلاحظ أن الأحزاب ، وهي بصدد اختيار المرشحين للمناصب السياسية ، لا تستطيع أن تفلت من ضغوط غيرها من الجماعات المنظمة ويمكن للمرء ان يجد شاهدا لتأثير هذه الجماعات في تنامي نسبة شاغلي المناصب السياسية الذين لم يعرف عنهم القيام بنشاط حزبي يستحق الذكر .
على مستوى الوظائف الحكومية يلاحظ أن دور الحزب في التجنيد للوظائف الحكومية يختلف مداه من دولة الى أخرى، ففي بريطانيا مثلا نجد ان الحزب الفائز بالأغلبية في مجلس العموم يتعاظم دوره في عملية اختيار الوزراء ونوابهم ، ولكن يتضاءل كثيرا بالنسبة للمستويات الأقل ،أما في الولايات المتحدة الامريكية فإن الحزب الفائز بالرئاسة له دور كبير في شغل المناصب الحكومية ،وبيان ذلك أن الرئيس الجمهورية يكافئ كثيرا من اعضاء حزبه بتعينهم في مختلف إدارات الحكومة .
أما على مستوى الوظيفة الحزبية فالحزب السياسي يلعب دورا هاما في اختيار وإعداد شاغلي المراكز القيادية ،فإنه يتولى تعيين جهازه الاداري ، ويتفاوت حجم هذا الجهاز من حزب لاخر ، فالحزب الشيوعي ابان الاتحاد السوفيتي السابق كان يمتلك أضخم وأكبر جهاز وظيفي متفرغ في العالم ، إذ كان يزيد عدد أفراده عن مائتي ألف ، يقل الرقم كثيرا بالنسبة للأحزاب الديمقراطية الغربية، ويقوم هؤلاء الموظفون بدور هام في صنع سياسة الحزب ،وأعمال الدعاية والعلاقات العامة وجمع التبرعات وإدارة الحملات الانتخابية وأصدار الصحف والمجلات الحزبية ... الخ .