عبدالله محمد القاق
احتفل الاردن ودول العالم في الثالث من ايار من كل عام كعادته في اليوم العالمي لحماية وحرية الصحفيين في وقت حصل فيه الاردن على المرتبة 155 في تقرير منظمة – فريدم هاوس - غير الحكومية الاميركية والواقع اذا كانت القوانين والاعراف الدولية تحث على حماية وحرية الصحفيين لاداء واجبهم الانساني في نقل الصورة الحقيقية للاوضاع المختلفة في العالم خاصة جماليات الحياة... وضنك العيش والكوارث والحروب ومآسي واحوال المضطهدين في العالم... فان العامين الماضيين شهدا المزيد من سفك الدماء لممثلي الصحافة العربية والاجنبية في مناطق متعددة ومنها سورية والاراضي المحتلة والعراق وتونس وليبيا وبعض الدول الاوروبية بالرغم من ان هؤلاء الصحافيين يحملون علامات مميز تؤكد دورهم في نقل الاحداث ومآسي وويلات الحروب في هذا العالم الكبير والمضطرب.
ان هذه الذكرى والتي كانت موضع نقاش وبحث لدى الخبراء وهي بعنوان “تحدث وانت مطمئن” ينبغي ان تجسد هذا الشعار ولنضع حدا للانتهاكات التي تقع على رجال الصحافة في هذه المرحلة خاصة وان اليوم العالمي لحرية الصحافة هو مخصص للدفاع عن حرية التعبير وعن سلامة الصحفيين في وسائل الاعلام المطبوعة والمذاعة والالكترونية وقد ظهر ذلك واضحا من خلال البيان الذي اصدره رئيس اتحاد الصحفيين العرب الزميل احمد بهبهاني عندما قال يوم امس في بيان نشر في انحاء العالم : ان “التنظيمات الصحفية في كافة البلاد العربية بحاجة ماسة للتكاتف والوحدة” مطالبا بالغاء القوانين التي تخنق الحريات وتشيع اجواء مشبعة بالخوف.. داعيا الى ضرورة السماح للحكومات العربية وشعوبها ان تعبر عن نفسها بحرية اصدار الصحف ووسائط الاعلام المرئية والمسموعة والالكترونية واتخاذ الخطوات الكفيلة بضمان حرية الصحافة دون المساس بالحقوق الشخصية للمواطنين والتعرض لهم دون وجه حق. هذا البيان يتماشى مع الدور المطلوب لحرية الصحافة والصحفيين ويجسد ضرورة الحفاظ على سلامتهم وعدم افلات اية جهة تسيء لهم او لاداء اعمالهم من العقاب حتى يتم توفير بيئة اكثر امانة للصحافة والصحفيين.. وهذا يتطلب اتخاذ خطوات ايجابية لتحرير العمل الصحفي والاعلامي ازاء غياب مناخ آمن وحر ومستقل يمكنهم من القيام بمسؤولياتهم تجاه الوطن.
لقد اشارت كل التقارير الى تراجع الحريات العامة في العالم العربي خلال العام المنصرم إذْ تعرضوا في اول ثورات الربيع العربي الى عمليات الارهاب والترويع والضغوط على بعض القنوات الفضائية كما هي الحال في مصر وليبيا وانذارها بالتوقف والاغلاق بحجة مخالفة تراخيص البث عل خلفية سياسية.
ان هذا اليوم الذي ينبغي ان يكون مثار اعجاب وتقدير للصحفيين في انحاء العالم العربي لدورهم الكبير في نشر الاخبار الصريحة والواقعية والموضوعية حيال الاحداث نجد للاسف ان هناك شهداء للواجب والعمل وضحايا للاغتيالات الكثيرة من الصحفيين الذين ضاعت حقوقهم دون اية تحقيقات جادة للكشف عن الجناة الحقيقيين مرتكبي الجرائم في هذا الوطن العربي الكبير الذي ننشد له الامن والامان والاستقرار، إذْ تنعم صحافتنا بحرية وديمقراطية ونزاهة وضمان لحرية الرأي والتعبير.
ففي هذا اليوم تظهر فيه الحاجة الى ضرورة اتخاذ الاجراءات الضرورية لترسيخ حقوق الصحفيين في الاضطلاع بعملهم الحيوي وكسر حلقة الافلات من المسؤولية والعقاب على الجرائم المرتكبة ضدهم.. إذْ بلغ وفقا لاحصاءات منظمة اليونسكو عدد القتلى من الصحفيين خلال السنوات الماضية حوالي 700 صحفي منهم ما لا يقل عن 120 صحفيا في السنة الماضية وحدها فضلا عن احتجاز حوالي 150 صحفيا في العام ا لماضي واذا الامر يتطلب كما قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بهذه المناسبة “ان حرية الصحافة لا تحدث تلقائيا ولكنها تتطلب انشاء بيئة آمنة للحوار على ان تشمل وسائل الاعلام التقليدية وكذلك الوسائل الرقمية إذْ يواجه المدونون والصحفيون ومنتجو وسائل الاعلام الاجتماعية تزايدا في التهديدات الموجهة اليهم وعلى حياتهم.
ان مثل هذه الاعتداءات التي تحد من عمل الصحفيين بل تعيقها في اكثر الاحيان خاصة اثناء الكوارث والحروب تهدد سلامة الصحفيين ومصادرهم في الصحف او على الانترنت بل انها تقوض قدرة جميع الناس على الاستفادة من “الإنترنت” المجاني والمفتوح.
الامل كبير في ان يكون العام المقبل اكثر امانا للصحافيين وان يشهد تطورا ونهوضا بحرية وسائل الاعلام على ان يساعد ذلك المجتمع العربي والشباب في احداث تغييرات اجتماعية وسياسية كبيرة بأنْ تقوم وسائل الاعلام على حق كل فرد في حرية الرأي والتعبير عن افكاره علنا وهو حق يشمل التعبير عن كل جوانبه دون تدخل وبنفس الوقت دون تجريد للآخرين.
لقد اوضحت ثورات الربيع العربي التي شهدتها بضع دول شقيقة اهمية الاعلام وتكنولوجيا المعلومات في ان تلعب دورا ديناميكيا لتسليط الضَّوْء على هذه الاحداث بل ومكنت الشباب من المشاركة في حرية التعبير وعن تطلع مختلف المجتمعات الى حياة اكثر اشراقا وتقدما سواء في القضايا السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية بل واسهمت الصحافة في تعزيز شعور المواطنين في كل انحاء العالم بالهوية والانتماء؛ وهذا يؤكد بصورة لا تقبل الشك بان الفكرة التي يناصرها اليوم العالمي لحرية الصحافة منذ عشرين عاما ومفادها ان حرية وسائل الاعلام تشكل جزءا من مجموعة حقوق الانسانية الاساسية التي لن يألو الناس جهدا للنضال من اجلها ستظل المشعل الرئيس لانشاء صحافة مستقلة وقائمة على التعددية وحرية وصون نشاطاتها بغية تجسيد الديمقراطية الحقيقية وتحقيق التنمية الاقتصادية والحفاظ على الصحافة عبر بيئة آمنة وحماية الصحفيين في هذا العالم. رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية