رمضان الرواشدة
الانحياز الملكي كان واضحاً للمبادئ الدستورية التي تحكم العملية السياسية في الأردن دون أي التفات إلى رغبات الكثيرين الذين كانوا يودون سيناريوهات اخرى - غير ما حصل - وذلك لصالح بقاء مجلس النواب واتباع سيناريو مجلس يسلم مجلساً وما يعنيه من بقاء الحكومة وذلك لصالح أجنداتهم الخاصة.
الإرادة الملكية بحل المجلس النيابي كانت في محلها وتوقيتها، حيث لا يجوز بأي حال أن يترشح النواب وهم في موقع المسؤولية بما يعنيه ذلك من امتيازات لهم على غيرهم من المرشحين الذين جهروا بالشكوى من تمييز في المعالمة لدى السلطة النتفيذية واذارعها.
ما حدث من حل «النواب» وإعادة تشكيل مجلس الأعيان ورحيل الحكومة حكماً حسب منطوق الدستور الأردني، هو رؤية استشرافية لجلالة الملك يجدد من خلالها النخب السياسية - التي تكلّست حول مصالحها الخاصة - بما يعني ذلك من تجديد لدماء السياسيين والنخب خلال الاربع سنوات القادمة.
لقد جاءت تشكيلة مجلس الأعيان ممثلة للطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي الأردني حيث غلبت على المجلس الوجوه الجديدة إذ دخل 44 عيناً جديداً إلى المجلس الذي يترأسه الرئيس المخضرم فيصل الفايز، وهذا بحد ذاته نقلة نوعية سنرى آثارها في اداء «الأعيان» في المرحلة المقبلة.
في المقابل فان الحكومة الجديدة بما سيكون فيها من وجوه جديدة وبعض الخبرات من حكومات سابقة ستكون ايضا ذات بعد تجديدي في السياسة المحلية الاردنية واغلب الظن أن من سيشكل الحكومة سيراعي المتغيرات في الاعيان وكذلك سيراعي وجود مجلس نيابي جديد مختلف كثيراً عما سبقه حسب ما يفيد اصحاب الاستطلاعات.
في محطة اخرى سيكون مجلس النواب القادم ذا صبغة تجديدة إذ لا يتوقع الخبراء عودة الاكثرية من النواب حيث سيكون التغيير واضحا في هذا المفصل الدستوري المهم وحتى لو عاد نصف النواب فأن النصف الآخر سيكون من الشخصيات الوطنية الجديدة وهذا يعتمد على الشباب، على الرغم مما اظهره مركز الدراسات في الجامعة الاردنية من عزوف لدى الشباب على الانخراط في العملية الانتخابية.
في المجمل فان رؤية جلالة الملك للأوضاع الداخلية المستقبلية ولأوضاع الاقليم والبعد الدولي في علاقات الاردن ستكون مرتكزا مهما لغاية اختيار رئيس واعضاء الحكومة القادمة التي من المتوقع ان تظهر للعلن خلال الثماني والاربعين ساعة القادمة.
واعتقد ان رئيس الوزراء القادم سيراعي في اختياراته لوزرائها كل هذه المتغيرات في السياسة
المحلية وتجديد الطبقة السياسية وكذلك سينظر الى خلفية فريقه الوزاري حتى لا يكون عبئا عليه وعلى المرحلة التي نريد لها ان تكون الافضل ونحن على ابواب الدخول في المئوية الثانية للدول الاردنية.
في المحصلة جاءت الاستحقاقات الدستورية بحل النواب وإعادة تشكيل الأعيان، وتشكيل حكومة جديدة انحيازاً واضحاً لما عبرت عنه الأغلبية الشعبية عبر كثير من المقالات والتحليلات في المواقع الإعلامية المختلفة وعلى كل وسائل «السوشال ميديا» وليست هذه هي المرة الأولى التي ينحاز فيها الملك إلى نبض الأغلبية.