بقلم : عبدالله محمد القاق
يمثل فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبنان هو سمير جعجع خلفا للعماد الرئيس ميشال سليمان يمثل ضربة قاسمة لفريق 14 اذار ا الذي يدعم هذا المرشح قاتل رئيس الوراء اللبناني الاسبق رشيد كرامي . ان ما حصل في مجلس النواب هو الحد الأقصى الممكن من "اللبننة" للانتخابات الرئاسية. هذا هو المدى الذي يستطيع أن يصل إليه اللبنانيون لوحدهم، من دون مساعدة "صديق". جلسة مكتملة النصاب، لكنها منقوصة التوافق، والنتيجة عرض إضافي من انتاجات "تلفزيون الواقع"، أتاح للمشاهدين بعض التسلية، ولكنه لا يقدم ولا يؤخر في انتخاب الرئيس الذي يُصنع اسمه في أمكنة أخرى. ربما ستطرأ خلال الأيام المقبلة بعض التعديلات على التضاريس المحلية لـ"الجغرافيا السياسية" المتصلة باللعبة الانتخابية، كما تقول جريدة السفير اللبنانية غير انها لن تكون حاسمة في بلورة هوية الرئيس المقبل، لا الأربعاء المقبل، ولا في أي أربعاء آخر، إلا إذا حصلت معجزة سياسية، تبدو مستبعدة في ظل توازن القوى الداخلي الذي يتيح لكل من فريقي "8 و14آذار" التحكّم بنصاب الدورة الثانية للانتخاب (86 نائبا)، وإن تكن أكثرية 65 نائبا تصبح كافية للفوز بالرئاسة في هذه الدورة. ومن شأن هذه القدرة المشتركة على تعطيل نصاب الدورة الثانية أن تجعل أي مرشح محكوماً بالحصول على تأييد واحد من فريقي "8 و14آذار"، زائداً كتلة واسعة من الفريق الآخر للوصول الى قصر بعبدا، وهو الأمر الذي لا يبدو متوافراً في الوقت الحاضر لأي من المرشحين المعلنين، وفي طليعتهم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، إلا إذا استفقنا غداً وقد سقط النظام السوري ووصلت "داعش" الى السلطة في دمشق، وهاجمت الولايات المتحدة إيران، واجتاحت اسرائيل الأراضي اللبنانية وصولاً الى الضاحية الجنوبية، وأصبحت السعودية اللاعب الاقوى في المنطقة... عندها، قد تصبح فرص جعجع بالرئاسة أكبر مما هي عليه حالياً. في الواقع أن الـ48 صوتاً التي نالها جعجع في الجلسة الانتخابية كانت كافية له، للإعلان عن "انتصار رمزي"، تمثل في دخوله الى نادي "مرشحي رئاسة الجمهورية"، وظهوره كمرشح وحيد لقوى "14آذار"، ولو في الدورة الاولى. والفضل في هذا الانتصار يعود بشكل اساسي الى "كتلة المستقبل" التي سبحت في عكس المزاج الإجمالي للشارع السني عموماَ، والطرابلسي خصوصا، ومنحت حليفها المسيحي "حصانة" عابرة لماضيه، ولملفات ضحاياه، الأحياء منهم والشهداء. يتجنب عون أن يحرق "ورقته" في الوقت الضائع. هو يعرف أن الانتخابات الفعلية لم تنطلق بعد، وقد لا تبدأ قبل 25 أيار. لا يبدو الجنرال مستعجلاً، ولا بأس إن استغرق الحوار الهادئ مع "تيار المستقبل" وعمقه السعودي بعض الوقت، ولا بأس أيضاً إن قاد هذا الحوار الى تقديم بعض التنازلات المدروسة، إذا كان من شأن ذلك ان يمهّد الطريق أمام انتخابه رئيساً للإنقاذ وليس لإدارة الازمة. ...ويبقى النائب وليد جنبلاط الذي أحسن التعامل مع "الوقت الضائع"، بترشيح النائب هنري حلو الى الرئاسة. نال حلو 16صوتاً، استطاعت أن "تشوّش" بعض الشيء على جعجع، وأن تمنح مخارج للراغبين في التفلّت من إحراج الخيارات الأخرى، والأهم أن حلو رفع سعر بيضة القبان الجنبلاطية، متى حان أوان التسوية. الانتخابات الرئاسية ستستأنف اليوم وقد يكون نصيب العماد ميشيل عون الاكثر في المرحلة المقبلة قبل 25 ايار وهو الاستحقاق المنشود للرئاسة اللبنانية