فهد الخيطان
الجدل حول مصير الانتخابات النيابية المقبلة محتدم هذه الأيام ويتركز بشكل أساسي حول موعد إجرائها ليس إلا خيار التمديد للمجلس الحالي استبعد مبكرا. جلالة الملك عبدالله الثاني كان واضحا وقاطعا عندما أكد في أكثر من مناسبة التزامه بإجراء الانتخابات النيابية كاستحقاق دستوري لايؤثر على موعده سوى الوضع الوبائي في المملكة.
في الأشهر الأربعة الماضية اختبرت مؤسسات الدولة أشكالا غير مسبوقة لإدارة حياة مواطنيها وتنظيم شؤونهم، فكانت تجارب التعليم عن بعد والعمل من المنزل، وحظر التجول، ثم العودة إلى الحياة بشكل شبه طبيعي، وسط تدابير صحية حققت التوازن بين الاعتبارات الصحية والاقتصادية.
الهيئة المستقلة للانتخاب، أدركت في وقت مبكر الحاجة لمواءمة تعليماتها الخاصة بالعملية الانتخابية مع المتغيرات التي فرضتها أزمة كورونا، وانجزت كل ما ينبغي أن تنجزه لضمان إجراء انتخابات تنسجم وقواعد التباعد الاجتماعي، حتى في ظل التراجع الكبير في أعداد الإصابات المسجلة في الأردن وانخفاض مستوى الخطر إلى درجة قليلة نسبيا.
وخلال مشاركته بندوة إلكترونية قبل يومين أكد رئيس الهيئة الدكتور خالد الكلالدة أن هناك سبع مراحل إجرائية للعملية الانتخابية، تم مواءمة خمسة منها بإضافة مفهوم “عن بعد”، من خلال تعديل التعليمات، ناهيك عن التوسع في أعداد مراكز الاقتراع للتخفيف من الاكتظاظ.
وثمة الكثير من التفاصيل في هذا الصدد يمكن أن تكشف عنها الهيئة المستقلة في الأيام المقبلة.
في أزمة كورونا قدم الأردن نموذجا فريدا في إدارة الأزمة، وهو أمام فرصة ثانية لتقديم تجربته في إجراء انتخابات نيابية رغم ظروف الجائحة التي أصابت العالم، وتأكيد التزامه بالاستحقاق الديمقراطي.
وبالمناسبة دول عديدة في العالم تفوقنا بعشرات الأضعاف في أعداد المصابين، نظمت انتخابات تشريعية وسط تدابير صحية منحت جميع مواطنيها حق الإدلاء بأصواتهم. فرنسا تجري اليوم المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية وروسيا نظمت استفتاء ضخما على تعديلات الدستور، رغم الإصابات الكثيفة بالبلدين، مثلما اجرت آيسلندا انتخابات رئاسية بنسب مشاركة عالية.
الولايات المتحدة التي تتصدر قائمة إصابات ووفيات كورونا، تمضي في حملاتها الانتخابية استعدادا للانتخابات الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
المرحلة المقبلة تتطلب وجود مجلس نيابي قادر ومؤهل على حمل مسؤولياته للتعامل مع تحديات مرحلة ما بعد كورونا وتداعياتها الكبيرة على اقتصاد بلادنا وحياة مواطنيها.
إن تجربتنا مع المجلس السابق ينبغي أن لا تفقدنا الثقة بدور السلطة التشريعية في إدارة شؤون الدولة، والأشهر المقبلة حافلة بالتطورات والأحداث المصيرية التي تستدعي وجود ممثلي الشعب في مواقعهم للمساهمة في إدارة مصالح الوطن والدفاع عنها.
الهيئة المستقلة للانتخاب قادرة وواثقة من نفسها وتستطيع تحمل المسؤولية في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وصحية إيضا.
بقي الإشارة هنا إلى ما قاله الدكتور الكلالدة عن خطأ شائع على لسان ساسة وفي وسائل الإعلام عن”حكومة تشرف على الانتخابات”، والصحيح ان الانتخابات شأن لاعلاقة للحكومات فيه أبدا لا إشرافا ولا تنظيما. القرار بإجراء الانتخابات حصرا بيد جلالة الملك حسب الدستور، وتنظيمها والإشراف عليها حصرا من مسؤوليات الهيئة المستقلة للانتخاب،”الحكومة ما إلها دخل”.
(الغد)