الشاهد -
ناصر لافي
وصف الملك عبدالله الثاني خلال لقائه مع السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية) الأحد "الوطن البديل" بالوهم، متهماً "مجموعة" لم يحددها بالسعي إلى "الفتنة" وهدد بالكشف عنها. وضمنيا انطوى حديث الملك على "توبيخ" لكل الذين يحاولون تحقيق أهدافهم عبر تخويف الشعب الأردني . وبصرف النظر عن تقييم بواعث الحديث عن "الوطن البديل" واحتمالات حدوث مثل هذا التهديد وما إذا كان هنالك مبررات للقلق بالتزامن مع ما يجري من حراك "غامض" على صعيد التسوية في ظل تلعثم بعض المسؤولين وصمت بعضهم الآخر، فإن التخويف وعلى هذه الخلفية بالتحديد صناعة رسمية بالدرجة الأولى، وهناك مئات الأدلة التي تؤكد ذلك، أكثرها وضوحاً الحملات المبرمجة لإسكات دعاة الإصلاح و"شيطنة" من يطالبون بالديموقراطية ووقف الفساد. وما لا يقال في العلن يقال في الجلسات المغلقة، وهو أن بعض الأجهزة الرسمية مارست وتمارس التخويف من "الوطن البديل" لأغراض سياسية وأمنية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالإصلاح، وتسوّق في كثير من الأحيان ذلك على أنه خدمة للنظام، فقد استخدم التخويف من "الوطن البديل" لفض الاعتصامات ومهاجمة المعارضين وتبرير القوانين السياسية وتحطيم القوى المدنية الناشئة وفي حملات تستنهض الناس للمشاركة في انتخابات "مقولبة".وهكذا تحولت القصة بمرور الوقت إلى "أداة سحرية" لاحباط أي حراك مجتمعي بغض النظر عن توجهاته وأهدافه. لمن يريدون لـ"الوطن البديل" أن لا يتحقق بالفعل، التوقف عن سلب السلطة وجر الناس بولاءات أولية، فعندما يختار المواطنون حكومتهم بطريقة ديموقراطية كاملة، لن يجرؤ المسؤولون المستندون إلى شرعية شعبية على مجرد التفكير في اقتراف أي جرم بحق الوطن، أما أولئك الذين لا يختارهم الشعب فيعلمون تمام العلم أن إرادة الناس ورغباتهم ومخاوفهم لا وزن لها. الخطاب الملكي يدعو إلى وقف التخويف كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، وهنا فالمعنيون على الأرجح جهات أو أشخاص رسميون وغير رسميين. وهي دعوة إلى التفتيش عن "الفزاعات" في منظومة من ادارة الشأن العام، فمنذ 50 سنة لا برنامج رسمياً يستخدم في حكم الناس في الأردن سوى تخويف مكونات المجتمع من بعضها