احمد عبد الباسط الرجوب
تتسارع تواتر الاخبار من غرب وشرق المعمورة بالحديث عن خطة الضم التي سيقوم عليها بنيامين نيتنياهو رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني لابتلاع المزيد من الاراضي الفلسطينية والتي تندرج ضمن مشروع ' صفعة القرن ' التي اهداها تاجر العقارات الرئيس الامريكي ترامب لدولة الاحتلال الجاثم على ارض فلسطين التاريخية من البحر الى النهر ، وهذه الخطة التي تتطابق مع وعد بلفور المشؤوم من حيث تمكين الصهاينة على ارض فلسطين ، وهو الموقف الذي عبر عنه الاتحاد الاوروبي ، والذي شدد على تمسك الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين، معتبرين أن خطة السلام الأميركية التي اقترحها الرئيس ترامب مخالفة للمعايير الدولية ، وفي هذا السياق فقد شكلت خطة ترامب تحدياً مصيرياً للامة جميعاً من المحيط الى الخليج، لأنها تهدف إلى تصفية المسألة الفلسطينية وترمي الى تأبيد الاحتلال الصهيوني لفلسطين والجولان وأجزاء من لبنان ولتسييد الصهاينة على أمتنا…
نتحدث اليوم وقبل أقل من عشرة ايام من الموعد النهائي الذي حدده رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو في الأول من يوليو/ تموز لبدء العملية، وللاشارة بانه في نهاية أبريل/نيسان 2020، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع زعيم حزب ' أزرق أبيض ' بيني غانتس، على أن تبدأ عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية أول يوليو/تموز المقبل، وتشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية ، وكان نتنياهو قد تعهّد بالالتزام بالموعد حتى الآن، على الرغم من التحديات اللوجستية والضغوط المتزايدة من أوروبا وأجزاء من العالم العربي وداخل ائتلافه الحاكم ويخطط الكيان الصهيوني لضم أكثر من 130 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن الذي يمتدّ بين بحيرة طبريا والبحر الميت، ويعيش في هذه المستوطنات التي يعتبرها الفلسطينيون والمجتمع الدولي غير قانونية، أكثر من 600 ألف صهيوني... وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
اردنيا يقود جلالة الملك عبد الله الثاني حملة دبلوماسية دولية ضارية ضد الخطط الصهيونية للبدء بضم مستوطنات الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن، بموجب «صفقة القرن»، ونقل هذه القضية إلى المشرعين الأميركيين في عدد من الاجتماعات التي عُقدت عبر «تيلي كونفرنس» هذا الأسبوع ... فقد حذّر جلالة الملك عبد الله الثاني، قادة الكونغرس والنواب الامريكين من أن خطة «الضم» ستؤثر على الحياة اليومية للفلسطينيين، وأنه «يخشى من أن يؤدي ذلك إلى تطرف الفلسطينيين وتمكين المتطرفين العنيفين وكما تضر بقدرة الكيان الصهيوني على تطبيع العلاقات مع بقية بلدان المنطقة...
وفي اصرار اردني على اظهار خطورة التوجه الصهيوني لعملية الضم فقد بين الملك عبد الله الثاني في مقابلة له مع مجلة دير شبيغل الألمانية قبل اسبوعين بأنه لا يريد إطلاق التهديدات أو تهيئة الأجواء للخلاف والمشاحنات، مضيفا أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد الذي سيمكّـن من المضي قدما في احراز سلام دائم على ارض فلسطين ، محذرا من المزيد من الفوضى والتطرف في المنطقة إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية، وقال إنه يتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة يجب ألا يطبق في الشرق الأوسط ، ... وفي نبرة معبرة عن القلق الاردني تجاة هذه القضية قال الملك عبد الله الثاني إنه إذا اقدمت إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية فإن ذلك سيؤدي إلى صدام كبير مع بلاده، مشددا على أن الأردن يدرس جميع الخيارات إذا جرى الضم...
يجدر القول بأنّ صفقة القرن تشكل تحدياً مصيرياً للامة العربية جمعاء ، لأنها تهدف إلى تصفية المسألة الفلسطينية وترمي الى تأبيد الاحتلال الصهيوني لفلسطين والجولان وأجزاء من لبنان ولتسييد الصهاينة على أمتنا…لذا، فإنّ المسؤولية هي مجابهة هذا التحدي والقيام بكلّ الخطوات العملية لإسقاط هذه الصفقة، وفي هذا المجال فإنّ الموقف الفلسطيني رفضاً لهذه الصفقة، يعبّد الطريق لخطوات وقرارات جادة وفاعلة لإنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية على أساس الخيارات والثوابت الوطنية يكون مرتكزها المقاومة سبيلاً لتحرير فلسطين كلّ فلسطين. وهذا يعني إسقاط الاتفاقات الأمنية مع العدو الصهيوني، لا بل إسقاط ' أوسلو ' برمّته...
وفي هذا السياق القاتم لما ستؤول اليه حال المنطقة امام اصرار هذا الصلف الصهيوني الذي يتزعمه المدعو نتينياهو ، فإن الشعوب العربية وقواها من المغرب العربي ومشرقه، من اليمن إلى العراق وتونس والمغرب ولبنان والشام، وحتماً فلسطين، مدعوة للتظاهر رفضا لهذا الضم وسرقة الارض العربية والرافض مجددا لصفقة ترامب المشؤومة ، وامام هذا المشهد فإنّة يتوجب على جميع القوى والأحزاب والمنظمات والمؤتمرات الدعوة إلى الفعاليات والمسيرات والاعتصامات والعمل دعماً لفلسطين ولشعبها الصامد والمضحّي والقابض على الجمر ... هذا الموقف العربي المطلوب اليوم وقبل غدا من شانه تقديم الدعم لشعبنا في فلسطين وقضيته العادلة ورفض التبعية للمشروع الأميركي الصهيوني، كما تجلى تمسكاً بخيار المقاومة الشاملة لاستعادة الحقوق القومية والوطنية، وتحرير الأراضي المحتلة من رجس الاحتلالين الأميركي والصهيوني ومن سائر الجيوش الأجنبية والعمل لإخراجها من المنطقة وصون سيادة امتنا على ترابها وثرواتها...
أمّا الدول والمنظمات لا سيما العربية منها، والتي تهرول باتجاه التطبيع مع العدو الصهيوني وتخضع بالكامل للإملاءات الأميركية، فهي تساهم لا بل تضع المقدمة الأساس لإنجاح صفقة ترامب. وهنا فإنّ دور الشعوب العربية أساسيّ ومحوريّ وهي مطالبة بالوقوف سداً منيعاً بوجه اشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ، لان اي شكل من التطبيع فنه محاولة لحرف الصراع عن وجهته الطبيعية الأصلية وخلق أعداء وهميين لأمتنا وعالمنا العربي. ومسؤولية شعبنا وكلّ الشعوب العربية وأن نرسخ حقيقة أن ' ليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وحقنا ووطننا ' إلا الصهاينة ورعاتهم ...
ختاما نقول ... كلنا ثقة بأنّ شعبنا الفلسطيني البطل الذي يدافع عن وجود امتنا العربية والمتمسك بخيار المقاومة سوف يرفع رايات العزة والكرامة فوق ربوع فلسطين ' كل فلسطين من البحر الى النهر ' بفضل الدماء الزكية التي يقدّمها الشهداء لتروي تراب أمتنا وتزهر نصراً وتحريراً من محيطها الى خليجها...
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com