الشاهد - ربى العطار
تصوير :يونس الطراونة
الصمادي:
تجاوب وزارة الصحة في التعامل مع كورونا يرقى لمستوى المسؤولية
التلفزيون الأردني كان من أكثر وسائل الإعلام تقصيراً في التعامل مع الأزمة
هناك صفحات في السوشيال ميديا تبحث عن سبق صحفي على حساب المصلحة الوطنية
مشكلة الحكومة أنها غير شفافة ولا تجيد سوى التنظير والتسويف
موازنة العام القادم ستشهد عجزا مضاعفا إذا تم تخصيص مبالغ احتياطية لمواجهة كورونا
اقتصادي بارع، ومحلل استراتيجي له صولات وجولات في ميدان الاقتصاد والسياسة، وصاحب أثر وبصمة في أروقة التخطيط والقطاع العام، وحتى الزراعة، معالي الدكتور تيسير الصمادي ضيف صحيفة الشاهد، للحديث عن عدة محاور تتزامن مع ما يمر به الأردن من إرهاصات الأزمة الاقتصادية والصحية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، وتقييم أداء الحكومة خلال الفترة الماضية وخلال الفترة الحالية.
تجاوب وزارة الصحة لاحتواء كورونا مقبول ، لكن فجوة الثقة الواسعة بين الحكومة والشارع لم يحقق التجاوب المنشود
فيروس كورونا لا يتعلق بوجود الفيروس من عدم وجوده، أنما يتعلق بالاجراءات الكفيلة باحتوائه وعدم انتشاره على نطاق واسع، والاجراءات التي قامت بها وزارة الصحة منذ الاعلان عن أول حالة هي اجراءات مقبولة، وتشكر عليها الوزارة في ظل الامكانات المتاحة وقلة الخبرات في هذا المجال كون الفيروس الذي يتم التعامل معه هو فيروس مستجد.
وربما كان هناك فجوات أو أخطاء لكن تجاوب وزارة الصحة كان يرقى لمستوى المسؤولية، ولا يعني بالضرورة أن الصورة كانت سلبية، فعلى العكس، بذلت وزارة الصحة والكوادر الصحية جهوداً مضنية خلال الفترة الماضية، وكان هناك تواصل مع المواطنين ومع الشارع، ومع وسائل الإعلام من خلال المؤتمرات الصحفية.
وعلى المستوى العام تواجه الحكومة الحالية بالذات فجوة الثقة الواسعة بينها وبين الشارع، في ظل تركيز الحكومة على التنظير على حساب العمل على أرض الواقع، وربما هذا لم يحقق التجاوب المنشود مع قرارات الحكومة وتصريحاتها حول الاجراءات الاحترازية من فيروس كورونا بالشكل المطلوب ، لكن على مستوى وزارة الصحة فاداؤها مرضي ومقبول ومنسجم مع المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.
عندما قامت الحكومة بالإعلان عن حزمة القرارات والاجراءات الاحترازية بعد شفاء أول حالة مصابة بالفيروس، تزامن ذلك مع الكشف عن ست حالات جديدة مما أثار تساؤلات وشكوك بأن الحكومة على علم بوجود اصابات بالفيروس، لكنها كانت تحاول تهيئة المجتمع والرأي العام حتى لايكون هناك صدمة للناس، ومنهم من اعتبر ذلك ايجابياً ومنهم من عارض هذا التوجه باعتباره يخالف معايير الشفافية، وعلى الرغم من ذلك فنحن نتطلع لزيادة الكفاءة في المجال الصحي وغيره من المجال وأن تتظافر جميع الجهود لاحتواء فيروس الكورونا.
إذا استمرت الاجراءات الاحترازية لاحتواء كورونا فمن الممكن أن يتراجع النمو الاقتصادي إلى 50%، وستشهد موازنة العام القادم عجزا مضاعفا
إن تأثير انتشار الفيروس سيؤثر بشكل كبير على كافة المستويات، فعلى الصعيد الاجتماعي فالتجمعات في الأفراح والأتراح والمناسبات المرتبطة بالمبادرات المجتمعية والمؤتمرات قد يتم الغاؤها وتأجيلها وفي هذا مصلحة عامة خوفاً من انتشار العدوى.
أما على الصعيد الاقتصادي، فانتشار الفيروس والاجراءات الاحترازية لاحتوائه ستنعكس سلبياً على قطاعات كثيرة ابرزها القطاع السياحي الذي تلقى ضربة قاصمة، والسياحة من القطاعات التي تشكل دافعة للنمو الاقتصادي وتؤثر على انتعاش أو انتكاس قطاعات اخرى مثل قطاع المطاعم والفنادق وقطاع النقل الذي هو أيضاً سيتلقى خسائرفادحة.
وجميع الاجراءات الحالية بطبيعة الحال ستؤثر على تراجع الايرادات خاصة ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، وستترك تأثير سلبي على النمو الاقتصادي المتدني أصلاً، ويعاني من تباطؤ مستمر، واذا استمر انتشار الفيروس وبقيت الاجراءات الوقائية والاحترازية المتخذه لاحتوائه مستمرة من الممكن أن يتراجع النمو الاقتصادي من 40 إلى 50% .
بالإضافة إلى أن موازنة العام القادم ستشهد عجزا مضاعفا عن السنة الحالية، بسبب تراجع الايرادات وزيادة النفقات، من خلال تخصيص مبالغ احتياطية لمواجهة هذه الأزمة.
أما القطاع المصرفي فسيتأثر من خلال عدم قدرة الشركات المتأثرة من الوفاء بالتزاماتها المالية واقساطها المستحقة على البنوك وشركات التمويل.
كما ستتأثر القوة الشرائية وتنخفض أكثر في ظل تدني الدخول وارتفاع المستوى المعيشي.
وهناك ملاحظة يجب أن أشير إليها، فعندما اعلنت الحكومة عن مختبرات طبية خاصة معتمدة لإجراء فحص الكورونا تبين بأن تكلفة الفحص في تلك المختبرات مرتفعة وقد تصل إلى 70 دينار، بينما تشير التحليلات إلى أن التكلفة أقل من هذا الرقم، لذلك يجب على تلك المختبرات أن تراعي الظرف القائم وتنظر إلى التعرفة بما يتناسب مع المستوى المعيشي للمواطن الأردني.
التلفزيون الأردني كان من أكثر وسائل الإعلام تقصيراً في التعامل مع أزمة كورونا، ومواقع التواصل الاجتماعي رفعت منسوب الرعب بين المواطنين
أما عن تعامل وسائل الإعلام مع أزمة فيروس كورونا، فأرى بصراحة أن التلفزيون الأردني كان من أكثر وسائل الإعلام تقصيراً في التعامل مع الأزمة، وتغطيته للحدث ليست بالمستوى المطلوب، لكن هناك وسائل إعلام أخرى تناولت الموضوع بما يستحقه من اهتمام .
أما وسائل التواصل الاجتماعي فلا يوجد عليها سيطرة وساهمت في خلق بلبلة، فهناك صفحات تبحث عن سبق صحفي على حساب المصلحة الوطنية، وكان هناك الكثير من الإشاعات والأخبار الكاذبة .
وأود من خلال صحيفة الشاهد وموقعها الالكتروني أن أوجه نداء للمواطن الأردني بأن يبتعد عن القص واللصق عند نشر الخبر، لما له من تأثير كبير يساهم في خلق حالة من البلبة ويرهق أجهزة الدولة ويرفع منسوب الذعر بين الناس.
وبالرغم من فجوة الثقة بالحكومة إلا أن الظرف يحتم علينا الالتزام بما يصدر عنها من تصريحات وقرارات.
موازنة عام 2019 كانت الموزانة الأسوأ في التقديرات للايرادات والنفقات
مشكلة الحكومة أنها غير شفافة، فبعد اطلاعي على تقارير الربع الأول والربع الثاني من انجازات الحكومة، لاحظت بأنها اعتبرت النشاطات والمدخلات انجازات، وهي ليست كذلك، مما يعني أن الحكومة لاتميز في تقييمها للأداء بين المدخلات والنشاطات وبين المنتج، وهذا يعتبر من ابجديات التقييم، لكن يبدو أن القائمين على هذا التقييم لا يفهمونه، علاوة على ذلك تم اصدار تقرير نهائي دون اصدار تقرير الربع الثالث، وكان التقرير النهائي مليئاً بالتعقيد لا يفهمه إلا المتخصصين، حتى لايستطيع الجميع ابداء رأيه أو التعليق على ما جاء فيه.
وعندما صرحت الحكومة عن برنامج عملها لم يتطرق رئيس الوزراء بالحديث عن معدلات الفقر والبطالة ولا عن الدين العام، وتحدث بإسهاب عن موازنة عام 2020 ولم يتطرق بالحديث عن موازنة عام 2019 والتي كانت الأسوأ من حيث التقديرات سواء الايرادات أو النفقات، بالرغم من حديثنا عن خطأ الأدوات التقشفية والجبائية التي ستؤدي إلى انكماش اقتصادي وتراجع في معدلات النمو الاقتصادي، مما ينعكس سلبياً على الايرادات المحلية، فكان هناك فرق كبير بين الارقام المستهدفة والأرقام المتحققة.
الحكومة لاتجيد سوى التنظير والتسويف، واثبتت أنها غير كفؤة في مواجهة الأزمات.
الحكومة صرحت بأنها حققت 26% من التزاماتها في عام 2019م، وتعهدت بتحقيق 74% من الانجازات عام 2020، لكن بعد هذه التصريحات بحوالي أسبوع، تحدث رئيس الوزراء عن خطة من 2020 _ 2021 وهذا لا يتيح لنا مراقبة الانجازات والأداء لأن مكونات التزام الحكومة في الخطة تغيرت، وللأسف هذه الحكومة لا تجيد سوى التنظير والتسويف، لكنها لا تستطيع خداع الناس فهناك مختصون يتابعون الأرقام ويفهمونها، ومن الملاحظ أنه لايوجد عقل لدى الحكومة يفكر بمدى استجابة الناس لتصريحات متضاربة تعلن من خلالها الحكومة بأن الاقتصاد يتحسن وتناقضه بتصريح عن تراجع المستوى المعيشي، وحكومة الدكتور عمر الرزاز في بدايتها رفعت سقف التوقعات لكنها أثبتت أنها غير قادرة على مواجهة الأزمات بطريقة كفؤة.
وهناك انتقاد آخر يتعلق بكيفية قيام رئيس وزراء قد يرحل مع حل مجلس النواب في المرحلة المقبلة أن يُلزم الحكومة القادمة بخطة في ظل عمل غير مؤسسي، والدليل على ذلك مشروع النهضة الذي جاءت به حكومة الرزاز وألغى الخطط والاستراتيجيات للحكومات السابقة.
الرزاز دمث وخلوق لكن في موضوع الإدارة والتنفيذ علامته متدنية
المتابع لأداء الحكومة يجب أن يصنف الأداء على قسمين، الأداء الفردي، والأداء الجمعي، وعلى مستوى الأداء الفردي هناك وزراء متحمسون ونشيطون وأصحاب خبرات ولديهم رغبة في الانجاز، لكن للأسف الأداء الجمعي سلبي، وبدلاً من أن تسير بنا حكومة الرزاز على خطى النهضة اصبحت تسحبنا للوراء .
كما أن هناك تصريحات مستفزة مثل تصريحات وزيرة الطاقة المتكررة عن تصدير الكهرباء وعن علاقة اسعار النفط بالمحروقات، وكأن هناك رغبة من الحكومة في الاستفزاز.
الدكتور عمر الرزاز هو شخص دمث، خلوق، ومستمع، لكن في موضوع الإدارة والتنفيذ أعتقد أن علامة الحكومة أقل من 30%.
اللجنة المالية في مجلس النواب يسرت تمرير الموازنة الحالية السابقة ولم تنحز إلى الشارع
سأتحدث بكل صراحة أنه من خلال متابعتي للجنة المالية في مجلس النواب، ودورها في الموازنة العامه، أجدها كانت مُيَّسر للحكومة الحالية والحكومة السابقة في تمرير الموازنة، واعتقد أنها انحازت للجانب الآخر وليس إلى الشارع.
كلمة أخيرة
من خلال موقعكم سأوجه رسالة في ظل الظرف الذي نمر بها مع أزمة الفيروس المستجد كورونا، أن نبتعد عن العادات المجتمعية التي تساهم في انتشار العدوى مثل التقبيل وأن نلتزم بالابتعاد عن التجمعات، وأن لا يقوم مرتادوا مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بتداول اخبار غير موثوقة ومبنية على القص واللصق تسهم في ترويع الناس وتؤثر في المعنويات وتعطل عمل مؤسسات وأجهزة الدولة وتحبط جهودها لاحتواء الفيروس والسيطرة عليه قبل الانتشار.