الشاهد - علي سعادة
طاهر المصري – سيرة ذاتية
1942 ولد في مدينة نابلس.
1965 شهادة البكالوريوس من جامعة تكساس.
1965 عمل في البنك المركزي الأردني.
1973 وزير دولة لشؤون الأرض المحتلة.
1973 عضو مجلس النواب.
1978- 1983 سفيرا لدى إسبانيا وبلجيكا وفرنسا.
1983 مندوباً دائماً لدى اليونسكو.
- 1980 مندوبا لدى السوق الأوروبية المشتركة.
- 1984 مندوبا لدى المملكة المتحدة.
1984 عضو مجلس النواب.
1984 وزير خارجية.
1989 نائب رئيس الوزراء ووزير دولة للشؤون الاقتصادية.
1989 عضو مجلس النواب.
1991 وزير خارجية.
1991 أول نائب يشكل حكومة نيابية.
1993 رئيس مجلس النواب.
1998 عضو مجلس الأعيان.
2002 مفوضا لشؤون المجتمع المدني لدى الجامعة العربية.
2009 رئيس مجلس الأعيان.
2011 رئيس لجنة الحوار الوطني.
نكهة خاصة في السياسة الأردنية مشبعة برائحة الصابونة النابلسية، أو طبق من الكنافة النابلسية غارقة بالقطر.
حين خرج من جلباب الحكومة لم يلبس عباءة المعارضة بصورة المعارض الذي تحمله الجماهير على الاكتاف، بقي قريبا، حتى وإن ابتعد عن المنصب، من القصر في رغدان وقريبا أيضا من الناس.
في جميع الأحوال بقي أردنيا فلسطينيا، عربي الهوى، قومي الفؤاد والروح، يحترمه الأردنيون في زمن صعب وغاضب قل فيه الرجال.
ناعم في معارضته، وناعم أيضا في ولائه
إذا حاول الحكم الإمساك به ووضعه تحت جناحه، ينزلق من بين أصابعه مثل «الصابون النابلسي»، وإذا حاولت المعارضة استمالته إليها ينسحب بأدب كجنتلمان يرتدي السموكنغ في حفلة سواريه ويغلق زر الجاكيته بوقار.
يقول إنه «لم يلمس هو أو أي من أولاده فلسا واحدا من المال العام طوال فترة حياته»، مشيرا إلى أنه لم يتقاعد من السياسة بل «تقاعد من المناصب السياسية فقط».
لغته في الحديث مع زواره بسيطة قريبة من النفس، اللهجة النابلسية المحببة تجعله أقرب إلى شخصية كبير العائلة، ورغم أنه من عائلة من التجار إلا أنه لم يمارس التجارة نهائيا، وحين يتحدث عن العلاقة الأردنية الفلسطينية يستحضر الجغرافية والتاريخ وكأنهما طبق من الفاكهة، أو الكنافة الساخنة وأحيانا عودا من الكبريت حرفة العائلة القديمة.
يبقي على شعرة معاوية مع الحكم والمعارضة فإن أرخوا شد وإن شدوا أرخى.
يرفض تصنيفه في أحد المعسكرين: الليبرالي أو المحافظ، يفضل أن يكون: «رجل وطني بامتياز ولن يؤثر بي جميع محاولات القول بأنني من الحرس القديم».
تعب من السياسة، رغم أنه يبدو أحيانا وكأنه يمارس «الحرد السياسي»، خصوصا حين تتخذ الدولة قرارات غير شعبية، أو تسن قوانين غير عصرية تعيد الديمقراطية الأردنية الهشة إلى الوراء.
إبعاده عن مجلس الأعيان كان صدمة له وللأردنيين، رغم أنه يفسر ذلك بأنه «ليس إقصاء ولا إبعادا، إنما هي خروج طبيعي»، متسائلا: «كيف يكون ذلك إقصاء بعد خدمة 45 عاما في الخدمة العامة!».
بدأت كل الأحداث في مرحلة مبكرة من حياته، النيابة والوزارة وسجن والده في فلسطين، قبل أن يصبح هو نفسه رئيسا للوزراء ورئيسا لمجلس الأعيان ورئيسا لمجلس النواب.
لا يترك طاهر المصري الباب مواربا، ويرفض أن يبقى باهتا لا أردنيا ولا فلسطينيا، مواليا أو معارضا، لا ينكر أبدا أصله الفلسطيني وهو معترف بذلك ويعتز به، غير أن تفاعله مع القضية الفلسطينية ربما «يزيد شوية صغيرة عن كل الأردنيين». الأردنيون هكذا، يتعاملون مع القضية الفلسطينية كقضية تخصهم، تخص أمنهم، تخص المستقبل الأردني.
سليل عائلة نابلسية عريقة، ولد في نابلس عام 1942، وشاء قدره أن يضيف إلى أردنيته وفلسطينيته انتماء لبنانيا عبر والدته ابنة آل الصلح العائلة اللبنانية العريقة. كان جده رجلا ثريا يملك مصنعا لعود الكبريت تم استيراده من ألمانيا في الثلاثينيات، كما اشتغل الجد بالحبوب والأغنام، وامتلكت العائلة مصبنة.
وبعد حرب أيار عام 1948 انقطع عن زيارة الأهل عشرين عاما، توفي والده وهو في الغربة ولم يستطع المشاركة في جنازته لأنه كان وزيرا لخارجية الأردن، لكنه زار بيت العائلة بعد اتفاقية «السلام الأردنية الإسرائيلية».
وهناك تذكر الدار بمخيلة طفولته. يقول: «بيت أهلي، فكرته قصر على معايير زمان، لقيته بيت عادي مش إشي، لكن سعدت أني رجعت لأن هناك ولدت وهناك نشأت، مشيت في نابلس أتذكر كيف كانت حرة، كيف كانت عربية».
الصور المحفورة في ذاكرة «أبو نشأت» حين تفتحت عيناه على المظاهرات ضد المستعمر والمحتل تارة، وعلى الحركات القومية والعربية تارة أخرى.
كان عمره 16 سنة عندما سجن والده، إذ بعد إعلان الأحكام العرفية واستقالة حكومة سليمان النابلسي، كانت نابلس معقلا للحركة الوطنية الأردنية في ذلك الوقت، واعتقل كثير من زعامات نابلس منهم والده الذي وضع بالسجن، ثم في فترة لاحقة وضع في سجن الجفر، ثم أعيد مرة أخرى ووضع في إقامة جبرية ثم حبس، «ثلاث مرات كلها حبوس سياسية وليست جنائية» على حد قوله.
ساعده الحظ، ربما، وفقا لروايته، في تبوؤ مركز وزاري في حكومة الرئيس زيد الرفاعي الذي يعتبره صديقا شخصيا أيضا، ومعها بدأ الانطلاقة الحقيقية في حياته السياسية.
أصبح وزيرا وعمره 31 عاما، وقبلها بأيام، أصبح نائبا في البرلمان عن قضاء نابلس في انتخابات داخلية جرت في قاعة المجلس نتيجة لاستحالة إجراء انتخابات بسبب احتلال الضفة الغربية، واستمر التزامن بين منصب الوزارة والنيابة لفترة طويلة.
العلاقة بين آل المصري والحكم قديمة، وكانت حميمة جدا بين الملك عبد الله الأول الذي كان يأتي إلى نابلس وينام في بيت عمه الحاج معزوز المصري وعمه حكمت المصري.
أول مرة بكى فيها «أبو نشأت» بحرقة كانت بعد صدمة هزيمة حرب حزيران عام 1967، صدمة لم يفق منها إلا وهو يستمع إلى خطاب الرئيس الراحل عبد الناصر، يعلن استقالته، بكى لأن كل آماله، وكل ما تراكم عنده من فكر ضاع بلحظة من خلال استقالة عبد الناصر، وبدأ تفكيره السياسي يصبح واقعيا أكثر مع أنه لم يكن سياسيا، وكان موظفا في البنك المركزي.
يرى أن الماضي، الأردني الفلسطيني، كان مشتركا، والحاضر والمستقبل لا يمكن أن يكونا إلا مشتركين، وإن الوحدة الأردنية الفلسطينية كانت الرد الوحيد على تقسيمات «سايكس بيكو».
مصير العلاقة بين البلدين، كما يرى، يجب أن يكون نوعا من التوحد شريطة أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة أولا وتترسخ، ويشعر الفلسطينيون بالرضا من وضعهم السياسي، ثم تبدأ محادثات أو كلام بين الحكومتين على التوحد.
من المحطات السياسية الهامة في حياة المصري كان قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية، في عام 1988، قرار أملته ظروف الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والقلق من تأثر الأردن بما يجري في الداخل، وكان المصري آنذاك وزيرا للخارجية فاعترض واستقال خوفا على الضفة من ضياع الانتماء، وهو إذ أصبح اليوم يتفهم، سبب فك الارتباط، إلا أن موقفه كان أكثر من عابر في وقته.
يستخدم تعبيرا بسيطا وعفويا حين يصف مشاعره في تلك الفترة «كان زعلان كثير، كان متأثرا بالصدمة» كان يرفض نقل عملية فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين إلى فك ارتباط داخل الأردن بين الأردنيين والفلسطينيين.
كانت هذه الاستقالة الأولى، ولكنها لم تكن الأخيرة، فهو لم يتردد أيضا في استقالته من رئاسة الحكومة «الأنيقة والسلسة» التي شكلها، بعد أن قرر النواب الإسلاميون بناء على خلافات سياسية واختلاف في الرؤى إضافة إلى «الكتلة الدستورية» برئاسة النائب عبدالرؤوف الروابدة ونواب آخرين «مناكفين» حجب الثقة عنها.
موضوع «اسقاط» حكومته كان موضوعا سياسيا «بيطلع وبينزل» على حد وصفه، وليس قصة كبيرة. آنذاك قبل الملك الحسين استقالته رغم عدم رضاه.
المصري فضل استقالة حكومته على حل البرلمان لتستمر الديمقراطية في الأردن، مشيرا إلى أن الملك الحسين قال له: «أشهد الله لم أتعامل مع من هو أشرف منك».
مارس «أبو نشأت» المنصب الرسمي في أحلك الأوقات السياسية الأردنية، فالعلاقة مع أمريكا كانت فاترة بسبب وقوف الأردن إلى جانب العراق بعد دخول الكويت، وذهب المصري والتقى وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، كما التقى العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني الذي فاجأه بالطلب إليه بنقل رسالة إلى الملك الحسين تتلخص بأن نغير موقفنا «حتى لا يفوتنا قطار السلام».
رغم التصاقه الوثيق بمعظم القرارات الأردنية الهامة، فإن المصري لم يتردد في بعض المرات بالابتعاد عن القرارات الرسمية، لا بل والاعتراض على بعضها الآخر، خصوصا حين كان الأمر يتعلق بـ»إسرائيل» وفلسطين، ومن يتابع محاضرات الرجل وبعض تصريحاته والندوات سيجد أن القدس كانت دائما وتبقى في البال.
لا يكتفي بالانتقاد أو الشكوى كما يفعل بعض القادة العرب وإنما عمل، حين كان سفيرا للأردن في «اليونسكو»، على إدراج القدس على قائمة التراث العالمي، ونجح المصري رغم الضغوط الأميركية والإسرائيلية الهائلة عليه شخصيا وعلى «اليونيسكو» آنذاك.
استطاع وضعها مرتين، مرة على قائمة التراث العالمي، ومرة، وهذا الأصعب، بعد سنة وضعت على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
بعين السياسي المخضرم يقول إن: «المنطقة والقضية الفلسطينية بالتحديد تمر بأخطر مراحلها». ويرى أن الخطر على الأمن الأردني يبدأ من عند «يهودية الدولة» ومحاولة تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، رغم أنهم لن يقبلوا بذلك، فهم متمسكون بأرضهم وحقوقهم أكثر من أي وقت مضى.
المصري يعتبر أن القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس لا يتوقف عند عملية النقل فقط، لكنها تعني أن «القدس قانونيا ستصبح تحت السيادة الإسرائيلية بصفتها عاصمة تلك الدولة، وأن إسرائيل ستكون دولة يهودية وتفرض سيادتها على عاصمتها، وبالتالي فإن نحو 300 ألف مواطن مقدسي سيصبحوا مقيمين وليسوا مواطنين في أرضهم، وكذلك محاولة تهجير سكان الضفة الغربية والقدس نحو الأردن بشكل خاص، والتغيير الديموغرافي على الأرض».
لكنه لا يبدو سوداويا هنا فهو يعتقد أن المجتمع الدولي مضطر إلى العودة والتحدث مع الأردن في مسألة الترتيبات التي تجري في المنطقة. وكل هذه الترتيبات سواء في الأنظمة أم الحدود أم الطائفية وغير ذلك ما هي إلا «مقدمة لتسوية القضية الفلسطينية». مشيرا إلى أن هناك «واقعا في الأردن لا أحد يستطيع تجاوزه أو تغييره».
لا يتردد أبدا في إبداء النصح بإعادة النظر في سياسات الأردن الخارجية، فهو مع تنويع التحالفات، خاصة أن الأردن يواجه حاليا شحا في المعونات، وتصلبا في موقف قائد اليمين الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الأردن، ومشاكل مالية واقتصادية داخلية كبيرة.
يرفض سياسة المحاور، وهو رغم اعترافه بأهمية إيران ونفوذها في المنطقة، يؤكد أن الأردن لن يكون طرفا في التمحور أو الاستقطاب الحالي، وهو في نفس الوقت يشكك في جدوى الحملة التي تقول إن إيران هي الخطر وليس «إسرائيل»، ولا يمكن لهذه الحملة أن تنجح أو أن تدخل في عقول الناس في المنطقة العربية.
لا يبدو سعيدا حين يتحدث عن انهيار مجلس التعاون الخليجي الذي سبقه انهيار عربي آخر وهو انهيار الجامعة العربية التي حسب رأيه «انتهت منذ زمن».
كما لا يبدو فرحا حين يقول إن سوريا لن تستقر الآن بغض النظر عن محاولة الاتفاق الثلاثي الذي جرى بين روسيا وتركيا وإيران وغيرها. لأن هناك شد حبال وتنازع مصالح، وما يدعو إلى الخجل بحسب «أبو نشأت»، هو مناقشة ثلاث دول أجنبية لمصير حصن القومية العربية «سوريا». يقول بطريقته العفوية: «يا عيب الشوم».
يؤمن أن «الحركة الإسلامية» جزء من الوضع والنسيج السياسي في الأردن، فهي حركة «معتدلة رصينة تتعامل مع الأمور بطريقة تختلف عن حركات إسلامية اخرى في أنحاء المنطقة»، الأردن بلد وسطي، بلد معتدل، بلد مستقر، بلد فيه استمرارية، قد يكون هناك اختلاف في الرأي، لكن ضمن الإطار الدستوري العريض للدولة الذي يحتوي كل الأفكار ويتعامل مع كل الأفكار.
ربما كان إجهاض نتائج وتوصيات «لجنة الحوار» التي ترأسها «أبو نشأت» وخرجت بديباجة معقولة جدا، سرعت في زهده بمواصلة العمل السياسي وبحثه عن الهدوء بعيدا عن الصخب.
يقول: «أعتمد في حياتي على صراحتي وصداقتي وإذا كانت الصراحة هي الأهم فأعتمدها حتى على حساب صداقتي»، فهو يرى نفسه «في مرحلة مصالحة ومصارحة مع نفسه».
لا يحيد أبدا عن مواقفه العامة المعروفة، تجاه الأوضاع الداخلية أو الخارجية، ويرفض أن يقوم البعض بنقل وصياغة المواقف والآراء التي يتحدث بها في الأماكن العامة أو المغلقة، سواء بحسن نية أم بسوئها، فقد يحدث تشويه لتلك الآراء، بالدمج بينها وبين رؤية (اجتهاد) الناقل للحديث، فيقع اللبس وعدم الوضوح.
يعلن بشكل دائم أنه غير مسؤول عما ينقل على لسانه، من آراء ومواقف وأن آراءه التي يتحمل مسؤولياتها كاملة، هي ما يكتبه باسمه، أو يقوله، مرئيا ومسموعا بالصوت والصورة والكلمة أحيانا.
يدعو إلى استغلال أية فرصة للبدء بإصلاح البيت الداخلي سياسيا واقتصاديا، فلم يعد نصف الإصلاح مقبولا حاليا، فالمواطن الأردني قدم الكثير وهو مستعد دائما للدفاع عن وطنه ومستقبل أبنائه.
يوافق على الوصف الذي يقول بأن الشارع الأردني يشعر أن «الدولة بلا رجال دولة». يقول: «علينا البدء بحياة سياسية حقيقية وحرية تعبير من دون مدارس وقوى، فلا يجوز التركيز اليوم على رئيس الوزراء، أين القوى السياسية المتحركة في البلد». يتابع قائلا: «اتفق أن الدولة اجهضت التجربة الحزبية في المملكة».
يبرر «أبو نشأت» معظم قلق المواطنين، فالحياة أصبحت قاسية ووسائل التنمية لا تحدث، والاقتصاد ريعي، من دون مشاريع أو أفكار جديدة، فيما موازنتنا تذهب إلى النفقات المتكررة، والجهاز الحكومي متضخم، والمواطن حصته ضعيفة جدا، فيما تتراجع معيشيته إلى الوراء. كما أن الخوف من عدم الاستقرار يؤرق المواطن الأردني.
يرفض عملية جلد الذات فيما يتعلق في ما يسمى «ملف الدور الأردني» فهذا الدور موجود. يقول: «لم يعد لدينا شخص تنفيذي يغير مجرى الأمور، ونحن بحاجة ليس إلى مجلس وزراء فقط بل فريق متكامل يضع خطة للمستقبل ويتقيد بها الجميع، فالعالم اختلف ونحن لم نلحق به، بل تراجعنا إلى الوراء».
قد تبدو صراحته مزعجة للبعض حين يشير إلى أن «الديمقراطية في بلادنا لم تتقدم منذ ثلاثة عقود وإن أساس العمل الديمقراطي هو الانتخابات، وأن الأردن غير جاهز للحكومات البرلمانية الآن». مشيرا بأصابع الاتهام إلى «طبقة من المتملقين سياسيا في البلد».
يبدو «أبو نشأت» مسكونا بالأوضاع الحالية فهو يرى أن «هيبة الدولة بمعناها الواسع تضرب بخناجر وبسيوف جعلت النزيف قويا جدا».
يبدي أسفه لما أصاب العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين دوائر الدولة من الضعف وعدم الثقة، فلا حياة سياسية، ووعود بالإصلاح لا تتم، وهناك وضع اقتصادي خانق، والاستقواء على الدولة من قبل عناصر متعددة محمية متنفذة».
تشخصيه للحالة الأردنية مؤلم «صناعة القرار تضيق في الأردن منذ فترة تتراجع»، و»الأوضاع الراهنة صعبة جدا. والحال الراهن صعب مأزوم، والأمور تتردى، وما زال الجهد قاصرا ومقتصرا على امتصاص كل تلك السلبيات، وما زالت الأسقف تعلو والشعارات تترامى هنا وهناك، وما زالت الضبابية موجودة. وحتى نخرج من هذا الوضع الصعب لم يعد يكفي اجراء تعديل دستوري لوحده، أو تغيير حكومة لوحده، أو قانون انتخاب لوحده لا بد من حزمة من الاجراءات الاستراتيجية».
يقول: «للأسف أننا ما زلنا نعمل بالقطعة، والدولة لا تعمل بتناسق كامل. الدولة ليس لها استراتيجية محددة».
في جميع الأحوال يرفض «أبو نشأت» مغادرة المشهد السياسي والإعلامي الأردني، فرسالة السياسي لا تنقطع مع الانسحاب من المناصب الرسمية وإنما هي متكاملة مع الموقف الشعبي الذي يحتاج إلى بوصلة ترشده وإلى من يقدم له النصح وينير له الطريق.