بقلم عبد الله محمد القاق الوضع الاقتصادي في لبنان تدهور بشكل كبير بعد أن تجددت التظاهرات في العاصمة بيروت ومناطق أخرى احتجاجا على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد حيث وقعت اشتباكات بين قوات الأمن اللبنانية ومحتجين بالقرب من المصرف المركزي في العاصمة بيروت واندلعت في لبنان موجة احتجاجات كبرى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد النخبة الحاكمة التي يتهمها المحتجون بالفساد والتسبب في تردّي الأوضاع الاقتصادية. هذا وعاد المنتفضون إلى الشارع بقوة وهذا ما كان متوقعا، بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الخانقة كما بسبب غياب الرؤية السياسية للحل، صار واقعاً. المنتفضون الذين انتشروا في الطرقات، أمس، وحاول بعض السياسيين ركوب موجتهم لوضع برنامج أهداف لا صلة له بما يصيب الناس مباشرة، حلّوا أمس ضيوفا على شارع الحمرا في بيروت، وتحديدا أمام مصرف لبنان، الذي يرون فيه أصل البلاء الحالي الواقع عليهم. والواقع ان سياسات النظام التي نفّذها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والتي أوصلت معظم السكان إلى حدود الإفلاس، وتُضخِّم يوما بعد آخر عدد الفقراء في لبنان، لم تعد قادرة في زمن الأزمة على إقناع المنتفضين بأنها قادرة على إخراجهم من الواقع الذي وضعتهم فيه. لقد بات واضحا أن أركان السلطة التي سمّت الرئيس المكلف حسان دياب لتأليف الحكومة غارقة في تصارع نفوذ وحقائب وزارية لدرجة أنها لا تسمع وجع الناس وأنينهم وخوفهم على المستقبل، كما يبدو أن هذه القوى السياسية تعيش في حالة إنكار فهي إمّا غير مدركة لخطورة الأزمة المالية والاقتصادية التي تتفاقم يوما بعد يوم أو إمّا هي غير آبهة لتدهور وضع البلاد ومتمسكة فقط بحصتها الحكومية" والحال أن القوى السياسية تتعاطى بسطحية قلّ مثيلها مع الأزمة المالية والاقتصادية التي تهدد بانهيار لبنان ومؤسساته وعُملته وهي في موقع المتفرج لا تخطو خطوة لمعالجة الوضع المتأزم لا بل تزيد الطين بلّة بسجالات سياسية تؤذي الدولة وترخي بظلالها على المصارف وعلى القدرة الشرائية للمواطن وعلى الشركات التي تتقلص ميزانياتها بسبب سوء الأوضاع المالية في لبنان. أن هذه الطبقة كانت سببا رئيسيا في تأجيج انتفاضة أكتوبر الفائت، وكانت هذه المرة أيضا عاملا في إحيائها بسبب مماطلتها وإنكارها ما يدور في الشارع على مدى 90 يوما، مع فارق أن المسار الانحداري للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية قد يحوّل مسار الانتفاضة السلمية حتى الآن، ويدفعها باتجاه وسائل عنيفة لتحقيق أهدافها. فالصور التي تتوالى من مختلف المناطق تنذر بكوارث اجتماعية على كل المستويات. لقد تخوّف سياسيون لبنانيون من أن يكون لبنان مقبلا، في ظلّ حال الانسداد السياسي، على فوضى كبيرة واضطرابات وصدامات في الشارع، بعد قرار اتخذه حزب الله بالمشاركة في التصعيد الشعبي بغية تنفيس أزمته الداخلية التي يعبر عنها جمهوره بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يعاني منه البلد. ولوحظ أن مطالب الثوّار الذين نزلوا مجددا إلى الشارع وصلت إلى حد المطالبة بتشكيل حكومة مستقلين في غضون 48 ساعة، فيما بدأت مجموعات عدّة تدعو إلى استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون. والمرا قبون يبدون تشاؤما لأن المشهد يزداد قتامة، مع صعوبة تأليف حكومة، وتنازع على الحقائب، واستهتار شبه كامل بالتداعيات الاقتصادية المتسارعة التي ستؤدي في القريب العاجل إلى بلوغ نسبة الفقر %50 من السكان، وفقا لتقديرات البنك الدولي، إذا انحدرت المؤشرات أكثر، لا سيما تقهقر سعر صرف الليرة، التي فقدت %40 من قيمتها حتى الآن. وان تداعيات الاختناق الاقتصادي لم تظهر كلها بعد، وشبح الإفلاس لم يعد كلاماً من متشائمين، بل هو قاب قوسين أو أدنى من الوقوع. والواضح أنه إذا كانت حقيقة تلازُم احتدام الانتفاضة مع الانهيارات المتسارعة أمرًا ثابتا سيبقى طاغيا على المشهد اللبناني لمدة يستحيل التكهّن بمداها، فإن الحقيقة الأخرى الأشدّ دراماتيكية التي يتعيّن على الثوار وغيرهم من مؤيدي الحراك الثوري أن يواجهوها تتشكل في ثورة ضد لا دولة رغم استمرار الشكليات والطقوس الدستورية الخالية من أي مضمون والتي تزعم أنه لا تزال في لبنان دولة وسلطة. رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.