الشاهد - رمضان الرواشدة
يقف الأردن اليوم قوياً وآمناً رغم المحيط الإقليمي الملتهب الذي يعيش فيه سواء شرقاً أو غرباً أو شمالاً، وتعمل الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك على التخفيف من كل هذه التداعيات الخارجية وعدم تأثيرها المباشر على الأوضاع الداخلية في الأردن أو على مساراته السياسية والدستورية.
فالعراق شرقاً يبحث عن واحة من الأمان بعد أربعين عاماً من الحرب الخارجية والداخلية وهو اليوم وبعد النجاح في تقليص قدرات «داعش» أصبح موقعاً للحرب بين أيران وأميركا خاصة بعد مقتل قاسم سليماني وقيام طهران بالرد على مقتله بقصف صاروخي على قواعد أميركية في العراقي. وعلى الرغم من تصريحات وزير الخارجية الايراني ظريف بان الرد كاف ولا يوجد نية للتوسع بالحرب، إلا أن وجود المليشيات العراقية الموالية لإيران وعلى رأسها الحشد الشعبي سيكون مقلقاً لأميركا وحلفائها في العراق. كما أن تداعيات الصراع بين واشنطن وطهران ستستعر بص?ر اخرى مختلفة من بينها الضغط الإيراني على حكومة العراق لانهاء الاتفاقية العسكرية والأمنية مع الجيش الأميركي تمهيداً لإخراج كل القوات العسكرية الأجنبية من الأراضي العراقية.
أما الأوضاع في سوريا فما زالت مضطربة في الشمال إثر التدخل التركي في الحرب إلى صفوف بعض المليشيات الموالية لها ضد القوات السورية وقوات سوريا الديمقراطية الكردية، رغم أن الاوضاع في باقي سوريا مطمئنة وتم السيطرة على كل المناطق التي كان يحتلها الارهابيون من «داعش» وغيرها من التنظيمات العسكرية الإرهابية. وقد فعل الأردن خيراً بدبلوماسيته الحكيمة عندما رفض اغراءات الاشقاء وضغوط الاصدقاء بالدخول في مجريات الحرب السورية، وهو أمر لو تورط الأردن به لكانت النتائج وخيمة علينا وهنا يسجل الجميع باعجاب واقتدار هذه الحكمة ?لتي جنبتنا مصاعب كثيرة.
في الجانب الجنوبي يقف الاردن داعماً لأمن واستقرار دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي عانت من الضربات الإرهابية ضد مواقعها، بما فيها الهجوم الصاروخي على «ارامكو»... وعلى الرغم من كل العلاقة مع دول الخليج فإن الأردن لم يشارك في الحرب الدائرة في اليمن رغم مواقفه السياسية والدبلوماسية المؤيدة للقيادة الشرعية اليمنية التي تدعمها دول الخليج.
وفي فلسطين غرباً ما زال الأردن يقاتل من أجل حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وقد ناله جراء مواقفه الهجوم الكثير من قبل اليمين الإسرائيلي ودعاته والمؤيدين لرئيس الوزراء المتطرف نتنياهو.
على الرغم من كل ذلك فان الاردن يقف في حل وسط بين كل هذه التداعيات محافظا على علاقاته بالعراق وسوريا ودول الخليج واميركا وغيرها ومؤكداً على موقفه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى.. وهو موقف صعب لكن الأردن تعلم كيف يعيش في عالم مضطرب وهو مصدر قوته الكبيرة.