الاردن على مشارف العام الجديد 2020 .. تحديات الزمان والسياسة
31-12-2019 11:12 AM
احمد عبد الباسط الرجوب
يحمل الأردن تطلعات للخروج من ازماتهم العابرة للأعوام، استبشارا بالعام الجديد 2020 المطل قريبا والذي تفصلنا عنه بعض السويعات، والكثير من الفرص الواعدة والأمل المعقود على تجاوز قائمة من المناسبات المهمة التي تنتظره واخطرها تربصات الليكود الصهيوني الاستعماري في فلسطين التاريخية، رغم سحب التحديات التي تلبّد سماءه وتزاحم فضاءه، وتلمع من بينها بروق التعطيل في الدخل التي تشعلها قوى الشد العكسي من البيروقراطيين الليبراليين، وارهاصات الخارج ومحاور الضرر التي تتربص بالمنطقة وتترصد لها...
الأردنيون يهِمُّونَ باختراق السحب الحبلى بالمعوقات، ولا تلوي عزائهم عن التوقف عن الأمل في صناعة الغد المشرق بالتطلعات والمكتظ بالأحلام برغم الكم الهائل من التحديات التي تراكمت على مدى عقد من الزمان، وعجزت الحكومات عن القيام بواجباتها التقليدية وتعطلت عن تقديم الحد الأدنى من أدوارها، فضلا عن تبنّي مشاريع الأمل المفتوح على نحو ما يحدث اليوم في الكثير من الدول التي لديها برامج وخطط استراتيجية وصناعات في راس المال البشري وصناعات ميكانيكية لتشتى صنوف مستلزمات الحياة من البرغي الى السيارة...
يشكل العام الجديد 2020 المشارف على الحلول أهمية خاصة لبلادنا الاردنية، بوصفه محطة جديدة من عمر الوطن للتحول في مرحلته القادمة، وطريقا لقياس درجة جدوى العمل على بلوغ الاعوام 2025، 2030 على أساس رؤية تستطلع الامل في تجاوز البلاد الظروف القاهرة والاستثنائية التي عاشتها في الأعوام الغابرة، كما انه في رأيي سيكون الوصول إلى تلك الأعوام 2025، 2030 فرصة لتعميق مراجعة الجهد والأداء وتخطي الأردن الكثير من العقبات والتي للأسف ستدلف في غثها وسمينها الى عتبة العام الجديد والتي نوجزها في القضايا التالية:
(1) داخليا
الاردن لديه 3 آفات أساسية تجتاح جهاز الإدارة هي النخب السياسية والبيروقراطية والفساد وهي آفات تعيق دولة القانون والمؤسسات والكفاءة الإدارية والتنمية الاقتصادية بنفس الوقت بحيث اصبح المال والرشوة والسرقة هي المحركات في غياب مفهوم الإدارة العامة حيث تقلصت قيمة الكفاية والشهادة والفائدة بحيث أدى الى تحول الإدارة المحلية إلى لعبة مال ونفوذ وأصبحت هناك ثقافة تقول بأنه لا يمكن للمواطن ان يحصل على حقه بجدارته وكفاءته ، ويمكنه التوصل الى أكثر من حقه عن طريق المال والنفوذ, وتلك قناعة مؤلمة وقاسية، لكنها واقعية في الكثير من الحالات.
أ. الانتخابات النيابية ستتم في موعدها الدستوري (هذا خيار جلالة الملك صاحب القرار) مغايرا بذلك لرغبات بعض السادة النواب وخاصة هؤلاء الذين تدنت اسهمهم في مناطقهم الانتخابية نتيجة لضعف ادائهم خلال فترة المجلس الثامن عشر ويعتبرون في التمديد ان حصل مكسب لا يتكرر لهم ، وفي مجمل الكلام باننا في الاردن دوما على موعد مثل هذه الاشاعات كلما اقتربت فترة انقضاء المجلس النيابي على الانتهاء وإجراء الانتخابات في موعدها وفق الدستور، بمعنى أن يسلم المجلس الثامن عشر مفاتيحه للمجلس التاسع عشر دون أن تصدر إرادة ملكية بتمديد المجلس الحالي
ب. البطالة والفقر التي أصبحت تؤرق الاسر الأردنية وكم كتبنا ودرسنا وعالجنا هذه الآفات، بحيث أصبحت مشاكل مزنة ترحلها الحكومات والتي سببها الاختلالات بين الموارد المالية والاقتصادية من جهة وزيادة السكان نتيجة (موجات اللجوء من دول الجوار العربي) من جهة أخرى... لكن الحكومة تضع في اذانها العجين والطين وكأنها هي القادرة على وضع الحلول دون غيرها، وفي هذا السياق نسأل الحكومة: هل تعلم بان نسبة تفشي البطالة قد تجاوزت 19.1% وأن أكثر من 70 في المائة من سكان الأردن من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً والمؤهلين بالتعليم الجامعي من مختلف التخصصات لا يستطيعون الحصول على فرص العمل ، الامر الذي تحدثه هذه الجموع من المتعطلين عن العمل ضغطا قل نظيرة على الحكومة ، مما يتحتم على الحكومة معالجته بإيجاد الخطط والمشاريع الواعدة بحكمة من منطلق المسؤولية الوطنية والاجتماعية.
ت. حقيبة الدينْ العام (Public Debt)، والذي بلغ 30 مليار دينار أردني على ذمة بيانات حكومة النهضة، وهو ما يشكل أكثر من 98% في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) لعام 2019، ناهيك بالتدهور الاقتصادي العام، والعجز في الميزانية، وانخفاض مستويات المعيشة فضلاً عن شبه انقراض للطبقة الوسطى وهنا نذكر حكومتنا على ضرورة اتخاذ عدة إجراءات للمعالجة مشكلة الارتفاع المستمر للدين العام ومن هذه الإجراءات التفكير بهيكلة الديون وبخاصة ذات الاقام الكبيرة.
ث. الفساد، النابع من سوء استخدام السلطة العامة من أجل مكاسب فردية والتي تشمل اختلاس الأموال العامة ومصادرة أموال الشركات المملوكة للدولة من قبل موظفين رسميين أو أفراد يسيئون استغلال صلاحياتهم من أجل منافع شخصية دون الأخذ بعين الاعتبار التداعيات على الشعب الأردني. ويؤدي هذا إلى انعدام الثقة بين المواطنين في حكوماتهم وأدائها نظراً لانعدام أخلاقيات العمل والقيم الاجتماعية. وبالتالي، فإن أخطر أنواع الفساد هي تلك التي يتسبب بها شبكات المسؤولين بحكم المصالح المتبادلة واستغلال الوظيفة العامة لجني المكتسبات، وهو ما نبه اليه جلالة الملك عبد الله الثاني في الورقة النقاشية السادسة ' دولة القانون '.
ج. هناك قضايا باتت معروفة للجميع ولا تقل أهمية وخطورة عما قدمنا اليه وعلى سبيل المثال لا الحصر الترهل في الإداري في قطاع الحكومة وخاصة إعادة النظر في 61 هيئة مستقلة لتوفير نصف مليار دولار وإيجاد صيغة جديدة تحدد أطر عملها ضمن هيكلة الدولة من منظور التفكيك، ويضاف الى ذلك في السياق ندرة المياه وقضايا الطاقة والتهرب الضريبي من حيتان الاقتصاد الأردني والمحسوبيات.
(2) خارجيا السعار الليكودي الصهيوني الذي يستهدف الأردن
السعار الليكودي الصهيوني العنصري الذي يستهدف الأردن في كل شاردة وواردة وتحديدا الإرهابي القاتل المدعو نتنياهو وهنا لا بد من الإشارة بانه ومنذ انطلاقة ما يسمى بالربيع العربي 2011 تحدثت أجهزة استخبارات غربية تتحدث عن أن الملك عبد الله الثاني بات مقتنعا بأن إسرائيل تعتزم تقويض حكمه بعد وصول رسائل إلى عمان تفيد بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بات يتبنى مخطط ' الوطن البديل ' الذي يعني تحويل الأردن إلى الدولة الفلسطينية وفي سياق هذا الموضوع فقد كتب المحلل السياسي بن كسبيت في 'معاريف' أن أجهزة استخبارات غربية تعتقد أن الملك عبد الله الثاني توصل إلى استنتاج بأن إسرائيل مهتمة بتقويض نظامه وتحويل الأردن، تحت غطاء الاحتجاجات في العالم العربي، إلى الدولة الفلسطينية.
وأضاف كسبيت في معاريف أن 'الملك عبد الله ' بدأ يقتنع مؤخرا بأن إسرائيل تقوض بشكل متعمد قوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتعتزم تقويض حكمه من أجل خلق حالة من الفوضى في الضفة الغربية والعمل على تأجيج احتجاجات 'ربيع الشعوب' العربية في الشرق الأوسط من أجل إنشاء واقع جديد يتم من خلاله الدفع بتغيير نظام الحكم في الأردن وخلق كيان جديد يتمثل بالوطن البديل للفلسطينيين ... وفي سياق هذا التوجه الليكودي ذكر كسبيت أن إسرائيليين مثل وزير الدفاع إيهود باراك ووزير شؤون الاستخبارات دان مريدور (2011) يعارضون بشدة حدوث أي مس بالعلاقات مع الأردن ... وهنا نتساءل ما إذا كان هذا الموضوع قد تم بحثه بشكل عملي في هيئات الكيان الصهيوني العليا.
وهنا أقول فإن اقحام الأردن تحت ذريعة الوطن البديل قد يساوي في كارثيته نكبة فلسطين عام 1948، وهذا لا يتم ابدا لان الشعب الأردني بجميع مكوناته سيكون في المرصاد لكل هذه المخططات العبثية والمكشوفة فالأردن للأردنيين وفلسطين من البحر الى النهر للفلسطينيين.
صفوة القول ...
أ. اعتقد جازما بأن الحكومة الأردنية يجب ان تسمع للناس ، فهي بكامل هيئتها لم يثبتوا انهم دهاقنة لا في السياسة ولا في الاقتصاد لعلمنا كيف وصلوا الى سرايا الدوار الرابع ... كاتب هذه السطور وغيري من المفكرين والباحثين قدمنا طوعا دراساتنا للإسهام بحل القضايا المزمنة والتي قدمنا اليها في المحافل الإعلامية المسموعة والمرئية والورقية، وفي هذا الإطار فإن الحاجة ملحة لإعداد استراتيجية وطنية اردنية 2020 - 2030 (استراتيجية عشرية دعائمها النهوض في راس المال البشري والاقتصادي والإداري) والتركيز على التخطيط في توسيع طموحات الدولة المتجددة، برؤية رشيدة، تدفع الاردن لدخول مرحلة تاريخية بعزم وإرادة.
ب. لمواجهة تلك التحديات والتعامل معها (وخاصة السعار الليكودي ومفبركات الوطن البديل) لا بد من قيام الحكومة على تحسين العلاقة بين الحكومة والشعب الأردني الصابر عن طريق التواصل بين المسؤولين والمواطنين في جو من الإفصاح والشفافية لدرء الشائعات ودحضها وهنا نخص فبركات الليكود الصهيوني واعداد خطاب اعلام دولي بأن الأردن هو للأردنيين وهي شرعية الشعب الأردني صاحب الأرض ومالك الوطن التاريخي قبل النكبة الفلسطينية، والثانية هي شرعية نظام الحكم المرتكز على عقد التأسيس بين الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين مع الشعب الأردني والقائم على حماية الأردن من الخطر الصهيوني ودعم الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، وان هناك التزام بين الشعبين الأردني والفلسطينيين والتمسك بحق العودة إلى فلسطين والنضال من أجله... ومن جهة أخرى دور الحكومة للإبقاء على الشباب في وطنهم وعدم مغادرته بحثاً عن فرص عمل في دول أخر وإيجاد المشاريع الاستثمارية الجاذبة للقوى العاملة ومكافحة البطالة للحد من الفقر وتداعياته اللعينة.
ت. اما بالنسبة للحكومة فاعتقد بان ملامح الامور تجري الى بقاء الرئيس عمر الرزاز في سدة سرايا الدوار الرابع وسيشرف على اجراء الانتخابات النيابية المقبلة وسيدخل الى قبة العبدلي مع المجلس التاسع عشر من منظور ما قدمته الحكومة امام الملك من حزمها الاقتصادية على اعتبار انها هى القادرة على تنفيذ هذه الحزم بالإضافة الى الجوانب الاقتصادية المتممة لمشروع النهضة الذي تقوم هذه الحكومة على ادارته.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.