رمضان الرواشدة
منذ توقيع اتفاقية السلام الأردنية -الإسرائيلية في وادي عربة عام 1994 وحتى الآن لم تمر العلاقة الأردنية مع إسرائيل بما تمر به هذه الأيام من برود وفتور وحتى أسوأ من ذلك.
قبل أكثر من شهر وفي حفل تكريمه كرجل العام من قبل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى اعطى الملك عبدالله الثاني توصيفه لهذه العلاقة بانها في اسوأ حالاتها مردداً أمام الحاضرين وجلهم من النخب الأميركية واليهودية شعاره الذي يطرحه دائماً وهو أهمية حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين الذي ما عاد أحد يذكره أو يطالب به.
العلاقة مع اسرائيل المفترض انها علاقة سلام لا توحي بمثل هذا المصطلح بل هي أقرب إلى لإعلان الحرب من جانب واحد هو الجانب الاسرائيلي.
فمنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس ودعمه غير المحدود لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والاخير يتصرف بعنجهية غير مسبوقة سواء في الداخل الإسرائيلي أو بعلاقاته الخارجية ومنها العلاقة مع الأردن.
لقد تدهورت العلاقة الاردنية مع إسرائيل نتيجة تصرفات هذا الاحمق الذي لا يقيم وزناً للسلام أو لعلاقاته الخارجية فهو في تصريحاته الأخيرة أكد أن وجود المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية قانونية، ودعمه في هذا التوجه وزير خارجية أميركا بومبيو الذي قال ان وجود المستوطنات في الضفة لا يتعارض مع القانون الدولي. والكل يعرف أن هذا الأمر سيقضي على واحدة من قضايا الحل النهائي المفترض أن يتم التفاوض عليها لاحقاً. كما ان شرعنة المستوطنات من شانه الحكم بالاعدام المسبق على حل الدولتين.
نتانياهو اكد في تصريحاته الانتخابية انه سيضم غور الأردن الى اسرائيل بما يعنيه ذلك من تهديد لمصالح الاردن ونقض لمعاهدة السلام وكذلك لكل التعهدات الدولية المساندة للحقوق الوطنية الفلسطينية.
أمام هذه الحالة ليس بيد الأردن إلا أن يقوي شوكته أمام الصلف الإسرائيلي ويلعب دوره الدبلوماسي والسياسي مع كل الأطراف من اجل دفع نتانياهو إلى التراجع عن هذه العهود.
رسمياً يملك الأردن هامشا للمناورة فهو ملتزم بعملية السلام امام العالم وملتزم بدعم الفلسطينيين ولكنه على المستوى الشعبي والبرلماني يملك خيارت كبيرة في التعامل مع هذا الأسلوب الفظ الذي يمارسة نتانياهو.
يملك مجلس النواب خيارات مهمة لدعم الموقف الرسمي من بينها التلويح بإعادة النظر بمعاهدة السلام التي أقرها مجلس النواب باعتبار أن تصريحات نتانياهو هي في واقع الأمر تهديد للسيادة الوطنية الأردنية، فلا أقل منها إعادة النظر بكل العلاقة مع اسرائيل بما فيها المعاهدة. كما يملك مجلس النواب التلويح بالغاء اتفاقية الغاز الموقعة مع شركة نوبل اينيرجي التي تستثمر الغاز الاسرائيلي وهي الاتفاقية التي ستكلف الأردن 15 مليار دولار.
الأردن يملك مصادر القوة ويملك المناورة السياسية رسمياً وشعبياً وبرلمانياً ولن يبقى ساكتاً أمام الاجراءات التي تهدد مصالحه الحيوية والأيام القادمة ستكشف الكثير.