الشاهد -
اتمنى على اخوان الاردن ان لا يربطوا انفسهم بالتنظيم العالمي
سرعة تغيير الحكومات لا يصب في مصلحة البلد
احترام رمزية الملك واجب على الجميع
انهيت نفوذ مالك اكبر شركة استيراد لحوم وقد بكى قائلا: «والله انك خربت بيتي»
الشاهد- محمود كريشان
الوزير الاسبق والنائب السابق مجحم حديثة الخريشة الذي تمترس في العمل السياسي كأمين حزب أسبق وبرلماني وحاكم إداري في ظروف صعبة، وقبل ذلك في وزارة الاعلام والتشريفات الملكية ومن ثم حمل حقيبة وزارة الزراعة في اكثر من حكومة وقد رفع خلالها لواء التحدي في وجه كبار مستوردي اللحوم وسن تعليمات من شأنها توفير الغذاء الآمن للمواطن الاردني. الخريشة، الذي فتح قلبه لـ»الشاهد» مستذكرا مسيرته، قدم نصيحته لجماعة الاخوان المسلمين بالعدول عن قرارهم في مقاطعة الانتخابات، معتبرا ان الاصلاحات المنشودة والمطالبة بها تتم تحت قبة البرلمان لا في الشوارع. وتاليا تفاصيل الحوار
سرعة تغيير الحكومات
الشاهد: لديكم وجهة نظر تسجلون فيها مآخذ على سرعة تغيير الحكومات في الاردن باعتبارها ظاهرة مسؤولة عن الكثير من السلبيات في حياتنا السياسية والعامة
- الخريشة: هذا صحيح، فنحن على سبيل المثال في المجلس النيابي الخامس عشر والسادس عشر تعاملنا مع ست حكومات في فترة زمنية تقل عن اربع سنوات وطرحنا وناقشنا ست موازنات وملاحق موازنات، وهذا برأيي لا يصب في مصلحة البلد لان التغيير السريع لا يعطي الفرصة لرئيس الحكومة ولا لفريقه الوزاري ان يبني استراتيجية دولة بأمس الحاجة الى الاستقرار. وبعض الحكومات لم تتجاوز مدتها الثلاثة شهور مثل حكومة الدكتور فايز الطراونة ومثل هذه الحكومة برئاسة الدكتور عبدالله النسور، وهناك أسباب عديدة لضرورة استقرار الحكومات في المملكة
الدولة وجماعة الاخوان
الشاهد: كيف تفسرون العلاقة بين الدولة وجماعة الاخوان
-الخريشا: يعلم الجميع ان الاردن شهد اكثر من (9000) مسيرة واعتصام وفعالية ومهرجان خلال فترة بداية الربيع العربي، والكلام هو الكلام، وما زلت أقول انه وصلت الرسالة وعلينا ان نجلس مع جبهة العمل الاسلامي وغيرهم من المقاطعين ونتفق معهم على كلمة سواء لأن الوطن لنا جميعا. والأمر الأهم الذي يجب ان لا يغيب عن ذهن قيادات الجماعة والحزب انهم حظوا دون غيرهم برعاية الدولة الأردنية منذ ان قام الملك المؤسس عبدالله بن الحسين «طيب الله ثراه» بافتتاح مقر جماعة الاخوان المسلمين في عمان عام 1949 ومنذ ذلك التاريخ لم تتم مضايقتهم مطلقا وعملوا بكل أريحية تامة، حتى في الوقت الذي تم فيه حظر الاحزاب باعلان حالة الطوارئ في نهاية الخمسينيات وحتى عام 1989 وبقيت جماعة الاخوان تحظى برعاية جلالة المغفور له الملك الحسين «طيب الله ثراه» رعاية مباشرة وكذلك جلالة الملك عبدالله الثاني
تيار متشدد
الشاهد: يقال إن التيار المتشدد في الجماعة يسيطر على القرار
- الخريشة: أنا أعرف جيدا قيادات الجماعة وحزب جبهة العمل الاسلامي ممن يعرفون باسم «الحمائم»، وهم أصدقائي الذين أحترم، ومنهم الدكتور عبداللطيف عربيات والشيخ سالم الفلاحات والشيخ حمزة منصور وغيرهم كقيادات تاريخية تؤمن بالأردن وطنا، ولكن، وحسب وجهة نظري، أعتقد أن المشكلة تكمن في «الجيل الجديد» حيث أصبح عندهم «صقور» و»حمائم»، و»الصقور» كتيار متشدد أصبح يفرض أجندته على الجميع ومن ضمنهم القيادات التاريخية المعتدلة والمتزنة. لكن، تاريخيا كانت القيادات العقلانية للجماعة دوما تتسم بالمواقف الوطنية الصادقة. وأتذكر في هذا السياق موقفا عندما شاركنا بوفد أردني في فعاليات المؤتمر القومي العربي الاسلامي في لبنان وكنت حينها أمينا عاما لحزب النهضة وكان منسق السياسة الخارجية في البرلمان العراقي سعد قاسم حمودي وكنت عضوا في صياغة واعداد البيان الختامي حيث اصر البعض على ان تتم الاشادة بدول بعينها مع ان البيان الختامي لا يتضمن اي توجه فيه سوى الحديث عن التوجه القومي والاسلامي والتأكيد على التقارب بين القوميين والاسلاميين من خلال حس وحدوي، وتمت صياغة البيان ولم يتم ذكر الاردن سلبا او ايجابا في البيان الذي شاركت في صياغته. وفي اليوم التالي جاء سعد حمودي وقال لي «لقد قمنا باضافة بنود اخرى اليوم وورد ذكر الاردن بفقرتين فيهما تعرض شديد للاردن وقيادته على خلفية ارهاصات وتداعيات ابعاد موسى ابومرزوق وخالد مشعل وقادة حماس من الاردن»، الامر الذي جعلني ارفع يدي بشدة وباصرار مستمر على ان يسمح لي بالحديث قبل تلاوة البيان الختامي، ما أجبر رئيس المؤتمر أن يسمح لي بالحديث فقلت ان من المفروض ان لا يتم تغيير او اضافة اي حرف بعد صياغة مسودة البيان من قبل اللجنة، وطالبت فورا بأن يتم شطب الفقرات المضافة والتي تتعرض للأردن وهددنا بالانسحاب وقام على اثرها الشيخ حمزة منصور ممثل جماعة الاخوان المسلمين بتأييدي وأعلن رفضه القطعي ان يتعرض البيان للأردن وقيادته على الاطلاق وقال الشيخ منصور «أنا ومنير حمارنة ممثل قوى اليسار نتفق مع مطلب زميلنا مجحم الخريشا ونرفض ان يتطاول احد على الاردن ونطالب بشطب الفقرتين من البيان»، وهذا ما تم حيث قرر رئيس المؤتمر شطب الفقرتين مباشرة
التنظيم الدولي
الشاهد: وماذا تقول لهم الآن؟
- الخريشة: أتمنى أولا على الجماعة وذراعها السياسي ان يشاركوا في الانتخابات النيابية ويأخذوا المقاعد التي يستحقونها ومن ثم يطالبون بالاصلاحات والاجراءات التي يرغبون بها تحت قبة البرلمان لانه المكان الوحيد للتشريع وليس الشارع!.. كذلك اتمنى على قيادات جماعة الاخوان المسلمين في الاردن ان لا يربطوا انفسهم بالتنظيم العالمي للإخوان، على الاقل فيما يتعلق بالاردن لاننا هنا في هذا البلد لنا هويتنا ولنا وطننا، ويمكن ان تكون هناك علاقة مع التنظيم العالمي على مستوى تنسيق مواقف، لكن، مرفوض رفضا باتا ان نرتبط بالتنظيم العالمي لان وطننا مستقل وله هويته
الملك خط أحمر
الشاهد: لوحظ وجود بعض الهتافات المسيئة في بعض المسيرات الاصلاحية التي أقيمت مؤخرا.. ما هو تعليقكم على ذلك؟
- الخريشة: أولا: الذين يحرصون على الاصلاح ويرفعون شعارات الاصلاح عليهم ان ألا ينزلقوا او ينزلق من بينهم مدسوس عليهم يرفع شعارا يتعرض فيه الى شخص جلالة الملك.. هذا أمر لا نقبل به ولا نرضاه.. وهو مرفوض قطعيا.. لأن جلالة الملك هو رمز الدولة ككل.. ولا بد أن يحترم من كل من هم معنيون بالحراك، سواء كانوا في المعارضة او في الموالاة.. فاحترام هذه الرمزية واجب على الجميع. ايضا فإن التظاهر السلمي هو حق دستوري مكفول لا غبار عليه وكذلك أن يعبر المواطن عن رأيه وان يتظاهر سلميا وان يبدي وجهة نظره في اي شأن سياسي او اقتصادي او غيره.. كل هذا مباح. لكن، أن يتجاوز أي إنسان حدوده والمس برجال الدولة ورموزها وقيادتها بكلام عبثي خارج عن المألوف فهذا غير مقبول مطلقا وهذا ايضا ليس من طباع الاردنيين الشرفاء، وإذا كان هناك مطالب شعبية محقة في الجوانب السياسية والاقتصادية والبطالة والفقر ومكافحة الفساد و»من اين لك هذا» فنحن معهم 100% لكن الكلام الذي يتجاوز ما اعتاد عليه الاردنيون من أدب الخطاب وأدب المحادثة والكلام الموزون غير مقبول وليس من شيم هذه الاسرة الاردنية الطيبة من شتى أصولها ومنابتها
مافيا استيراد اللحوم
الشاهد: كنت وزيرا للزراعة في أكثر من حكومة.. ما أبرز ما حفلت به هذه التجربة؟
- الخريشة: تجربتي في وزارة الزراعة تنطلق من محاور عديدة منها أنه، وفي حقبة ما، تبين لي حقائق مذهلة عن «مافيات» تجارة واستيراد اللحوم في الاردن، عندما اكتشفت ان احدى كبرى الشركات المحلية المشتغلة بهذه التجارة تقوم باستيراد أغنام تربى في استراليا من اجل الصوف والفرو لا من أجل اللحوم ويتم تربيتها لتلك الغاية لمدة من (3-4) سنوات وبعد ان تهرم يقومون ببيعها لتلك الشركة الاردنية الكبرى بسعر (5) دولارات للرأس الواحد، وتدخل الاردن بسهولة وبكشوفات حسية وبيطرية وهمية، فقمت باستدعاء احد المختصين في البيطرة بالوزارة وهو مشهود له بالنزاهة والكفاءة فقال لي بالحرف الواحد «والله شايف هذا الأمر من زمان ومش قادر أعمل اشي».. فطلبت منه ان يقوم باعداد تصور فوري لوضع حد لهذه الفوضى ولنفوذ تلك الشركة، واصدرنا تعليمات ملزمة ضمن المعايير الصحية العالمية والصحة الحيوانية تتعلق باستيراد اللحوم واشترطنا العمر والوزن لان طعام الاردنيين يجب ان يكون آمنا وسليما وضمن المعايير الدولية، فاشترطنا ألا يتجاوز وزن الرأس الواحد من الاغنام التي سيتم استيرادها (40) كلغم وألا يزيد العمر عن سنتين، وقد أقسمت بالله تعالى على القرآن الكريم ألا يدخل ميناء العقبة أو أي معبر حدودي أردني أي إرسالية أغنام مخالفة لتلك الشروط التي أقرتها الوزارة، وقمت بانتقاء نحو (15) طبيبا بيطريا ووفرت لهم سكنا خاصا في العقبة ومنحتهم زيادات مالية كبيرة للعمل بأمانة والكشف الدقيق على كافة إرساليات الاغنام الواردة الى العقبة، الامر الذي أغضب مالك الشركة الذي جاء إليّ باكيا يقول: «والله انك خربت بيتي».. فقلت له: «اتق الله في طعام الاردنيين وتخلّ عن جشعك.. القرار لا عودة عنه مهما غلا الثمن»