أ. د. فيصل الرفوع
لقد خاطب الملك المجتمع الدولي، وفي جلسة مشتركة لقادة وزعماء العالم، ومن على أهم منبر دولي، والمركز رقم واحد من المراكز السياسية التي يمكن من خلالها الدفاع عن قضية او شرح موقف او التأكيد على مبدأ. وبالرغم من أن هذا المنبر متاح لمن قصده من زعماء هذا العالم وقياداته، إلا أن إمكانية أيصال الرسالة المنوي أيصالها لا يمكن أن تكون بنفس المستوى من الإيقاع والنتائج. وحتى لو قدر لأي كان أن يقف مخاطباً المجتمع الدولي، بما فيها القوى الكونية، فلن يكون بمصداقية الملك عبد الله الثاني، ولا بجرأته في الطرح وتسمية الأشياء بمسمياتها، وقطعا لن يكون ملماً بتفاصيل قضيته وجزئياتها وتفاعلاتها، كما هو الحال مع الملك عبد الله الثاني.
لقد وقف الملك عبدا لله الثاني مخاطباً المجتمع الدولي وقياداته وساسته وممثليه، والعالم بأسره، وبكل جرأة وعلمية وبعد نظر وبصيرة ثاقبة، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في ظلم النظام الدولي ولا عدالة الأمم المتحدة في التعامل مع القضايا الدولية، وإزدواجية مواقفها، خاصة ما يتعلق بالقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. مذكراً بماض سمته الحروب والقتل والدمار، وحاضر مليء بالكراهية والحقد والتربص، ومستقبل مجهول قد لا يبشر بخير. كل ذلك انعكاس للقضية الفلسطينية وتداعياتها. محذراً من أن عدم تدارك المجتمع الدولي لمعالجة هذا الأمر الجلل، والعمل بإخلاص من اجل إنقاذ البشرية مما هي فيه نتيجة لهذه القضية العالمية فلن يسود لا الأمن ولا الإستقرار، لأن الأمم المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على القيام بمثل هذا الواجب الأخلاقي والإنساني، بالرغم من أنها سبب في خلق هذه القضية، ولا ينقصها إلا الرغبة والإرادة في صياغة وفرض علاقات سلمية وإنسانية في منطقة من أهم المناطق الإستراتجية في هذا الكون. قضية أصبحت أم القضايا في العصر الحديث، وتعتبر القضية المركزية التي تقود إلى كل ما يعانيه العالم اليوم من رعب وإرهاب وعدم استقرار وشعور بالظلم، حيث أصبحت هذه الحالة هي السمة البارزة للنظام الدولي سواء بأمسه أو بحاضره.
لقد وقف جلالة الملك عبدا لله الثاني، مؤكداً بأن المجتمعات العربية والإسلامية تواقة للحرية والعدالة، لكنها رافضة للسياسات الدولية، نتيجة لسلبية هذه السياسات تجاه العرب والمسلمين، ومواقفها العدائية تجاه العالم العربي والشعوب الإسلامية. كما أن تجاهل المجتمع الدولي لمحاولة المساهمة في حل أسباب المآسي التي يعيشها العالم العربي ونتائجها، سيقود المنطقة والعالم إلى طريق لا يعلم أي منا إلى أين سينتهي بهذا العالم واستقراره وأمنه وسلمه.
أوجز الملك في طرح قناعاته، ومن على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، محدداً الإطار العام للقضايا العربية، بدءًا من فلسطين وسوريا العراق، مروراً بالديمقراطية والإصلاح السياسي والإجتماعي، وإنتهاءً بمآلات الربيع العربي والديمقراطية وحقوق الإنسان.
لقد وضع جلالة الملك المجتمع الكوني بأسره أمام مسؤولياتهم التاريخية، من اجل جعل هذا العالم واحة أمن واستقرار، وعالم بعيد عن التطرف والحقد ورفض الآخر، عالم تسوده المحبة والسلام والتنمية.
كانت وقفة الملك عبدا لله الثاني أمام العالم وقفة تاريخية، لخدمة العرب والمسلمين وقضاياهم المصيرية، فهل سيعي المجتمع الدولي، ما قاله جلالة الملك