نضال منصور
أنجز رئیس الحكومة الدكتور عمر الرزاز التعدیل الوزاري الرابع على فریقھ خلال 17 شھرا منذ تكلیفھ كرئیس للوزراء في شھر حزیران من العام الماضي 2018.
المؤشرات الرقمیة لحكومة الرزاز لا تظھر قدرا من الاستقرار، ولا تدعو للتفاؤل، فأكثر الوزراء الذین انضموا للحكومة عند تشكیلھا غادروھا، ومعدل عدد الوزراء النساء تراجع بشكل لافت، وست وزارات تناوب علیھا ثلاثة وزراء خلال ما یزید على العام ونصف العام بقلیل، في حین وزارة التعلیم العالي حققت رقما قیاسیا بتقلد اربعة وزراء المسؤولیة خلال عمر حكومة الرزاز.
أكثر ما ھو لافت عدا عن تعدیل أسماء وزارات في حكومة الرزاز أن تعھد الرئیس بالاعتماد في تغییر الوزراء وإعادة تشكیل الحكومة إلى معاییر أداء واضحة لیس ملموسا، وقد أعطى ھذا الجانب اھتماما في اول تعدیل لھ بعد مرور 100 یوم على تشكیل حكومتھ، لكن الغریب وما یدعو للقلق ان الرئیس في التعدیلات الثلاثة اللاحقة لم یعد یتطرق إلى معاییر تقییم الأداء، وأعاد إنتاج منظومة صناعة الحكومات في الأردن.
من حق المجتمع أن یسأل دولة الرئیس لماذا استبعدت ھذا الوزیر أو ذاك، وبماذا أخفق، وھل فشل بالتعامل مع التحدیات التي واجھھا؟ من حقنا أن نسأل الرزاز على سبیل المثال لا الحصر لماذا استبدلت الوزیر محمد ابو رمان من وزارتي الثقافة والشباب، ھل كان عاجزا عن ادارة ملف الوزارتین، ولم ینجز ما ھو مطلوب منھ، خاصة ان وسائل التواصل الاجتماعي تضج بالإطراء والمدیح لھ خاصة في ادارة ملف وزارة الشباب، وایضا ذات الاسئلة نطرحھا فیما یتعلق بوزیرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنیمات، وتحتاج إلى إجابات منھ؟!
حسب المعلومات التي تواترت أن الرزاز اضطر لإجراء تعدیل على حكومتھ وكان یفضل أن یجریھ بعد التصویت على الموازنة في البرلمان، ولكن استقالة وزیر التربیة والتعلیم العالي ولید المعاني أجبرتھ على اتخاذ ھذا القرار مبكرا.
التعدیل الوزاري سیطرت علیھ ھواجس فشل الفریق الاقتصادي بتحقیق زیادة في الإیرادات ّ المالیة، واعترافھم بتراجع الإیرادات الضریبیة، وبذات الوقت مضي الحكومة بتوجیھات ملكیة بخطة التحفیز الاقتصادي، وھو ما یتطلب حسب رؤیتھم وزراء جددا یلعبون دورا في إنفاذ خطة التحفیز ودفعھا خطوات للأمام.
وزیر المالیة عز الدین كناكریة كان ”الضحیة “ لھذه المرحلة، أما خروج نائب الرئیس رجائي المعشر فھو ”الجدید القدیم“، والإجراء المؤجل لمرات، فالمعشر رئیس الفریق الاقتصادي كان قد استقال أكثر من مرة قبل ذلك عاتبا ومخالفا لرئیسھ الرزاز وجرى احتواء الموقف والتراجع عنھ. والسؤال المقلق ھل یكفي أن تنقل وزیر التخطیط محمد العسعس إلى وزارة المالیة لتحل المشكلة الاقتصادیة؟
ترى حكومة الرزاز وكذلك الدولة الأردنیة أن الأولویة لبناء إصلاحات اقتصادیة تخرج الأردن من أزمتھ المستفحلة، ولھذا فإن أعین الحكومة في تعدیلاتھا المتكررة تركز على ھذه المقاربة، وتعطي أفضلیة للوزارات الاقتصادیة لعلھا تحدث أثرا.
كنا وسنبقى نرى أن الاصلاح الاقتصادي لا یتحقق دون مقاربة للإصلاح السیاسي، فحین تعدل قانون الضمان الاجتماعي فإن الرؤیة الاقتصادیة البحتة بعیدا عن فھم الواقع الاجتماعي والحقوقي والسیاسي تقود باعتقادنا للإخفاق، وھذا ینطبق على كثیر من القوانین مثل الضریبة والعمل، وھذا ما حدث في بلادنا.
والواضح أن الاھتمام بالإصلاح السیاسي مؤجل وغیر مدرج على أجندة الحكومة، ورغم أن الحكومة تقترب من استحقاق الانتخابات البرلمانیة قبل نھایة العام فإنھا لم تفتح ھذا الصندوق بعد، وأكثر المعلومات المتسربة تشیر إلى ان قانون الانتخاب لن یخضع للتعدیل، وإن حدث فستكون تعدیلات ھامشیة.
لا تنظر الدولة للإخفاق السیاسي باعتباره تحدیا لا یقل اھمیة عن الإخفاق الاقتصادي، ولھذا فھو مؤجل، ولا یلتفت لھ الا عند اشتعال الجوار العربي، او حین تصادفنا أزمة لھا تداعیات شعبیة واسعة. ھل قرأت الحكومة تقریر المركز الوطني لحقوق الانسان، وھل تعلم ان ھذا سیفتح الباب لتراجع في مؤشرات الأردن في التقاریر الحقوقیة الدولیة؟!
تعدیل رابع ھل ینقذ الحكومة ویعطیھا قوة دفع حتى الانتخابات القادمة؟