فارس الحباشنة
منذ ولادة الكيان الصهيوني فقد كان هناك مشروع مقاوم فلسطيني وعربي. كان هناك تنافس بين الفصائل الفلسطينية والدول العربية الراعية للمقاومة بالتعبير عن التأييد للقضية الفلسطينية بقوة السلاح والمقاومة الشعبية.
اليوم، وقد مر قرن وعامان على وعد بلفور. والقضية الفلسطينية تزداد تهميشا وضعفا. والحالة الفلسطينية في المنفى والداخل تعاني من الانقسام والتمزق والتشتت في انعدام الرؤية الوطنية الجامعة. ولم يسبق للحالة الفلسطينية أن واجهت هذه الحالة من التردي والانحدار.
كثيرون لا يتحدثون اليوم عن القضية الفلسطينية من زوايا المقاومة والنضال والثورة، والاخيرة شعار الذي تم وأده من ادبيات القضية. في مراحل من القضية فإن الثورة انخرط تحت رايتها قوى فلسطينية وعربية واممية قاومت بالسلاح الاحتلال.
وقد اصاب الثورة نكبات متتالية. ضربات كانت قاصمة للثورة، ولربما أن بعض القيادات الفلسطينية مع تكرار الخطيئة ارتكبوا جرما وطنيا موجعا في حق القضية.
من كامب ديفيد بدأ التبشير بعقيدة السلام، وتم عزل مصر الحاضنة العربية الكبرى، ومن بعد كامب ديفيد بدأ البحث عن مسالك للوصول الى الحضن الامريكي الناعم الراعي للسلام.
الثورة الفلسطينية أجهضت عندما البوصلة قد انحرفت، والفكرة من التحرير والمقاومة خرجت عن مسارها التاريخي الوطني، ولتدخل في مجال سياقات البحث عن استبدالات وتسوية للقضية.
مشروع المقاومة كان من الممكن أن يبدأ من الداخل الفلسطيني، وعن طريق الثورات الشعبية، والطرق الكلاسيكية للمقاومة السلمية والمسلحة، وما كان يمكن أن يحدث نوعا من عدم الاستقرار، وضرب الامن الاسرائيلي، ويبني عوامل موضوعية لاضعاف اسرائيل من الداخل.
في إطار مراجعة القضية الفلسطينية فلابد من الاشارة الى أن الفلسطينيين أدخلوا في عمليات تدجين واسترضاء، وعبر قوى كثيرة استطاعت أن تدخله الى بيت الطاعة، وفي المقابل فان الجماهير العربية أيضا انشغلت في الفن والرياضة موجات الاستهلاك.
وفيما انتجت المقاومة الفلسطينية في غزة صمودا تاريخيا والمقاومة الوطنية في جنوب لبنان تفوقا عسكريا أدهش العالم، ومن خلال معارك أجبرت الكيان الصهيوني على مراجعة استراتيجيته العسكرية والحقت به خسائر قتالية غير مسبوقة.
في اطار الحديث عن الثورة والمقاومة، فانه لم يمر على القضية الفلسطينية بكل مراحلها محنة العزلة واليتم والانكفاء كما يجري اليوم. ذكرى وعد بلفور مرت ثقيلة، ولولا بعض الاشطاط في السياسة والاعلام فانه لن يجري الحديث عنها بتاتا.
الدرس والعبرة في ذكرى بلفور أن الثورة مازالت ممكنة، والشعب الفلسطيني خلاق ومقاوم، وفي كل محنة يجترح أساليب وان كانت مشتتة في الدفاع عن حقوقه، والعبرة من هنا تبقى في الصمود والمقاومة بكل السبل السلمية والمسلحة دفاعا عن وطن يسمى فلسطين.