أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات منظومة النـزاهة الوطنية

منظومة النـزاهة الوطنية

12-09-2013 11:38 AM

د. محمد طالب عبيدات
أحسنت اللجنة الملكية لتعزيز النزاهة الوطنية صُنعاً عندما أعلنت إطلاق لقاءاتها التشاورية في المحافظات لغايات إيصال وإيضاح الرسالة الملكية السامية حول منظومة النزاهة الوطنية وإطلاع النُخب السياسية والإجتماعية ومنظمات المجتمع المدني على ميثاقها ومحاور مسودة المذكرة التوضيحية للميثاق ومسودة إجراءات الخطة التنفيذية على سبيل إستمطار وتلاقح الأفكار حول هذه المواضيع ولغايات التشاركية في صنع هذا الميثاق الوطني الهام للنزاهة الوطنية، وخلق حالة حوارية وتشاورية جادة في هذا الصدد.
فجلّ الرسالة الملكية السامية لتشكيل هذه اللجنة كان يهدف إلى زيادة ثقة الشعب بأجهزة الدولة بل وتجسير الهوّة في خضم ربيع عربي أمواجه متلاطمة وذلك من خلال التركيز على الأساسيات الداعمة لمنظومة العدالة والنزاهة، بل والذهاب لحل مشاكل جذرية لا تجميلية فقط، وضرورة تطوير وتحديث منظومة عصرية ومتكاملة وفاعلة للنزاهة الوطنية بالتوافق الوطني ولتضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية والاخلاقية لإنجاح مسيرة الاردن الاصلاحية الشاملة، وتحديداً ترسيخ ثقافة مجتمعية داعمة لمفاهيم الشفافية والنزاهة والحيادية والإستحقاق بجدارة وتكافؤ الفرص وتطبيق لغة القانون والعدل.
ولئن كانت الإرادة السياسية لرأس الدولة ومن لدن جلالة الملك لتحقيق النزاهة والشفافية متحققة وترغب في ذلك بل وتضع الأمر على سُلّم اجندة الأولويات الوطنية، فتبقى النزاهة الوطنية أساسها المواطن والدولة معاً، وشقّاها إحداهما أخلاقي أساسه الفرد أي المواطن والآخر تشريعي في الصياغة والتطبيق وهو مسؤولية الدولة والحكومة كلاعب أساس فيها، فلا يمكن تحقيق منظومة نزاهة وطنية دون توافق في التطبيق بين الدولة والمواطن.
فمطلوب من الدولة وضع التشريعات الناظمة والكفيلة بتحقيق النزاهة وتطبيق سيادة القانون بصرامة على الأرض دون مهادنة أو مُواربة أو واسطة أو شللية أو محسوبية أو مناطقية أو شخصنة، وضرورة أن تقف أجهزة الدولة الرقابية والمحاسبية والقضائية كافة صفاً كالبنيان المرصوص في سبيل تحقيق العدالة وتطبيق القانون ومحاسبة المخطئين وتجريمهم وفق أخطائهم وضرورة مكافأة المواطن الصالح وإعطائة حقة ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون إسترضاء أو محاصصة أو محسوبية أو واسطة، كما أن أجهزة الدولة مطلوب منها التكاملية والتعاضد أكثر صوب تحقيق النزاهة من خلال تجريم الواسطة والمحسوبية والقضاء على الفساد أنّى كان دون إتهام جزاف ومع ضرورة إظهار البينات لذلك. وأقترح في هذا الصدد ضرورة وجود جهة كهيئة أو مجلس أعلى للجهات الرقابية لغايات التنسيق الدائم للتعاضد ضد الفساد بين الجهات كافة سواء هيئة مكافحة الفساد أو ديوان المحاسبة أو ديوان الرقابة والتفتيش أو ديوان المظالم الذي نُسّب بإلغائه.
كما أن المطلوب من أجهزة الدولة ضرورة إيجاد منظومة شفافة وعادلة للتعيينات سواء في ديوان الخدمة المدنية أو للفئات العليا وضرورة إيجاد معايير وأسس لهذه الغاية، والتأكيد على عدم إختراقها أنّى كانت الظروف. ومطلوب من الدولة أيضاً لتحقيق الشفافية والنزاهة الإبتعاد عن إتخاذ أي قرار نيابة عن الشعب ليكون القرار للشعب أنفسهم وخصوصاً في الإنتخابات النيابية والبلدية وغيرها خوفاً من إتهام الدولة بتزوير الإنتخابات على غرار ما كان يجري بالسابق. 
ومطلوب من المواطن الفرد أن يحافظ على منظومة القيم والأخلاقيات والمبادئ والموروث الإجتماعي لغايات الحفاظ على النزاهة، وأن يكون الأمر توافقياً كثقافة مجتمعية داعمة للنزاهة والتعزير المجتمعي لكل مَنْ يخرج عن هذه المنظومة، وضرورة وجود ميثاق شرف أخلاقي يحكم قبول أو رفض القيم المجتمعية، بمعنى أن نوقف ظاهرة مُساندة القريب والصديق ببناء خيمة مناصرة له إذا كان فاسداً في الوقت الذي يُطالب الجميع بمكافحة الفساد، وأن نوقف ظاهرة الواسطة لقبول تعيين أبنائنا متجاوزين دور وحق الآخرين في ذلك والجميع في ذات الوقت ننادي بوقف الواسطة والمحسوبية، والأمثلة على هذه الشزوفرينيا والثُنائيات المتناقضة لتغليب «الأنا» على المصالح العامة كثيرة، لكننا في ذات الوقت نؤكد على ضرورة إيجاد ميثاق الشرف الأخلاقي والقيمي والضميري الذي يُجبر كل مواطن على القبول بالحق ورفض الباطل، ويعزز ثقافة القبول بالقانون ويرفض شريعة الغاب ولغة حرق الإطارات، ويحترم الرأي الآخر ويتقبّل بروح رياضية نتائج الإنتخابات أنّى كانت، وغيرها من الأمثلة. 
بصراحة لا يمكن لمنظومة النزاهة والشفافية أن تتحقق إلّا بإرادة الشعب والدولة معاً وكلّ عليه مسؤوليات وواجبات وله حقوق على مبدأ المواطنة في هذا الصدد، والنزاهة والشفافية لهما لونان فقط إمّا الأبيض أو الأسود ولا لون رمادي بينهما، لكن وجود الإرادة السياسية الداعمة والجادة لتحقيق النزاهة والشفافية يعطينا الأمل للبدء صوب تحقيق الأهداف فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، فلنضع خط لتجاوز هفوات وأخطاء الماضي في هذا الصدد ولنبدأ من جديد صوب اللون الأبيض الناصع في النزاهة والشفافية





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :