الشاهد - فارس الحباشنة
لأبعد ما يكون لا تتصوروا زعران وبلطجية يجيبون «اتاوات « في مناطق كثيرة من عمان وجوارها. في الاخبار نسمع أخبارا متفرقة بين حين وآخر عن القبض على متورطين في قضايا «أتاوات».
المسار الجرمي لجماعة» الاتاوات « قديم، وطويل وغير منقطع وليس مفضوحا. والمسار مسنود حتما بحالة الاهمال والفقر والجهل والفلتان بمناطق كثيرة تغيب عنها مظاهر السلطة، وتختفي باوقات وتعود باوقات أخرى.
لربما أن الظاهرة تشتد عندما تسقط الحكومة واجباتها في مناطق كثيرة، وهي واجبات يفترض أن تقوم بها، ولا يمكن لأي مؤسسة اجتماعية أخرى أن تقوم بها لا اهالي ولا مجموعات سكانية مهما كان تماسكها وتعاضدها واندفاعها.
الازمة الاقتصادية تفرخ تشوهات اجتماعية كبرى. متعطلون عن العمل وشباب بعمر العطاء بلا عمل، ومناطق كثيرة من المملكة شبابها ضائعون ومخطوفون للعمل الجرمي والعبثي والعدمي، وغير موجهين مجتمعيا. وبفعل الاهمال وانعدام الرعاية الفوقية فمن الاسهل أن ينحرفوا ويوجهوا الى أفعال لا قانونية.
و أكثر ما هو هام بالأمر أن التفريخ الجرمي يواجه بسياسات صد أمنية ووقائية اجتماعية. المجتمع تحول الى خزان لا ينفذ من توليد المجرمين والخارجين عن القانون، أرقام مفتوحة وجرائم بلا هوادة التفكير في الجريمة حساس، وقبل الذهاب الى ما هو أمني لابد من مد يدي السياسي والاجتماعي اليه. نعم، بما يمكن أن يحقق توازنا في رسم سياسات اجتماعية واقتصادية رشيدة تعالج التشوهات والاختلالات التي أصاب المجتمع جراء ظرفية اقتصادية تعيسة وصعبة واحمالها ثقيلة على كاهل الاردنيين.
في المجتمع الأردني انتشرت آفات ناجمة دوما عن الفقر والبطالة والفوضى وغياب خدمات السلطة عن مناطق كثيرة. جرائم غريبة وعجيبة لم يعرفها تاريخ السجل الاجرامي الاردني يوما.
قضايا سرقة وقتل وخطف واعتداءات وعنف ظاهر وبلطجة غيرها. ولربما الأهم في رصد هذا التحول الاجرامي أن فاعليه ليسوا من شرائح اجتماعية مصنفة إجراميا. مجرمون جدد أغرتهم اخفاقات اللحظة اقتصاديا واجتماعيا وتحولوا الى حرامية وبلطجية وزعران.
حتى الدعارة فان تناولها و الحديث هنا مازال خجولا ومضبوطا بموانع اجتماعية واخلاقية،ولكن بالواقع فان الجرم يكبر ويتدحرج.
عابث وعدمي من يقرأ الامراض الاجتماعية بعين رخوة ومعتمة. الحد الفاصل بين الفقر والجريمة دقيق. والدعوة الى علاج كامل وشامل للازمة ضروري. ومن الصعب التأجيل والتعطيل والتراخي.
مأساوية الواقع الاجتماعي والاقتصادي تمتد على أرجاء المملكة من شمالها الى جنوبها. ووحدة الفقر والبطالة والتهميش والتنمية تتطابق، وتصير معادلا موضوعيا لقراءة الجغرافيا الاردنية في الاطراف.