باسم سكجها
لا نحبّ أن نشكّك في نتائج أيّ إستطلاع للرأي العام، وبالذات إذا كان صادراً عن مركز محترم كـ” الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية”، وفي الوقت نفسه نستخدم العقل والمنطق والتجربة للوصول إلى قناعة بأنّ تلك النتائج قريبة من الواقع، خصوصاً إذا كانت صادمة، وهذا ما جرى بالنسبة لاستطلاع مقياس الديمقراطية.
عدد المواطنين الأردنيين يزيد على السبعة ملايين بقليل، وحسب نتائج الاستطلاع فإنّ أكثر من ثلاثة ملايين ومئة خمسين ألفآً منهم فكّروا أو يفكّرون في الهجرة، وهو أمر يكاد يلامس المستحيل لأنّنا من هذا الشعب، ونتعامل مع مختلف فئاته، ونعرف أنّ هناك بيننا من يفكرون ويبحثون عن فُرصة للهجرة، ولكنّهم في حال من الأحوال ليسوا بالملايين.
البلاد الطاردة لمواطنيها هي تلك التي تشهد حروباً أهلية أو كوارث طبيعية كبيرة، والطريف أنّ الاستطلاع يضع الأردن باعتباره الأكثر أمناً على المستوى العربي، ولا يخشى المستطلعون على سلامتهم الشخصية، وواضح أنّ هذا يتناقض مع نتيجة مسألة الهجرة، فلماذا سيهجر نحو نصف مواطني بلد ما بلدهم وهم على هذه الحالة الآمنة المطمئنة؟
ربّما كانت كلمة هجرة مضللة، وأنّ الاجابات كانت تتعلق بالبحث عن فُرص عمل، وهذا طبيعي في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة، ونسب بطالة مرتفعة، فما أن تتحسّن الظروف سيعود “المغترب” وليس “المهاجر”، والطريف في الأمر أيضاً أنّ الأردن يستضيف أكثر من ثلاثة ملايين “مغترب” عربي، والأسباب الأمنية هي أولّها، والاقتصادية ثانيها!
نحبّ أن ننظر إلى هذه النتائج باعتبارها تلقي الضوء على مشكلة ما، ولكنّنا لن نعتبرها مسلّماً بها، فنضع أيادينا على قلوبنا خوفاً من مجيئ يوم ينقص فيه عدد الأردنيين نحو النصف، وللحديث بقية!