الشاهد - اعداد : فريال البلبيسي
تصوير : نهاني أبوصالح
مونتاج : محمد الجبر
لا تفارق صرخات الاستغاثة الأخيرة للطفل غيث ذي الست أعوام شقيقه ليث ذو الخمس أعوام , يبكي ليث شقيقه الذي ابتلعته احدى الحفر الامتصاصية , وينادي بأعلى صوت غرق غيث , غرق غيث , وعلى مسامع أهله الذي ركضوا مسرعين الى الحفرة التي سقط فيها الطفل , حيث انتظروا وصول فرق الدفاع المدني لاخراج الطفل , وبالفعل سارع الدفاع المدني لانقاذ الطفل الذي كان ميتا عندما انتشلوه , غيث صارع الموت في ظلمة الحفرة الامتصاصية , ليلفظ أنفاسه الأخيرة بداخلها .
وهنا يمتد مسلسل التقصير الذي أودى بحياة الطفل غيث في مشهد حفرة امتصاصية تركت دون احكام غطاءها .
وكان غيث قد توفي ظهر يوم الثلاثاء بتاريخ 8 /7 / 2019 , عندما كان يلعب مع شقيقه بالكرة في الشارع الذي يتواجد فيه منزل خاله , في وقت لا تزال حيثيات الحادثة فيه غير معروفة , رغم استبعاد الجهات الأمنية وجود شبهة جنائية بالحادثة .
' الشاهد ' زارت دوي الطفل غيث في منزلهم في منطقة دير أبي سعيد التابعة لمدينة اربد .
والد الطفل :
قال عامر عبد الحليم محمود ' أنا أب لطفلين , ليث يبلغ 7 سنوات وغيث الأصغر يبلغ 6 سنوات , وأعتقد بأنني امتلكت العالم بهما فهما رئتاي التي أتنفس بهما , وهما قلبي الذي أحيا به '.
وأضاف أبو غيث ' أنا أعمل في عمان من أجل لقمة العيش , ولكي أوفر لعائلتي الحياة الكريمة وأسباب السعادة , وأسرتي تسكن في ديرأبي سعيد , وأعود ليلتين في نهاية الأسبوع '.
الحادثة :
قال أبو غيث عن الحادثة ' بتاريخ 8/ 7 من يوم الثلاثاء اتصلت بزوجتي وطلبت منها أن تحضر الى عمان مع الأولاد لكي نذهب في نزهة سويا , وكانت زوجتي في زيارة لبيت شقيقها , وعندما سألتها عن أبنائي قالت لي بأنهم يلعبون كرة القدم في الشارع مع أبناء الجيران , وعلمت بعد ذلك أن زوجتي عادت للمنزل من أجل احضار ملابس لأطفالها ليرتدوها في زيارتهم لي الى عمان , وعدما كانت زوجتي في المنزل اتصلت بها زوجة أخيها مرارا وتكرارا , لكن زوجتي لم ترد على اتصالاتها لأنها أقفلت جرس الهاتف ' وضعته صامتا ' , لنعلم بعد ذلك بأن ولدي غيث عندما كان يلعب مع شقيقه ابتعدت الكرة وذهبت باتجاه منزل الجيران , وكانت هناك حفرة امتصاصية غير محكمة الاغلاق , وركض طفلي وراء الكرة ليحضرها فوقع في الحفرة الامتصاصية أمام شقيقه ليث الذي أصيب بنوبة هيستيرية , من هول ما رأى , وأخذ يبكي ويصرخ راكضا باتجاه منزل خاله ويقول شقيقي وقع في الحفرة , وعندها ركض خاله لمكان الحادثة وعلم أن غيث في الحفرة الامتصاصية , واتصل بالدفاع المدني والذي حضر على الفور , وأخرجوا ولدي جثة هامدة , زوجتي علمت بالخبرمن شقيقها وأبنائه , فتوجهت الى مكان الحادثة , ووجدت الدفاع المدني وقد أخرج جثة الطفل ,وأخذوه الى مستشفى بديعة , ومنذ ذلك اليوم وزوجتي تعاني من انهيار عصبي حاد , لأنها لغاية الآن غير مصدقة أنها خسرت فلذة كبدها الى الأبد '.
وأضاف أبو غيث قائلا ' لقد كان المصاب أليما عندما فقدت طفلا حيويا ويحب الحياة واللعب , وكان متعلقا بي جدا , وبكى أبوغيث مطولا حرقة على ولده , وأنا ألوم كثيرا المتسببين في مقتل ولدي غرقا , فلو أحكموا اغلاق الحفرة الامتصاصية لما وقع ولدي في الحفرة ', وأكد أبو غيث أن جميع الجيران وزوجته أيضا طلبوا من أصحاب المنزل اغلاق الحفرة الامتصاصية مرارا وتكرارا , ولكن دون استجابة , الا أن وقع ولده في تلك الحفرة , وما يؤلمه أكثر , وما يحزن قلبه ؛ أن الجيران الذين تسببوا في حادثة موت ولدي لم يأتوا ليقدموا واجب العزاء , وقال ' لم يأتونا ' عطوة لتطييب الخواطر والأنفس ' ونسوا الواجب الذي عليهم , مما أغضب عشيرتي من سوء تصرفهم وتجاهلهم للعادات والتقاليد التي تربينا عليها '.