بقلم الكاتب فارس الحباشنة
في مستشفى خاص جراح قلب اجرى عملية قلب مفتوح لمريض، تكاليف العملية قبضها مصفوطة من اليد الى اليد ب»كيس بيني» مليان رزم فلوس من «ام الخمسينات».
طبعا لا المستشفى سيدرج فاتورة العملية البالغة 16 الف دينار على كشوفاته الضريبية، ولا الطبيب عندما يعود الى عيادته سيقوم بفوترة العملية. وقس على ذلك كثيرا مِن التهرب الضريبي الفاضح في القطاع الطبي الخاص من مستشفيات وعيادات ومراكز طبية.
روايات لا متناهية، وغير قابلة للانقطاع تنشر على مسطحات السوشيال ميديا تتحدث عن وقائع كاشفة وفاضحة للتهرب الضريبي في القطاع الطبي. ورايات واقعية وشخصية لافراد دخلوا المستشفيات أجروا عمليات جراحية، ودفعوا قيمتها من تحت الطاولة وبالمناولة، ودون فاتورة ولا غيرها.
رغم كل ما نسمع من حديث حكومي عن مكافحة التهرب الضريبي، الا أن الشكوك تزداد حول قدرة الحكومة. التهرب الضريبي له مخابئ سرية، وومخابئ خلفية لقطاعات اقتصادية كبرى، ونشاطها الراسمالي يفوق مئات الملايين، وتحمي من دفع الضريبة.
السياسات الضريبية الحكومية لم تبدل في تركيبة الاقتصاد الاردني. وما بات واضحا أن اولويات الحكومة وزارة المالية همها الاول والاخير الجباية وزيادة أموال الجباية بعيدا عن تصحيح بنيوي وهيكلي للاقتصاد الوطني.
ايرادات الضريبة وفقا لتصريحات لوزير المالية عزالدين كناركية فانها تراجعت خلال النصف الاول من العام الجاري. وأن مفاعيل الضريبة أدت الى ركود وكساد في الاقتصاد الاردني، ومعدل التضخم يرتفع، والنمو الحقيقي في غرفة الانعاش، وتقلص الايراد الضريبي يوسع الخيارات لتحديات أخرى قد تواجه الاقتصاد الاردني في ضوء ما يطرح من مراجعة للسياسة النقدية.
العدالة الضريبية القطاعية توجب أن تفرض الضريبة على الجميع دون استثناء، الطبيب والمحامي والمهندس، فلماذا الاستثناء إذن ؟ تحصيل الضرائب من المحامين والاطباء بعدالة يعني تصحيح في مسارات ضريبية ممنوع الاقتراب منها.
وطبعا، وهذا لا يلغي ضرورة مراجعة قانون الضريبة بما يمكن أن تتحمل البنوك اعباء ضريبية جديدة. على اعتبار أنها تحقق أرباحا هائلة من المال العام.
في خريطة التهرب الضريبي، فان من المتهربين متنفذين وهوامير، وأكثرهم محتكرون. وبحسب دراسات اقتصادية فان أرباح اقتصاد الاحتكار تعادل اجمالي الاقتصاد العادي والمنافس للشركات العامة والفردية. والارقام وليست على وجه الدقة تتجاوز 5 مليارات سنويا.
جذر أزمة التهرب الضريبي سياسية، وما زالت الحكومة والادارات المعنية تتعامل مع الملف بالقطعة وحبة حبة.
فما الجدوى والفائدة من إقرار ضرائب دون القدرة على جبايتها ؟ التجربة الضريبية للنصف الاول من العام الجاري غير مشجعة. والتوقعات كانت تشير الى أن الجباية الضريبية ممكن أن تكون اعلى باضعاف، والسبب كما يبدو فانه كلما زادت معدلات الضريبة، زادت معدلات التهرّب، ودخل الاردن في مرحلة انكماش اقتصادي.