الشاهد - بقلم الكاتب باسم سكجها
أطرح هنا عطاءً عامّاً لدراسة مهنيّة، تُبنى على استطلاعات مدروسة، وتحمل عنوان: ”كيف كانوا وكيف صاروا؟”، وبعيداً عن ألقاب أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة، فهدف الدراسة هو معرفة المواقف التي تباعدت أو تقاربت قبل المنصب وبعده، وبالتالي وضع هؤلاء على محكّ الذهب، وقياس المسافة بين الشعار والممارسة؟
سبب الموضوع أنّ لدينا حالات عجيبة من بُعد القول عن الفعل، فهناك شخص ما عارض وعارض، وحين جلس على الكرسي برّر وبرّر، وهناك شخص برّر وبرّر، وحين أقصي عن الموقع عارض وعارض، وهذا ما بات معضلة في أذهان الأردنيين، فهل هو الكرسي الذي يفعل سحره، أم أن المسؤولين مفتونون بالألقاب؟
من الواضح أنّ الأردن دولة فريدة في اختلاط المعارضة مع الموالاة، وحتى هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم في مواجهة مع النظام السياسي، ولجأوا إلى بلاد أخرى، عادوا وتقلّدوا أرفع المناصب، وفي المقابل فهناك من عملوا طوال عمرهم في أجهزة الدولة المختلفة، وصنعوا سياسات واتخذوا القرارات، ولكنّهم لم ينتظروا كثيراً عند ذهابهم إلى التقاعد فبدأوا رحلة الانتقاد القاسية!
نتذكّر أنّ باراك أوباما دخل إلى اجتماع تسلّمه الرئاسة الأميركية من جورج بوش فرحاً مبتسماً، ولكنّه خرج بعد ساعات متجهّماً يمتلئ وجهه بالحيرة، فقد شاهد بأمّ عينه الملفّات المعقّدة، وعرف أنّ هناك قرارات صعبة سيكون عليه اتخاذها، ولا يستوي الذين يعلمون مع الذين لا يعلمون!
هذه الحقيقة قد تُبرّر مواقف الذين صاروا مسؤولين بعد اطلاعهم على الملفات، ولكنّها لا تُبرّر عودتهم هم أنفسهم إلى المعارضة الفوضوية فور خروجهم من المنصب، وهذا ما يحصل في الأردن بشكل مضاعف وغريب ومريب وعجيب، ويبقى أنّنا بانتظار مثل تلك الدراسة، وللحديث بقية!