بقلم عبدالله محمد القاق
اعتبرت الا وساطالسياسيةتحركات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أنها أخذت منحى تصاعديًا، وهو ما عكسته الأوامر التي صدرت للوحدات العسكرية بالتوجه إلى الغرب بحسب بيان وزعته الأربعاء شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني الليبي، أشارت فيه إلى أن العديد من الوحدات العسكرية تحركت إلى المنطقة الغربية لتطهير ما تبقى من الجماعات الإرهابية الموجودة في آخر أوكارها بالمنطقة الغربية
وأكدت أن تحرك الوحدات العسكرية جاء بإشراف مباشر من القائد العام للقوات المسلحة الليبية وتنفيذًا لأوامره، مؤكدة في نفس الوقت حرص الوحدات العسكرية على سلامة المواطنين والممتلكات العامة للدولة الليبية.وقال إنه رغم التكتم الذي رافق هذا البيان لجهة عدم الإشارة إلى الوجهة الحقيقية لتلك الوحدات في الغرب الليبي، والمكان الذي تحركت منه، فإن ذلك لم يمنع المراقبين تطورات الملف الليبي، من القول إن هذا التطور لم يكن مفاجئًا رغم أنه سيشكل بتبعاته إضافات جديدة من شأنها تعديل مسار الأزمة الليبية وتجاذباتها على المستوى الاستراتيجي.
ونقلت عن مصادر عسكرية أن الوحدات العسكرية في طريقها إلى العاصمة طرابلس، وقد تحركت من عدة محاور كانت تسيطر عليها في مشارف مدينة سرت، وكذلك في مدينة غريان التي تبعد حوالي 120 كلم عن العاصمة طرابلس.
واعتبرت المصادر أن كل المؤشرات كانت تدفع قبل هذا التحرك نحو التأكيد على أن دخول الجيش الليبي إلى طرابلس «أصبح وشيكًا»، وقد يتم قبل شهر رمضان سواء أكان ذلك سلميًا من خلال تسويات ومصالحات مع القوى المسلحة في طرابلس، أم عبر عملية عسكرية مسلحة.
ولفتت إلى أن النجاحات التي حققها الجيش في جنوب البلاد شجعته على الاندفاع نحو العاصمة، ذلك أنه أكمل في فبراير الماضي سيطرته على كامل المنطقة الجنوبية بعد نحو شهر من عملية أطلقها لتطهيره من الجماعات المسلحة التشادية ومن عناصر تنظيمي القاعدة وداعش، إلى جانب وصوله إلى بني وليد وترهونة بعد مصالحات مع أعيانها.
غير أن توقيت الإعلان عن هذه التحركات، أثار تباينات بشأن تقييم توقيتها، وسط افتراضات توزعت على طول المساحة المستجدة في التطورات، ولا سيما أن ترتيب الأولويات في علاقة الملف الليبي تنحو إلى الجانب السياسي وفق حسابات ومعادلات تدخل فيها عوامل خارجية متعددة.
وعلى وقع هذه التطورات، توقف المراقبون أمام توقيت تحرك الجيش الليبي، الذي يأتي في إطار ما أشارت إليه مصادر إعلامية بأن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يستعد لزيارة ليبيا في نهاية الأسبوع الجاري، تزامنًا مع الاستعدادات الجارية للملتقى الوطني الجامع الذي يفترض تنظيمه في منتصف الشهر الجاري في مدينة غدامس.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة المرتقبة التي تسبق موعد انطلاق الملتقى الوطني الليبي في غدامس، إن تمت، فهي ستكون بمثابة رسالة دعم أممية لجهود غسان سلامة، ومحاولة لدفع الليبيين إلى تجاوز خلافاتهم لإخراج البلاد من أزمتها.
وكان غوتيريش أظهر اهتمامًا كبيرًا بالملف الليبي في تصريحات أدلى بها للصحفيين على هامش القمة العربية التي عقدت بتونس، التي قال فيها إن هناك مؤشرات تقول إن قائدي ليبيا المتنافسين، في إشارة إلى المشير خليفة حفتر وفائز السراج، قد يتوصلان إلى حل حول الخلاف بينهما بشأن قيادة الجيش، وإن هناك مؤشرات على أن التناقضات يمكن التغلب عليها.
الملتقى الوطني الجامع
إلى ذلك ركزت «الشرق الأوسط» السعودية على وصول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى ليبيا ، أمس، برفقة مبعوثه لدى ليبيا غسان سلامة، قادمين من العاصمة المصرية القاهرة.
وقال غوتيريش عبر حسابه على موقع «تويتر»: «لقد وصلت للتوّ إلى ليبيا، وملتزم تمامًا بدعم العملية السياسية التي تقودها ليبيا، والتي تؤدي إلى السلام والاستقرار والديمقراطية والرخاء للشعب الليبي». ويتوقع أن يلتقي غوتيريش المسؤولين في البلاد لحثهم على التعاطي مع المؤتمر الجامع.
في السياق ذاته، التقت ستيفاني ويليامز، نائبة الممثل الخاص للأمين الخاص للشؤون السياسية، مسؤولين محليين في مدينة غدامس لمناقشة الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر، المتوقع أن يحضره ممثلون عن أطياف الشعب المختلفة، في وقت تتزايد مخاوف بعض الأطراف في شرق البلاد وغربها من نتائج المؤتمر، وتصفه بأنه «اغتيال سياسي».
ورأى خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أن «إحدى المعضلات التي تنتظر الملتقى الجامع هو الموقف من الدستور وإزالة العقبات أمام الاستفتاء»، مشيرًا إلى «ضرورة أن يقول الشعب كلمته حول الدستور، الذي صاغته الهيئة التأسيسية، إما بالقبول أو الرفض».
وكان المشري يتحدث في ندوة عن المؤتمر الوطني بأحد فنادق العاصمة، وأبدى «رفضه التام والقاطع لأي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة»، وقال إنه يحاول «صياغة رؤية متقاربة للملتقى الجامع، الذي يعد حدثًا مهمًا في مسار القضية الليبية، بهدف إنهاء الانقسام السياسي».
من جهته، ذهب طارق الجروشي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إلى أن الملتقى الجامع عبارة عن «اغتيال سياسي، وتصفية لسلب إرادة النواب، والتي هي سلب لإرادة الشعب وإهدار لحقوقه، وهذا أمر حساس وخطير».
ومضي الجروشي يقول في بيان نشره الموقع الإلكتروني لمجلس النواب «حتى هذه الساعة لم تأتِ دعوة لمجلس النواب لحضور الملتقى، ولم نعرف مَن سيُدعَون إليه، وأخشى ما أخشاه أن يتم جلب عقول مؤدلجة مأجورة تحركها خيوط خارجية»، مشددًا على ضرورة أن «تكون مخرجات الملتقى منسجمة مع ثوابت مجلس النواب ومع ما يريده الشعب».
إلى ذلك، جددت فرنسا على لسان سفيرتها لدى ليبيا بياتريس لو فرابر دي هيلين، موقفها الداعم جهود المبعوث الأممي غسان سلامة للوصول إلى حل سياسي، وتسوية للأزمة الليبية.