أضم صوتي إلى صوت الذين يقولون : بأن الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها قد أغفلت المشروع التعبوي الوطني الذي يلهب مشاعر الشباب ويذكي وجدان المواطنين الجمعي من أجل الاستنفار الشعبي العارم نحو حماية الوطن والذب عن الحرمات وصيانة المقدرات الوطنية من الاعتداءات الخارجية والعبث الداخلي، ومن أجل صناعة الحشد والتمكين الشعبي على حمل مشروع النهوض والإنجاز والتطوير للدولة والمجتمع والمؤسسات. عندما تدلهم الخطوب وتتعاظم الأخطار من كل حدب وصوب، ويقل النصير ويضعف الناصر ويخذل الصديق لا بد لأصحاب القرار من أن يأرزوا إلى حصونهم الداخلية من أجل إعادة ترتيب البيت الداخلي وإعادة بناء القلعة الوطنية وصيانتها، وصناعة القوة الذاتية المحكمة القادرة على مواجهة الصعاب والتحديات ومقاومة الأخطار من خلال تمتين النسيج الوطني وتصليب الصخرة الداخلية وتمتين الروابط المجتمعية بكل السبل والوسائل المتاحة، وهذا يحتاج إلى خطاب تعبوي وطني بليغ يلهب المشاعر ويوقظ الوجدان ويشكل كل مصادر الطاقة البنّاءة والفاعلة، ومواجهة خطاب التحبيط والتأييس والعجز والخذلان. كل الشخصيات الناجحة التي استطاعت صناعة المجد لشعوبها وأوطانها، استطاعوا أولاً امتلاك الخطاب التعبوي الذي يستهدف حفظ هويتهم واستعادة روحهم الثقافية واستخراج مكنونهم الحضاري الأصيل واستشعار الأخطار التي تهددهم، وتبصيرهم بمصادر قوتهم التي تبنى أولاً على الانتماء الوطني العميق، وكلما كان الزعيم قادراً على استثارة كوامن الانتماء الوطني وإشعال حب الأرض والتراب، كلما كان ناجحاً في الحشد والاستقطاب على برامجه العملية. البرامج العملية الجافة، والبيانات الباردة ولغة الأرقام التي تخلو من الروح الوطنية، وتخلو من خطاب الحشد والتعبئة لن تجد فرصتها للنجاح، ولن تكون قادرة على الصمود والثبات في وسط البحر العاصف والمليء بالتحديات وعوامل الانكسار، وعلو صوت أصحاب النقد الجارح وجلد الذات وأولئك الذين لا يرون في الأوطان إلّا بقرةً حلوباً ومرفقاً لقضاء الحاجة وفرصة للحصول على المكتسبات، وعند أول منعطف يتجهون إلى التخلي عن الوطن والهروب إلى الملاذات الآمنة. الإعلام وكل وسائل التوجيه، والصحف بكل أنواعها يجب أن تكون ذات رسالة سامية، وخطاب وطني تعبوي متحضر، يتعاضد مع التربية والمناهج والمدارس ويتعاون مع الثقافة والأدب والشعر والأغنية والأهزوجة والشعار، كلها تتعاضد من أجل تفجير ينابيع حب الأوطان وعشق ترابها وهويتها وتاريخها وتراثها وقيمها النبيلة الممتدة في أعماق التاريخ، والضاربة في تخوم المجد والإنجاز الحضاري الذي يبعث على الفخر والاعتزاز لدى الأجيال وجموع الشباب، ويدفع نحو الانطلاق في عملية البناء والإنجاز بكل قوة وعنفوان، ويقف في وجه الخونة والمتخاذلين، والذين يبيعون ويشترون بمقدرات الوطن، ويتسكعون على أبواب أصحاب الأموال الذين يمتهنون شراء الذمم على حساب المصلحة الوطنية العليا. ينبغي أن نعلم جميعاً أن الأوطان لا تبنى إلّا بجهود أبنائها المخلصين المفعمين بالانتماء، ولا تحمى إلّا بمن يسري حب الوطن بعروقهم ودمائهم، وأولئك الذين لديهم الاستعداد للتضحية بأرواحهم فداءً لأمتهم وأوطانهم.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.