أ. د. فيصل الرفوع
نقول لأولئك الذين ما زال في قلوبهم شك من حاضر ومستقبل الربيع العربي، بأن هذه الصحوة وهذا الربيع قادم لإستئصال بقايا ضلالتكم وإصطفافكم في خندق الشعوبيين وكل المناهضين لأمة العرب، عرقاً ودماً وووجوداً وتاريخاً وحضارة وقيماً وعقيدة ودوراً. كما نذكر هؤلاء، الذين إذا ما ذكر أمامهم إسم الربيع العربي، تأخذهم العزة بالإثم وتبدأ فرائسهم بـــ»الإمتعاض» والريبة والشك، وينتابهم كل أنواع الخوف والرعب.. بل يخيم على ردة فعلهم حالات من التيه و« الشوزوفرينيا» وعدم اليقين، والإنتقال من موقف لأخر ومن النقيض للنقيض. يتجسد ذلك حسب البعد او القرب من النظام السياسي العربي المعني ومدى تأييده له، اومواءمته لنهجه، وسواء أكان على حق ام على باطل. فالربيع العربي في تونس والقاهرة وطرابلس الغرب واليمن، بالنسبة لهم هي ثورات شعبية، كان وقودها صمود الشعوب وتوقهم للحرية والإنعتاق والعدل، وهي ثورات شعبية تهدف لوضع حد لإمتهان الكرامة العربية من قبل الإمبريياية والصهيونية والإستعمار.
أما إذا كان الأمر يتعلق ببغداد او غيرها من الحواضر العربية التي لم تتعامل مع حالة الربيع العربي بما تستحق من التقدير والاحترام، وسعت للتعامل معها بلغة الرصاص والاصطفاف الطائفي البغيض، فحالة الربيع العربي بالنسبة لنفس العينىة هي من بين الأجندات الغربية والصهيونية التي خطط لها في تل ابيب ونفذتها أيد عربية متآمرة على الأمة ووحدتها ومنعتها وحريتها.. الخ من هذه» الكلاشيهات الظالمة» والتي، لا يرفضها منطق العقل السليم فقط، بل حتى الف باء السياسة لا تلتقي معها. علماً بأنهم يدركون بكامل وعيهم بأن الربيع العربية حالة ثورية عادلة جاءت من أجل الحق والعدل والحاكمية الرشيدة، ومحاربة الظلم والفساد والتبعية. وأبعد ما تكون عن الأجندات الغربية او الصهيونية، لأنها في الأصل جاءت للخلاص من الهيمنة الغربية والصهيونية وأدواتهما في الداخل.
كما نذكر هؤلاء بأن حالة الربيع العربي قد إختارها الله في عليائة لتكون ذلك الخط السرمدي بين العدل والظلم، بين الحق والباطل، بين الحرية والخنوع..بين الإستقلال والإستعباد..بين السيادة والتبعية.. بين الوحدة والفرقة، بين نحن والأنا، بين أمة عربية ماجدة وواحدة وبين هوية قطرية بغيضة ضالة ومضلة..بين..بين..!!. فهل ذلك من تخطيط الصهاينة ومريديهم..أم هي صدى لصرخة أبي بكر رضي الله عنه، حينما قال» والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه..»، أم محاكاة لوصية عمر الفاروق رضي الله عنه» اللهم إجعل بيننا وبنهم جبل من نار».. أم ردة فعل لثورة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، حينما قال» والله ما تمتع غني إلا بما جاءع فقير»، أم إستنساخ لحراك أبي ذر الغفاري رضي الله عنه بقوله» إنني لأعجب لرجل لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج للناس شاهراً سيفه».. ام إنعكاس لتضحية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما شرى وحدة العرب والمسلمين بتنازله عن الخلافة.. ام إستشعار لآهات الشريف الحسين بن علي حينما ضحى بعرشه من أجل فلسطين والوحدة العربية..! أم.. أم..!
أيها الرافضون للربيع العربي وحالته الواعدة، اليس فيكم رجل رشيد يسمي الأشياء بأسمائها، وينظر للأمر بعين بصيرة، لا بعيون المناهضين لحالة الحراك التحرري العربي، غرباً كانوا أم وشرقاً. ألم يحن أن يدخل قلوبكم الإيمان بقدرة هذه الأمة على الإنعتاق والنهوض وإعادة التموضع بين الأمم والشعوب. ألم يحن الوقت لديكم لرفض استباحة الدم العربي وهدره، ودونما خوف أو وجل أو رحمة، ومن أي طرف كان. لكن عزاؤنا الوحيد هو أن امتنا أمة حية، والتاريخ علمنا بأنها تنهض دوما من تحت الرماد، وستقول ذات يوم لكل الذين يرقصون على آهات وآنات حرائرنا وأطفالننا بان ثمن الدم العربي سيكون باهظا اكثر بكثير مما يفكر البعض بعقليتهم» التوراتية-القيتوية»
alrfouh@hotmail.com