بقلم : عبدالله محمد القاق
تحتفل الأسرة الأردنية بعيد الجلوس لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على عرش المملكة الاردنية وسط انجازات ومكتسبات كبيرة وعظيمة وبروح مفعمة بالعزم والاصرار للعمل لرفع الاردن في مختلف المجالات وتحقيق التلاحم والتماسك والوحدة الوطنية بين ابناء الوطن، وتؤسس لبناء عصر جديد يسهم به كل ابناء الشعب في المحافظات الأردنية كافة
وفي عيد جلوس جلالته الرابع عشر والذي يصادف ايضا عيد الجيش العربي المصطفوي انصهرت الرؤية الواضحة لجلالته لمستقبل واعد تسير فيه جهود التنمية الوطنية ليس فقط على صعيد تشييد البنية التحتية التي تتكامل في كل المجالات وتهيئة مقومات التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وتنمية الموارد الوطنية المتاحة على تنوعها.. بل ان ذلك شمل صعيد التنمية البشرية وبناء الانسان الحديث القادر على القيام بدوره ومسؤولياته على الاسهام الايجابي في تحقيق التقدم والازدهار كشريك اساسي للحكومة، وذلك منذ انطلاق المسيرة الهاشمية الظافرة عندما اكد جلالته ضرورة بناء المستقبل المزدهر والسعيد لهذا الوطن لانه بدون التعاون المشترك بين الحكومة والشعب لن نستطيع البناء الراسخ بالسرعة الضرورية والممكنة
وفي الواقع ان الرسائل والاوراق الملكية التي وجهها جلالته مؤخرا، والتي شملت كل مناحي الحياة وجسدت الديمقراطية الحقيقية بانتخاب مجلس النواب الرابع عشر تؤكد رغبة جلالته في الاسهام بالبناء الهادف والتنمية وتجذير الحرية والرأي والتعبير والتركيز على العلاقة العميقة الخاصة بين جلالته وابناء شعبه على امتداد الوطن وعلى ما يحظى به المواطن من ثقة وتقدير لدى جلالة القائد عبر زياراته المتكررة للمحافظات ولقاءاته المواطنين كافة.. وهذا يدل على الفكر المستنير لجلالته وحكمته وحنكته ودرايته والتي يعود اليها فضل النجاح في حشد الطاقات الوطنية، وتحقيق افضل النتائج الممكنة لهذا الشعب وسعيه الحثيث لتحقيق امنه ورخائه وتقدمه وفي النهوض بامجاده ومكانته.. فهذه الانجازات والاعمال التي تشهدها المملكة منذ جلوس جلالته على العرش تمثل عملا دؤوبا ومتواصلا حيث سخر جلالته كل وقته وجهده وعنايته لارساء الاسس الصحيحة والقواعد المتينة التي تم عليها تشييد النهضة الحديثة والدولة العصرية
وبالرغم من الظروف الراهنة التي تمر بها المملكة من استقبال النازحين السوريين جراء الاحداث المضطربة في بلادهم، الا ان جلالته بقلبه الكبير وبرؤيته الاستراتيجية الثاقبة عمل على تجنب الاردن من اية اختلالات.. بل اسهم في احتضان حوالي نصف مليون نازح وقدم الاردن لهم بالتعاون مع الاسرة الدولية كل ما يحتاجون اليه من اغاثة وسكن وتعليم وصحة وتوفير للمياة والكهرباء.. وهذا يدل على ان الاردن بحكمة قيادته وفي ظروف عاتية وصعبة وما واجهه من تحديات كبيرة في ضوء ثورات الربيع العربي، الا انه ظل وسيظل دوما واحة امن وسلام واستقرار بوعي قيادته وتلاحم شعبه وسياسته الحكيمة التي هدفت الى جمع كل ابناء الوطن على صعيد واحد من المساواة والمحبة وتكافؤ الفرص، والتي تتيح لهم جميعا امكانية العمل والبذل الى اقصى مدى ممكن ليتولوا مسؤولياتهم في بناء الوطن وتقدمه.
ويمكن القول انه في الوقت الذي تتسم فيه السياسة الاردنية بالصراحة والوضوح وبالقدرة على التعامل مع كل الاشقاء والاصدقاء في المنطقة والعالم انطلاقا من مبادئ الاحترام المتبادل وحسن الجوار والحرص على تحقيق المصالح المشتركة، فان علاقات الاردن مع جميع الدول تنطلق من مبادئ الاحترام المتبادل وحسن الجوار والحرص على تحقيق المصالح المشتركة، لدعم القضية الفلسطينية بشتى الوسائل وعبر كل المحافل لاقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ودعوة جلالته لحل الازمة السورية حلا سلميا بالحوار والتفاهم وتجنب اراقة المزيد من الدماء.
ففي هذه المناسبة المجيدة والغالية على نفوسنا، فان جلالته منذ ان تسلم الراية من الراحل الكبير الملك الحسين طيب الله ثراه فان اهتمامه الكبير انصب على تحسين الاوضاع المعيشية للمواطنين وعلى تمكينه من الحياة بأمان ورخاء واستقرار، بالرغم من الظروف الاقليمية الصعبة التي تحيط بنا من كل جانب.
فهذا العيد المجيد، الذي تحتفل به الاسرة الاردنية اثبت جلالته قدرة قيادية فائقة ورؤية سياسية ثاقبة لقضايانا المحلية والعربية والعالمية واستطاع جلالته ان يكرس نفسه قائدا اردنيا عربيا عالميا.
لقد رسم جلالته لمجلس النواب السابع عشر خطة وخريطة طريق منهجية للحرص على التعامل مع الحكومة، وارساء قواعد الديمقراطية، والسعي لتحسين اوضاع المواطنين وفق تصور الدولة الانموذج والمثل في ترسيخ قيم الحق والعدل والحرية والكرامة، وتوفير متطلبات التقدم والازدهار والعيش الكريم للانسان الاردني، والدفاع الصادق والجريء عن عقيدة الامة وحقوقها وقضاياها وفي طليعتها قضية وحقوق الشعب الفلسطيني باعتباره القضية المركزية.
واذا كنا نتحدث عن انجازات جلالته الكثيرة، فلا بد ان نذكر بكل ثقة وتفاؤل الاصلاحات الدستورية وفي اجهزة الدولة التي يقودها جلالته على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، الامر الذي يؤكد اهمية التفافنا حول العرش الهاشمي المفدى وضرورة مباركة الشعب لرؤى الاصلاح الشامل الذي يعالج السلبيات ويعظم الايجابيات في مجتمع اردني حر كريم، يسعى حثيثا الى تكريس الديمقراطية اسلوب حياة كما يريد جلالة الملك رعاه الله وكما نتطلع اليه جميعا.
ومن البدهي القول ان نظرة جلالته الثاقبة لجملة التحديات المحلية والدولية مكنته من وضع الاردن في مقدمة دول المنطقة اعتمادا على الطاقة البشرية الاردنية المؤهلة والمدربة بشكل مميز.. ولعل القراءة الملكية السامية المتأملة للنظام التعليمي في الاردن والمتمثلة بجملة المبادرات التي اطلقها جلالته لنشر روح الابداع والتميز بين المعلمين اصبحت اهم المخرجات الفاعلة للنظام التربوي وركنا اساسيا لمنظومة تطوير الموارد البشرية التربوية التي تسعى وزارة التربية الى توسيعها من خلال التنمية والتربية والتدريب المهني المستمر، انطلاقا من الرغبة في احداث التنمية المستدامة والتغيير والاصلاح المنشودين.
لقد كانت لقاءات جلالته التي شهدت العديد منها في مؤتمرات القمة العربية وغيرها لها اصداء كبيرة ساهمت في خلق اهتمام دولي بالقضايا العربية واستطاع جلالته ان يضع الاردن كبيئة جاذبة للاستثمارات الاقتصادية لما يتمتع به من امن واستقرار وخاطب العالم عبر المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تشرف بحضوره في البحر الميت مع نخبة كبيرة من السياسيين والاقتصاديين في العالم بلغة واضحة وشجاعة لا تحتمل التأويل.. فكانت كلمات جلالته وما زالت مؤثرة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، حيث وصف الوضع الذي تعيشه “منطقة الشرق الاوسط” وصفا دقيقا وناجعا لكي يتحرك المجتمع الدولي في الاعداد لمرحلة السلام المقبلة.
لقد اكد جلالته منذ ان تولى سدة الحكم على اهمية العلم والمعرفة، واسهم في النهج المتواصل للانفتاح على مستجداتها.. حيث اصبحت تقنية المعلومات والاتصالات هي المحرك الاساسي لعملية التنمية في هذه الالفية الثالثة، لذلك فقد اولى جلالته كل الاهتمام لايجاد استراتيجية وطنية لتنمية قدرات المواطنين ومهاراتهم في التعامل مع هذا المجال وتطوير الخدمات الحكومية الالكترونية.
ففي هذا اليوم نضرع الى الله العلي القدير ان يديم على جلالته موفور الصحة والسعادة ليواصل مسيرة الخير والعطاء وتحقيق الغد الزاهر لأردن المحبة والوفاء.
abdqaq@orange.jo