الشاهد - مؤمن الخوالدة
تصوير انس الامير
الشاهد زارتهم بمنازلهم في عجلون ورصدت معاناتهم
ام محمد : أصبت بالشلل واجهل السبب ولا املك المال لعلاجي و إعالة إسرتي
يتقلب الزمان في لحظة ، تتوالى الاحداث بتوالي عقارب الساعة فلا يستطيع احد ان يجزم ان السعادة دائمة او ان الشقاء امر محسوم ، فالحياة بمجملها هي دروس نتعلم منها ، كثيرا ما نسمع عن احداث توالت قلبت الظروف راسا على عقب ، ظروف كانت تسير في طريق وإتجهت لان تسلك طريقا جديدا ، طريق تملؤه الحفر والمطبات وعندما نعتقد بان الطريق قد انتهى نكتشف ان الطريق ما زال طويلا فإن انتهينا أو غبنا فهناك بذرة لنا ستسلك هذا الطريق ايضا لتعاني الصعاب كما كنا نعانيها تماما او ربما اشد قسوة ، فلا يتسنى لنا سوى مصارعة هذه الحياة بكل ما تحمله من ظروف عصيبه قد تؤدي بنا الى التهلكة ، وعند البحث عن حلول نجد ان كل الطرق الى هذه الحلول مغلقة بفعل بشري بحت متمثل بقوانين وانظمة بعيدة كل البعد عن مبدأ الإنسانية ، فيصبح الصراع بيننا و بين ظروف الحياة و قوانين وضعها البشر ، وما أشد هذا الصراع كونه لن ينتهي ويطفئ بريق الأمل لدى الكثيرين مما يعانون الامرين في هذه الحياة ولا يجدون ملاذا للخلاص مما هم فيه ، وأصبحوا يعيشون في دائرة ضيقه في كل يوم تضيق عليهم حتى أنهم لن يستطيعوا الخروج منها أبدأ ، وتصبح حياتهم تتجه نحو المجهول بلا نور يبدد ظلمات أيامهم .
الشاهد التقت عائلات تصارع الحياة من كل جوانبها وتحدثت معهم وعرفت تفاصيل حكاياتهم
الحالة الاولى
اسرة كانت تعيش في رغد الحياة ، لا ينقصها شيء ، هي عائلة ككل العائلات ترضى بما قسم الله لها بعد السعي والمثابرة للحصول على لقمة العيش وسداد الحاجات الأساسية التي يحتاجها كل بيت وكل فرد من افراد هذا البيت ، تمضي الايام ولأن حكمة الله في الإبتلاء قدر على كل فرد في هذه الحياة تحولت حياة هذه العائلة من نعيم الى شقاء ، ففي كل بلاء وصبر رغد وعيش كريم في كنف الله ، تقول " ام محمد " أنهم كانوا يعيشون الحياة حالهم حال الكثير من العائلات الى ان جاءت لحظة التغيير فأصيب زوجها بحالة نفسية حالت بينه وبين أن يكون قادرا على ان يعيل هذه الأسرة ، ولصعوبة حالته لم يستطع ان يكمل حياته بين أفراد أسرته فأنتقل وأبتعد عنهم لأنه يحتاج الى رعاية خاصة لا تستطيع أن تقدمها له بسبب حالتها المرضية لتبقى هي وأبناؤها الاربعة ، وأضافت أنها أصيبت بمرض " الشلل " وأصبحت غير قادرة على الحركة منذ 15 عاما ، وعند سؤالها عن السبب بينت أنه لم تعرف السبب لهذه اللحظة حتى مع تكرار المراجعات للمستشفيات والأطباء الاخصائيين لم يجدوا تفسيرا لهذه المعضلة فألقوها على انها حالة نفسية أثرت على أعصابها أدت بها الى هذا الحال ، وأشارت انها لا تستطيع الآن الذهاب الى المستشفيات للبحث عن علاج لها أو معرفة حالتها بالشكل الصحيح وخصوصا مع التطور الكبير الذي يشهده الطب في هذا الوقت ، وعللت ان السبب هو عدم مقدرتها ماديا على تامين تكاليف تنقلها فكيف لها أن تؤمن تكاليف المستشفى أو الاطباء للوقوف على حالتها بالشكل الصحيح ، وتحدثت عن حال بيتها وقالت ان البيت هو عبارة عن غرفة واحد فقط ومنافعها حتى ان المطبخ مشترك في نفس الغرفة وما يزيد من معاناتها ان أبناءها الأربعة وهي ينامون في نفس الغرفة وخصوصا أن لديها إبنتين وولدين وأصبحوا ناضجين فكريا وجسديا ، وأضافت ان البيت يخلو من كل المقومات الأساسية التي يحتاجها كل منزل وهو بالأساس ليس ملكا لها بل وهبها اياه خال لها بعد ان حرق بيتها الذي كانت تسكنه في كنف زوجها في الزمن البعيد ، وعن مصادر دخلها أوضحت أنها تاخذ نفقة من زوجها قيمتها 120 دينارا فقط وهي كل ما يدخل الى البيت بحيث أن هذا المبلغ لا يكفي لأن يسد متطلبات المنزل الأساسية بالإضافة الى أنها تغرق الآن في مصيدة الديون التي بدأت تتراكم عليها من فواتير الماء والكهرباء ومن ثمن الاغراض التي تجلبها من المحلات التجارية ، وأشارت الى أن أبناءها غير قادرين على مساعدتها بالتخفيف من الاعباء المتراكمة عليها حيث أن أبنها الاكبر سعى جاهدا وهو يبحث عن عمل ولكنه لم يجد باي شكل من الأشكال مع انه حاصل على شهادة الثانوية العامة ولم يستطع ان يكمل دراسته كون أن الحاله المادية لا تسمح بأن يدفع التكاليف والمصاريف الجامعية وما زال يبحث عن عمل حتى يستطيع ان يخفف من الاعباء التي اثقلت كاهل والدته ولكن للأسف لم يجد الى ذلك سبيلا، وعند سؤالها إن لجأت الى الجهات المعنية للنظر في حالها أكدت انها لم تحرك ساكنا كونها مقعدة ولا تستطيع أن تتقدم بأي خطوة بإتجاه هذا الموضوع ، وتأمل بأن تقوم الجهات المعنية بالنظر في حالتها ومساعدتها ومراعاة ظروفها القاسية التي تعيشها بعيدا عن تعقيد المعاملات والإجراءات التي غالبا لا تؤدي الى شيء بحسب تعبيرها كونها فقدت كل الأوراق الرسمية التي تبين حالتها الصحيه إثر حريق المنزل ، وهي الآن تنظر الى حالها وأبنائها وبيتها والى ما وصلوا اليه من حياة بعيدة كل البعد عن الحياة التي يرغب أن يعيشها كل مواطن على تراب هذا الوطن وتناشد كل الجهات المعنية والقلوب الرحيمة بأن ياخذوا موضوعها على محمل الجد والمضي قدما لمساعدتها وأخراجها مما هي فيه .