أ. د. فيصل الرفوع
ما زال مسلسل وأد الطموحات القومية للامة العربية، والمتمثل بمحاولتها امتلاك معاني القوة المشروعة، مستمرا، لكنه في العقد الأخير كشر عن انيابه بشراسة. فبعد تدمير مفاعل تموز العراقي في صيف 1981 مرورا بتدمير مكونات الدولة والشعب العراقيين في نيسان 2003، بحجة امتلاك اسلحة الدمار الشامل؛ وتوجيه تهمة الإبادة الجماعية للرئيس السوداني عمرحسن البشير ثم تقسيم السودان؛ وإنتهاءً بمسلسل العدوان الصهيوني المستمر على سوريا وشعبها العربي العظيم.
لكن ما يلاحظه المراقب هو الإصرار الصهيوني على تدمير آخر معاقل القوة العربية والمتمثلة بالقوة العسكرية السورية. وعودة إلى التأريخ القريب، فقبل العدوان الصهيوني الأخير الذي مارسته القوة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة، على جمرايا قرب منطقة الهامة بريف دمشق، فجر الاحد 5 مايو/ ايار، 2013، تعرضت سوريا وشعبها العربي للعديد من أشكال العدوان الصهيوني المتعدده. كان من أبرزها العدوان الجوي الإسرائيلي في تموز من عام 2001 على مواقع للرادار السوري داخل الأراضي اللبنانية. وفي تشرين اول 2003، وبعد عملية تفجيرية في مدينة حيفا، قام الطيران الإسرائيلي بعدوان سافر على سوريا استهدف معسكرا تستخدمه القيادة العامة لتدريب عناصرها قرب دمشق. أما في حزيران 2006، فقد إنتهكت الطائرات الصهيونية المجال الجوي العربي السوري بالقرب من اللاذقية وأعلنت إسرائيل حينها بأن التحليق تم في عمليات الجيش الروتينية خاصة وإنها ترصد تصرفات سورية تتعلق بمنحها الحماية لرؤساء المنظمات «الإرهابية» وفي مقدمتهم حماس- كم من منطق فيه الحقيقة تقلب..فمن هو الإرهابي المحتل والمستعمر..؟؟. وفي 6 أيلول 2007، كان هنالك عدوان جوي صهيوني على المفاعل النووي السوري المزعوم، قرب مدينة دير الزور. كما قصفت المدفعية والدبابات الإسرائيلية مواقعا للجيش العربي السوري، وذلك في نوفمبر 2011، متذرعةً بأن ذلك جاء ردا على ما قالت بأنه سقوط لقذائف هاون داخل الجولان العربي- السوري المحتل. وهذا يعني بأن استهداف الامة العربية ليس بالشيء الغريب طالما هنالك صوت صامد في وجه الاطماع الغربية والصهيونية، ويؤمن بالمقاومة المشروعة للظلم والاضطهاد.
كما يجب أن ندرك بان الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، مهما اختلفت سياساتنا، ووصلت أحقادنا على بعضنا البعض إلى ابعد مدى لها، وتباينت مواقفنا تجاه هذه القضية أو تلك، فلنعلم جميعا بان وحدة سوريا، ليس سورية الحالية فحسب وإنما سوريا الكبرى، وإستقرارها وأمنها ودرء العدوان عنها وعن شعبها هو إستقرار للأردن...وإستقرار الأردن سياسيا واقتصاديا هو جزء رئيسي من استقرار الأمة، وأمن المغرب العربي الكبير يصب في مصلحة أمننا القومي، ودرء الأخطار عن الجزيرة والخليج العربي هي مهمة قومية...
صحيح بأن الأمة العربية تعيش اليوم حالة من عدم الاستقرار والعنف والعنف المضاد، ودماء تسيل وحقوق يمعن في اغتصابها، وأجيال عربية تواقة للإصلاح والديمقراطية والحياة الأفضل في جانب، وفي جانب آخر، شباب عربي يئس من الظلم والاضطهاد وكل أشكال الهيمنة الداخلية والأجنبية، مسلح بثقافة الثار، وبلا أمل في مستقبل واعد. وفي كل يوم يأتينا ما يعزز الأمل حينا، ويقود للغضب وتفاعلاته في أحيان كثيرة...لكن أمتنا العربية تبقى أمة حية وواعدة ومستقبلها المشرق آت بكل تأكيد
alrfouh@hotmail.com