معاذ أبوعنزة
عند التمعن قليلاً والنظر ملياً بمجريات الحياة القاسية وتبعاتها من مختلف الجوانب والنواحي على الصعيد الداخلي والخارجي للدولة أي على مستوى المملكة وشؤونها الداخلية وما يجري حولها من حروب وكوارث ومؤامرات تحاك هنا وهناك على مستوى العالم وتسارع الأحداث ناهيك عن وقوع المملكة في نقطةٍ متوسطةٍ على خارطةٍ ملتهبة تَعج بالأزمات والنزاعات.
بعيداً عن التنظير وعلم الإفتراض والأبعاد الخيالية والرغبة في النقد الهدام وإنتظار الهفوات والعثرات والإصطياد بالماء العكر، وحرصاً على الإلتزام بالواقع ولا شيء غير الواقع والمعطيات الملموسة التي من حولنا والأدلة والوقائع، نجد أن الإنسان بطبيعته البشرية غير قادرٍ على حَمِل مسؤوليات أو هموم تفوق طاقته البشرية سواء كانت إقتصادية أو معنوية أو أياً كان شكلها ونوعها، إلا أننا نرى في الوقت ذاته ملكاً شاباً قد شق الصخر ليكون ملكاً وأباً وسنداً وقائداً عسكرياً بإمتاز ورباناً لسفينة تتقارع الأمواج من حولها لإرتطامها وتمزيقها على مختلف الأصعدة والأطراف والجبهات، ليجابه مشكلةً إقتصادية داخلية بحتة إقترنت بإغلاق الحدود لسنوات وزيادة في عدد السكان واللاجئين وشح في الموارد وقضايا تتعلق بالفساد إدارياً كان أم مادياً ووقفٍ للمساعدات والمِنح الخارجية وغيرها الكثير بالإضافة إلى قوى الشد العكسي، وأخرى سياسية ليكون هو صانع القرار والمشرف على متابعته وتنفيذه وما يرافقه من متغيرات ومستجدات على مختلف الأصعدة، بالإضافة إلى ملفات خارجية معقدة تشبه في عملها عمل الألغام بحيث يصعب على أفضل خبراء المتفجرات وأمهرهم فك رموزها وتحليل معادلتها، وأخرى ذات أبعادٍ سياسية ودينية كالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام وملف علاقة الأردن بالعديد من الدول والتي من أبرزها العراق وسوريا وإيران وروسيا وأمريكا والسعودية وتركيا والصين ودول أوروبا وغيرها وما يرافقها من متغيرات بالإدارة والسياسة والنهج وفقاً للمعطيات والمُتغيرات لهذه الدول، ناهيك عن عدد لا بأس به من المسؤولين السابقين الذين إمتهنوا التنظير ساعين بكلِ ما أُتوا من القوة لإعادة إنتاج أنفسهم وظهورهم على المشهد من جديد ليغتنم البعض منهم فرصة ركوب موجة الموقف والحدث محاولاً خلقَ فرصة حصد مقعد في بورصة التعينات والمناصب لعل وعسى أن يحالفهم الحظ في مقعد هنا أو هناك متغافلين ومتناسين فرصاً سنحت لهم سابقاً أو يمكننا القول في البعيد القريب، حيث أُفسح لهم المجال ليكونوا جزءً مهماً في المطبخ السياسي وعملية صنع القرار لتتسنى لهم الفرص لإثبات قدراتهم وعرض مهاراتهم المزعومة على أرض الواقع وخبراتهم التي أطربونا بها صُبحَ مساء لحل المشكلات والأزمات وكبرى المعضلات التى تواجه بلدنا الحبيب، إلا أنهم وبكل أسف عجزوا عن حل مشاكلهم الشخصية قبل همومنا ومشاكلنا العامة كمواطنين بل على العكس فشلوا بها فشلاً ذريعاً في حين أطلق عليهم الشارع لقب النخب ليصبحوا نخبةً في التنظير والإنتقاد وإصطياد العثرات والنخبةَ الأسرع في التغريد على منصات مواقع التواصل الإجتماعي ليكونوا بذلك أبطالاً قابعين خلف الشاشات على منصات مواقع التواصل الإجتماعي.
فأين كنتم من كل هذا عندما كنتم في مواقع المسؤولية .. عزيزي المسؤول وهنا نريد الإشارة لمن عملوا بالسياسية وهنالك فرق شاسع بين (السياسي الفذ صاحب الخبرة والتجربة) ومَن (عَمِل بالسياسة فكانت له مهنة) إلا من رحم ربي ونحتاج في مثل هذه المراحل والمواقف، فلا يسعنا إلا أن نقول 'فل تقل خيراً أو لتصمت'.