الشاهد - فيما أفادت دراسة متخصصة أن 52 ٪ من النساء الأردنيات و73 ٪ من اللاجئات السوريات، اللواتي سعين لإجراء مشاورات قانونية حول قضايا مكان العمل، 'قمن بالتبليغ بشكل غير رسمي عن تعرضهن للتحرش الجنسي'، خلصت إلى أن القوانين الحالية 'لا تعمل على منع التحرش الجنسي بمكان العمل، ولا تدعم النساء بالإبلاغ عنه'.
وبينت الدراسة، التي حملت عنوان 'التحرش المخفي في مكان العمل' وأصدرتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية، الخميس الماضي خلال مؤتمر صحفي، 'أن 75.30 ٪ من الأردنيات و78.5 ٪ من اللاجئات السوريات اللواتي قلن إنهن تعرضن للتحرش بمكان العمل لم يفكرن في اتخاذ إجراءات قانونية'.
وأضافت 'أن 8.2 ٪ من النساء الأردنيات و12 ٪ من اللاجئات السوريات لم يبلغن عن التحرش الجنسي لأنهن لم يعتقدن أن أي شيء سيحدث إذا قمن بذلك، فيما 8.2 ٪ من الأردنيات و4.3 ٪ من اللاجئات لم يبلغن عن التحرش الجنسي لخوفهن من فقدان وظيفتهن، في حين أفادت 8.2 ٪ من الأردنيات و10.3 ٪ من اللاجئات أنهن كن يخشين أن يزداد وضع العمل سوءًا'.
وشملت الدراسة النساء الأكثر ضعفا من ضمن اللاجئات السوريات والمجتمعات المضيفة بما في ذلك الأردنيات وغيرهن من اللاجئات اللاتي تواجدن في الأردن من قبل الأزمة السورية، واللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 18 و50 عامًا.
مديرة المنظمة سمر محارب قالت، تعليقا على الدراسة، إنه لدى مناقشة المشاركات بالاستبيان حول التحرش الجنسي في مكان العمل، 'أفادت النساء أن التحرش اللفظي وغير اللفظي هو الأكثر شيوعًا، فيما اعتبرت العديد من النساء أيضاً أشكالاً أخرى من المضايقات 'أقل فداحة'، مثل الزملاء الذكور الذين يطلبون من زميلاتهن أرقام هواتفهن الشخصية ويحاولون الاتصال بهن خارج ساعات العمل'.
وأشارت إلى 'حالات التحرش الجسدي، مثل ملامسة زملاء آخرين أو أرباب عمل لهن ضد رغباتهم، كما لوحظ أن التحرش من قبل نساء أخريات هو في حد ذاته قضية، على الرغم من أن هذه التحرشات ليست بالضرورة ذات طبيعة جنسية، إلا أنها تحرشات قد لا تزال قائمة على النوع الاجتماعي، وتتمثل بأحكام تصدرها النساء على غيرهن من النساء فيما يتعلق بالقوالب النمطية التقليدية للجنسين'.
وأضافت محارب 'من الواضح أن معظم النساء لسن متحمسات للتبليغ عن هذه الحوادث بل أنهن يتخوفون من ذلك، حيث أفادت غالبية المشاركات (84.2 ٪ من الأردنيات و95 ٪ من اللاجئات السوريات) أنهن لم يتعرضن أبدًا للتحرش الجنسي في مكان العمل'.
وأوضحت الدراسة 'أن التحرشات في مكان العمل خفية، حيث تخشى النساء من تداعيات الإبلاغ عن المضايقات بسبب الوصمة الاجتماعية وانعدام ثقتهن في القوانين وغيرها من آليات الحماية'، مؤكدة 'أن الافتقار إلى التوجيه وقلة التزام أرباب العمل بواجباتهم فيما يتعلق بالسياسات المتعلقة بالتحرش الجنسي يسهم في اتباع نهج مرتجل لمعالجة التحرش الجنسي وفي عدم وجود سياسات إبلاغ واضحة للموظفين'.
واعتبرت 'أن التحرش الجنسي أحد المعيقات الرئيسة التي تحول دون وصول المرأة إلى التوظيف، ما يشكل مشكلة مزمنة في مكان العمل، لا يمكن النظر إليها بمعزل عن غيرها من الممارسات التمييزية والضارة، والتي تبدو جلية في المعايير الاجتماعية والثقافية ليتم مأسستها في مكان العمل من خلال الفجوات القائمة في الإطار القانوني الأردني أو في تنفيذ القانون'.
وفيما يخص القوانين والسياسات بالأردن فيما يتعلق بالتحرش الجنسي بمكان العمل، بينت الدراسة ان قانون العمل حصر حق العامل أو العاملة الواقع عليه/ها التحرش بـ'الحصول على تعويض في حال وقع الاعتداء من رب العمل أو من يمثله، ولم يشمل الاعتداء الذي قد يقع من زميل في العمل، والجانب الآخر إحالة تجريم التحرش لقانون العقوبات الذي لا يحوي أصلا لفظ (جريمة التحرش الجنسي)'.
وقالت محارب 'لا تزال بعض سلوكيات التحرش الجنسي وبعض أنواع العمل العدائي، مثل الاقتراب غير المرغوب به، أو التلميحات الجنسية أو اللغة غير اللائقة والهجومية ذات الصلة بالجنس، غير محظورة. وبالتالي، فإن حقوق النساء اللواتي يواجهن أشكال التحرش الجنسي 'الأقل فداحة' والتي لا يمكن الاستدلال عليها بشكل مباشر أنها نوع من انواع العنف الجنسي تبقى غير واضحة، مع إبقاء مصطلح 'الإهانة' مفتوح للتأويل'.
كما وجدت منظمة النهضة 'أن النساء يفتقرن إلى المعرفة، ليس فقط في أشكال التحرش الجنسي، ولكن أيضاً حول كيفية متابعتها في حال تعرضهن للتحرش'.
إحدى اللاجئات السوريات في المفرق قالت 'ليس لدي معلومات في حال تعرضت للتحرش عن القوانين الخاصة بهذا الشأن'، فيما أوضحت مواطنة 'أنها لم تتخذ أي إجراء قانوني لأن حقوقنا غير مجدية'، في حين قالت أخرى 'إنها لا تفكر في اتخاذ إجراء قانوني إلا إذا تعرضت للكثير من المضايقات والتي لا تستطيع إيقافها بنفسها'.
منظمة النهضة أوضحت 'أنه ليس من المرجح أن تبلغ أي من النساء عن التمييز أو أن تسعى لاتخاذ إجراء قانوني ضد أي شكل من أشكاله، حيث أن معظم النساء قد سعين لأخذ المشورة من فريق المنظمة ولم تسع لاتخاذ أي إجراء قانوني'.
و'بما أن النساء ترددن بالإبلاغ عن التحرش الجنسي بمكان العمل، فإنهن يترددن بالإبلاغ عن أشكال التمييز بمكان العمل الأخرى'، وفق الدراسة التي أوضحت أنه 'من المستبعد أن تبلغ النساء الأردنيات واللاجئات السوريات ممن عانين من التمييز بمكان العمل، على الرغم من أن النساء الأردنيات أكثر إقبالا للقيام بذلك من اللاجئات السوريات'.
وأشارت إلى 'أن 30 ٪ من الأردنيات، و16 ٪ فقط من اللاجئات السوريات، أفدن بمقدرتهن على الإبلاغ عن التمييز في مكان العمل، كما أن كلا منهما أقل احتمالاً في التفكير في اتخاذ إجراء قانوني، إذ أفادت 16 ٪ من الأردنيات و13 ٪ من اللاجئات السوريات أنهن يفكرن في اتخاذ الإجراءات القانونية'.
وتوصي 'الديمقراطية والتنمية' بفرض واجب إلزامي على أصحاب العمل لاتخاذ خطوات معقولة لحماية العمال من المضايقات والإيذاء في مكان العمل سواء كانت من صاحب العمل و/أو من يمثله أو حتى من موظفين، ونشر سياسة التحرش الجنسي الخاصة بهم على موقعهم الخارجي.
وأكدت 'ضرورة تعديل الفصل 9 من قانون العمل، 'السلامة والصحة المهنية' لجعل من واجب أصحاب العمل توفير بيئة عمل آمنة لموظفيه فيما يتعلق بحدوث المضايقات والاعتداءات، وليس فقط من 'الأخطار والضرر' و'الأمراض' ومخاطر العمل'.
وللحد من الوصمة الاجتماعية، أكدت الدراسة 'أهمية وجود قدر أكبر من الشفافية بحيث يكون نطاق وطبيعة التحرش الجنسي في مكان العمل أكثر وضوحا، وتوضيح إذا ما نجحت محاولات منعها والاستجابة لها. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على الحكومة الأردنية جمع البيانات المتعلقة بالتحرش الجنسي في مكان العمل، ونشر النتائج'.
وقالت 'هناك حاجة لمزيد من العمل مع المجتمعات، بما في ذلك مع الرجال والفتيان. يجب أيضا الاعتراف بالرجال والفتيان كأهداف محتملة للتحرش الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والتوعية بقضايا الجنسين'.
ودعت الدراسة الى تعديل القوانين بحيث تصبح أكثر وضوحاً وشمولاً بشأن التحرش الجنسي، لضمان تغطية كل أشكال التحرش الجنسي في قانون العمل وحماية الموظفين من الفصل التعسفي في حال إبلاغه عن المضايقات'، مؤكدة أهمية إدراج مدونة قواعد ممارسة قانونية بشأن التحرش الجنسي في العمل، وتحديد الخطوات التي ينبغي على أصحاب العمل اتخاذها لمنع التحرش الجنسي.