الشاهد - سرّعت الأحداث خلال اليومين الماضيين من ظهور نتائج أوليّة للتحقق في حادثة البحر الميت، أو ربما تولّدت لدى رئيس الوزراء عمر الرزاز قناعة بضرورة تنحية وزيرين من حكومته على أن يستكمل إجراءاته بصخب أقل حدّة.
واستبق الرزاز أيّ تصعيد نيابي تجاه حكومته التي يتوقع لها أن تشتبك مع مجلس النواب في غضون أقل من أسبوعين بعد أن يُعرض مشروع قانون ضريبة الدخل على البرلمان، ليطلب يوم الخميس من وزيرين في حكومته الاستقالة.
ولا يحتاج الرئيس إلى فتح جبهة جديدة على حكومته، وهو يرى تصاعد توتر الشارع بعد أقل من أسبوع على وقوع الفاجعة الانسانية في البحر الميت، وسط اتساع رقعة تحميل وزارته المسؤولية الأدبيّة والأخلاقية إزاء ما حدث في زرقاء ماعين.
وبرغم أن الرئيس شكّل لجنة تحقق في الحادثة ضمت وزيريه المستقيلين، غير أنه آثر التخفيف من الحملة المتنامية ضد حكومته بالاستغناء عن وزيري التربية والسياحة الذي وجّه البرلمان لهما مسؤولية ما جرى بشكل مباشر عن أعمال وزارتيهما.
وتأتي هذه التطورات في أعقاب لقاء جمع جلالة الملك بأهالي الشهداء يوم الأربعاء، حيث وجّه الملك بعيد انتهاء اللقاء الحكومة بتشكيل لجنة محايدة للتحقيق في ظروف حادثة البحر الميت.
ويبدو أن الأهالي لم يكونوا مقتنعين باللجنة الحكومية التي حظيت أيضاً بنقد واسع من قبل أحزاب سياسية وأطراف نقابية على شكل اللجنة، ومنهم من تساءل "هل تحقق الحكومة مع نفسها؟".
وكانت لغة الخطاب التي استخدمها رئيس الوزراء أمام مجلس النواب يوم الثلاثاء مغايرة لتلك التي استخدمها بعض وزرائه والتي لامست حدود "التنصل" من المسؤوليات، ليجد الرزاز نفسه مضطراً لإعلان تحمّل المسؤولية الأدبية والإدارية عما جرى، وهو أمر خفّف من حدة الموجة النيابية الغاضبة التي كانت ستطال الحكومة بأكملها في جلسة الثلاثاء.
ودفع ميول الرزاز بهذا الاتجاه إلى تحمّل المسؤولية بعد استدعائه 3 وزراء من حكومته صباح يوم الخميس، حيث اجتمع بوزيري التربية والتعليم عزمي محافظة والسياحة لينا عنّاب وحثهما على الاستقالة، وسط مراقبة حثيثة من قبله لضغط الشارع والنواب الذي طالب باجراءات عملية لإقناع الجميع بجدّية الحكومة في محاسبة "المقصرّين".
وبينما أرسلت مذكرة طرح الثقة النيابية بالوزيرين إلى رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة والذي كان ملزماً بإدراجها على جلسة يوم الأحد المقبل - وفق النائب وفاء بني مصطفى -، اختصر الرزاز الطريق على نفسه بطلبه من وزيريه الاستقالة.
ووجه الرئيس الوزيرين محافظة وعناب بإبلاغ النواب باستقالتيهما خلال الاجتماع المطوّل الذي عقدته لجنة التحقق النيابية التي يقودها النائب عبد المنعم العودات وامتدت لنحو 10 ساعات ونصف الساعة.
ومن شأن الدخول في معترك طرح الثقة بالوزيرين "حرف" المسار الحكومي الذي ترسمه خلال الفترة المقبلة، والذي يحتاج إلى "تبريد" الجبهات، بخاصة بعدما تلمّس الرئيس الكلمات النيابية الحادة والساخنة التي طالت العديد من الوزراء ممن لهم صلة بنتائج الحادثة.
وكان قرابة ثلث أعضاء مجلس النواب (40 نائباً) وقّع على مذكرة طرح الثقة بوزيرين، بينما قالت النائب بني مصطفى إحدى متبني المذكرة ان هذا لا يعني إخلاء مسؤولية وزراء آخرين، لكن الوزيرين المعنيين بشكل مباشر عن وقوع الحادثة من خلال صلة وزاراتهم يستوجب رحيلهما على الفور.
وتظهر "اللجنة المحايدة" التي أعلن عن أعضائها مساء الخميس أن هنالك عدم رضا عن آداء عدد من الوزراء وقدرتهم على تقييم مجريات الحادثة والتحقق فيها، كما أنه يعدّ رفضاً للجنة المشكّلة حكومياً برمتها، ما يعني عودة الحكومة إلى التعامل مع مخرجات اللجان التي شكّلتها على أساس النطاق الإداري لا أكثر وليس تحمل المسؤوليات الناجمة عن الفاجعة.
ولا يُعرف حتى اللحظة إن كان الرئيس يُفكّر بالتخلي عن وزراء آخرين خلال الفترة القريبة المقبلة، بخاصة أنه لم يُعلن رسمياً -حتى ساعات مساء الخميس- عن قبول الاستقالتين، وربما يأتي من باب الاستمهال والتريث لحين انجلاء بعض الحقائق أو لفتح باب توسيع نطاق التعديل الوزاري."هلا أخبار "