السعادة، التي غمرت أسرة الطفلة "كيري" ذات الثلاثة أعوام ونصف العام، بعد أن تم قبولها في إحدى الحضانات المتميزة في مناطق عمان الغربية، سرعان ما بددتها تعليمات وزارة التنمية الاجتماعية، التي أنذرت الحضانة بسبب "استقبالها لطفلة مصابة بمتلازمة داون".
"كيري" التحقت بالحضانة عند عمر عامين، بحسب والدتها جو أبري التي تبين إلى "الغد" أنه "منذ التحاق طفلتها بالحضانة شهدت تطورا ملموسا على قدراتها التعبيرية واللغوية، فضلا عن اكتسابها لسلوكيات إيجابية حققتها من خلال البرامج المدروسة التي تقدمها الحضانة".
تقول أبري "ابنتي سعيدة بالحضانة، تلعب كثيرا وتتصرف بشكل مناسب لعمرها، ببساطة تتصرف وتفكر كزملائها الآخرين".
وتتابع "كان قبولها في الحضانة قبل عام ونصف العام مصدر ارتياح لي ولأسرتي، لقناعتي التامة بأهمية الدمج والتعليم الدامج لتطوير قدرات طفلتها وشخصيتها".
وتبين أن "الاتجاهات العالمية كافة والدراسات العلمية تؤكد أهمية دمج الأطفال ذوي الإعاقة لتطوير قدراتهم العقلية وجعلهم قادرين على الاندماج بالمجتمع مستقبلا والاعتماد على ذاتهم".
وتضيف لم "أتوقع أن يشكل وجود ابنتي مشكلة في الحضانة، ففي بلدي (بريطانيا) يعد التعليم الدامج حتى في مرحلة ما قبل المدرسة المنهج الأساس للتعامل مع أطفال متلازمة داون".
من جهته، يقول مدير الأسرة والطفولة في الوزارة محمد شبانة إنه ليس هناك ما يمنع من التحاق الأطفال ذوي الإعاقة بدور الحضانة، على أن توفر تلك الحضانات التأهيل المناسب لدى عامليها على العمل مع هذه الفئة.
وتنص تعليمات دور الحضانة على معاقبة الحضانة في حال استقبال أطفال من ذوي الإعاقة بدون توفر التأهيل المناسب لدى العاملين في الحضانة على العمل مع هذه الفئة، أو بدون وجود مقدمة رعاية متخصصة في التربية الخاصة المبكرة أو بدون تعديل مرافق الحضانة لتتناسب مع هذه الفئة من الأطفال.
بدورها، أكدت مالكة ومديرة الحضانة نيفين شرف التزامها ورغبتها في استمرار "كيري" في الحضانة، لافتة إلى أن لدى "كيري مستوى ذكاء يتناسب مع عمرها رغم إصابتها بمتلازمة داون، إضافة إلى كونها ودودة ومحبوبة بين زملائها".
وتبين أن "المعلمات المشرفات على كيري يراعين احتياجات الطفلة الخاصة"، لافتة في ذلك إلى "التطور الملموس على القدرات النمائية للطفلة".
وتشدد شرف على التزام الحضانة بمبدأ "الدمج" بين الأطفال ذوي الإعاقة وغيرهم من الأطفال، مبينة أن "الدمج في حالات الإعاقة الخفيفة يساهم في تطوير القدرات، فضلا عن أن نسبة لا بأس بها من الأطفال المصابين بمتلازمة داون يلتحقون بالتعليم الأكاديمي وينهون دراستهم المدرسية ومن ثم يلتحقون بالجامعات". وتوضح أن "لكيري أثرا إيجابيا على زملائها، لتقبل الاختلاف في سن مبكرة".
ويعد التعليم الدامج، أحد أبرز الموضوعات التي يسعى المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين لترسيخها في منظومة التعليم العام في الأردن، باعتباره السبيل لدمجهم في المجتمع لاحقا وجعلهم أفرادا فاعلين.
وكان الأمير رعد بن زيد رئيس المجلس، أكد في تصريحات صحفية سابقة أن المسؤولية الإنسانية تحتم على الجميع دعم التحاق الأطفال والشباب من ذوي الإعاقة في مختلف البرامج التعليمية، وتوفير التدريب والتعليم المهني لهم في المراحل الدراسية المبكرة، بغية إلحاقهم في برامج التنمية المستدامة.
وكان البيان الختامي لورشة "التعليم الدامج للأشخاص ذوي الإعاقة"، الذي عقد نهاية العام الماضي حذر من ارتفاع نسب الأمية واستبعاد دور ذوي الإعاقة في المجتمع، عازيا ذلك الى "عدم" المساواة في الفرص للحصول على حق التعليم لذوي الإعاقة، جراء عدم تفعيل نظام تعليم دامج (قانوني - مالي - إجرائي) في المدارس. (الغد).