الشاهد - شكّلت هجرة النبي العربي الهاشمي محمد صلى الله وعليه وسلم، حدثاً تاريخياً ومفصلياً في تاريخ البشرية جمعاء، حيث أسست لمرحلة جديدة في تاريخ الأمة الإسلامية ورسالة الدين الإسلامي الحنيف.
وننهلُ من هذه الذكرى العطرة معاني كبيرة في الصبر على البلاء، والعزيمة والإصرار على إكمال وإتمام رسالة الحق، وإنقاذ أمةٍ من براثن العبودية والشرك، ونقلها إلى مصاف الأمم علماً وتاريخاً وإرثاً، فأسس النبي مع صحبه المهاجرين إلى المدينة المنورة، من موطنه في مكة المكرمة، نموذجاً لمجتمع العدالة والتسامح والإخاء والتعاون والبناء وتجذير كرامة الفرد وأهميته في مجتمعه.
أسّس النبي في المدينة المنورة أول شكل وأنموذج لمجتمع العدل، واضعاً أول الدساتير البشرية المدنية عبر ما عرف بصحيفة أو وثيقة المدينة، ليُرسي قواعد المواطنة وتثبيت أركان العدل بين مكونات المجتمع وطوائفه، وتنظيم العلاقات بين سكان المدينة كي يسود التسامح والمحبة ويدخل الناس في السلم كافة.
إنّ الهجرة النبوية، شكّلت بحق رمزاً لصدق العقيدة، ورسالة التسامح والاعتدال، وحملت في ثناياها مبادىء الدعوة إلى الدين الحنيف، عبر الكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، والتي أحوج ما نكون إليها اليوم، حيث حاول خوارج العصر زوراً وبهتاناً تشويه صورة هذا الدين السمح، لكن أصوات العدل وقفت لها بالمرصاد وعرتها وأثبتت تطرفها.
لقد كان الأردن وسيبقى بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني نسل آل هاشم الأطهار، في طليعة الدول المتصدية لخطر الإرهاب والتطرف، الذي ألقى بشوائبه على الأمة جمعاء، وحاول أتباعه تشويه صورة هذا الدين الحنيف، فجلالته خير منافح عن رسالة الإسلام السمح وقدم للعالم أجمع صورة بهية مشرقة عن الإسلام وقيمه الداعية إلى العدل والتسامح والحكمة والموعظة والكلمة الجامعة.
واليوم إذ نستلهم من وحي الذكرى العطرة الدلالات العظيمة وما حملته من معان سامية في العزم والصبر والإصرار والثبات على الحق، وهي المعاني الأصيلة التي جسدها النبي العربي الهاشمي الأمين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، لنؤكد أننا في بلد الهاشميين الذين أرسوا معاني العدالة والتسامح امتثالاً لنهج وسُنّة رسول البشرية جمعاء، مستمرون تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني في الدفاع عن حاضر الأمة ومستقبلها، لتبقى رسالة الحق راسخة في ضمير البشرية، مستلهمين من تاريخ الهواشم الأطهار قيم العدل والمساواة، مؤكدين أن جلالته سيظل دومًا صوت الحق والعدل واحترام الإنسان، والمُعبّر عن وجدان هذه الأمة وضميرها والمنافح عن مقدساتها.