أخر الأخبار

آخــر ليلـــة

19-08-2018 02:07 PM

هما ليلتان وأيّ ليلتين ..!! لو قدّر للإنسان منـّا أن يعلم أن هذه الليلة هي الليلة الأخيرة على وجـه الدنيا له .. الليلة الأخيرة من سنين حياته ، التي سينام فيها في بيته وعلى سريره ملتحفاً فراشــه الـذي اعتاد والذي أحبّ .. هي الليلة الأخيرة بين أبنائه وزوجته وأحفاده ومن أحبّهم وعاشرهم طوال عمـره .. بعـد هـذه الليلـة سيترك وراءه ثيابه التي اشترى وانتقى .. وكل حاجياته التي لا غنىً له عنها .. لن يرى الأضواء بعد هذه الليلة ولن تكون لديه ثلاجة ولا تلفاز ولا سيارة .. الإنسان منا إذا ما سافر لبلد آخر لزيــارة قريب أو صديق عزيـز على قلبه ومكث عنده أسبوعا أو أسبوعين ، وبعدها حانت ساعة الرحيل ومفارقة هــذا العزيــز .. فتخيلـوا كيف ستكون أحوال الليلة الأخيرة له مع هذا العزيز وهو موقن ومتأكـد من أن الفـراق قـد حان مع أن هـذا الفـراق بإرادته وطواعيـّة !! .. مؤكد أنها ستكون صعبة جداً ومؤلمة جداً .



أمـّا الليلة الثانية فستكون في القبر المظلم .. سيكون وحيداً بلا أنيس ، لا أبناء ولا زوجــة ولا أصدقـاء ولا أحباب ، لا فراش وثير ولا الوسادة التي اعتاد ، ولا عطر ولا ماء بارد ولا ثياب ، وما أصعب كل بداية .. فبداية حياة البرزخ بدأت هذه الليلة ، الرحلة الطويلة جداً والتي لا يعلم متى نهايتها إلا الله جلّ وعلا .. بدأت تواً .

ما أكثر الليالي في حياتك يا إنسان ! وكم منها الكثير الكثير انقضى وولـّى .. بلا حساب بلا مراجعة بلا مسائلة ولا تقييم ذاتي، ولأننا لا نعلم متى ستكون الليلة الأخيرة من ليالي حياتنا، وكذلك لا نعلم متى ستكون الليلة الأولى لنا في القبر، وجب علينا اعتبار كل ليلة قادمة هي ليلة وداع لهذه الحياة ، وكل ليلة تالية هي ليلة الوحدة والتجرّد من كافة مظاهر الحياة الدنيوية والعودة إلى الخالق .. إلى الله سبحانه وتعالى .. عندها ستكون كافة تصرفاتنا سليمة وصحيحة .. وسننام كلّ ليلـة من حياتنا مطمئني البـال والنفـس راضيـن عــن أحوالــنا .

فقد أتى جبريل عليه السلام إلى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم وقال له : ( يا محمد عش ما شئت فأنك ميـّت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجازى به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليـل وعـزّه استغناؤه عن الناس ) .. فهل فهمنا لهذا الحديث الذي هو موجـّه لأكرم خلق الله نستطيع بــه تقبـّل كـل ما سيحصل لنا من فراق وتقلب لأحوالنا ؟ أم أن الإنسان بطبعــه لا يتقبل مجرّد التفكيــر بالابتعــاد عمــن أحــب واشتهى .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :