رندا البياري
شباب بعمر الزهور غادروا بيوتهم الصغيرة من خلال الازقة الضيقة المتواجدة في تلك الحارات الأردنية العتيقة، متوجهين صوب مدن تميزت بمبانيها الضخمة واثارها القديمة وطرقاتها الحجرية العريضة، فكان هدفهم اقوى من تلك المناظر الخلابة التي لم يعيروها اهتمام يذكر، فهم لاعبون اردنيون مرفوعي الراس والهامة رمزهم القوة والكرامة، لم تنحني رؤوسهم من قبل الا للصلاة او لخطف تلك الميداليات الذهبية من خصومهم لتستقر بين ضلوعهم وتزين تلك الصدور التي طالما عشقت هواء بلادها. ينظرون خلال انحنائهم الى سقوط عرقهم المتصبب من اجسامهم القوية على ارض منصة التتويج، وهذا خلال سماعهم لصدى السلام الملكي الاردني الذي تعدى حدود القاعات الرياضية، فتنسال دموعهم فرحا لرفع العلم الاردني منتصف الاعلام الاخرى وعيونهم لا تبصر الا كبد السماء الذي استقر فيه علم الوطن المتنبئ لثورة قادمة من قلوب هؤلاء الرياضيين ليغزوا العالم الرياضي برفرفته. بعد ان تجاوزوا الصعاب تجدهم يلتقطون اشيائهم الصغيرة ويسارعون في حزم حقائبهم ليتوجهوا الى المطار تاركين ورائهم تلك البلاد الجميلة ليعودوا الى ارض الوطن، وينتابهم شعور غريب لا يستطيعون ترجمته لكلمات فاكتفوا بإصدار الضحكات، فهم سعداء وعيونهم تنطق بكلمات اندمجت ما بين الفرح والفخر رغم وجوههم المكفهرة من شدة التعب. جلس جميع اللاعبين في مقاعدهم على متن الطائرة كغيرهم من المسافرين، لكنهم كانوا على يقين انهم مميزون فهم ابطال الوطن واصحاب العرس الرياضي، فعيونهم تسترق نظرات من حولهم في تلك المقاعد، فشعار المنتخب الأردني الذي زين قمصانهم والميداليات الذهبية التي استقرت على صدورهم خطف الانفاس لا الأنظار حتى انتابهم شعور بأنهم الابطال الخارقين. ومن بين زحام السكوت ينصتون لحديث كابتن الطائرة بشغف بأن يلتزم الجميع التعليمات لاستعدادهم للهبوط على الاراضي الاردنية، هنا تزداد دقات قلب اللاعبين حيث يسارعون في الخروج من الطائرة التي اعتبروها خلال رحلتهم زنزانة مؤقتة سجنت أفراحهم، وبعد ذلك يتوجه اللاعبون الى قاعة المطار والتي تستقبل القادمون من خارج الاردن، فهم يسمعون من بعيد صخب الجماهير في القاعة الاخرى لكن صوت دقات قلوبهم كانت اعلى. عند وصولهم الى القاعة يسترقون النظرات الى الحضور بفرح وكاميرات المصورين تضيء في جميع ارجاء المطار, حتى كادوا ان يفقدوا ابصارهم من "فلاش" الكاميرات، وامتلاء المطار بأصوات امتزجت ما بين الترحيب والصراخ والزغاريت، وما لبثوا حتى اختفت تلك الاضواء متوجة الى الملكة ...؟؟، نعم انها الملكة..!!، التفت وفد المنتخب الأردني جميعا صوب الزحام حتى اكتشفوا ان الملكة التي خطفت عدسات الكاميرات هي المطربة الاماراتية أحلام الملقبة بـ الملكة، والتي تزور الاردن لإحياء حفلة لها ستقام في جرش. في هذه اللحظات وقفوا كالمسمار دون حراك، وكلهم أمل ان يجدوا من يستقبلهم بالورود لما قدموه للوطن من انجاز، انتظروا قليلا حتى اختفى الزحام مع اختفاء المطربة أحلام التي تجر خلفها ذيل فستانها الباهظ الثمن فقط، وجرت معه أضواء الصحافة والشهرة التي كان يطمح لها كل لاعب أردني على ارضة، فجر كلٌ منهم خيبات الامل مع حقائبهم وميدالياتهم التي لم تخطف انظار أبناء وطنهم، فقال أحدهم "طارت احلامنا مع أحلام يلا على البيت ".....!!!