ناديا هاشم / العالول اكتب هذه المقالة على هامش مقال أسبق – إن شتّت أًلطمي .. وإنْ صيّفت أُلطمي – والذي حظي بقسط وافرمن التعليقات العميقة والنيّرة التي تبرهن على إَعمال واضح للعقل عند البعض رافعا من مستوى تفكيرهم .. تساؤلات وردت عن جذور المثَل " إن شتّت الطمي وان صيّفت أُلطمي" ولماذا لم يتم ذكرها بسياق المقال .. أما سبب إحجامي عن روايتها فيعود لإعتقادي بأنني سأكرر معلومة معروفة ، ناهيك عن عدم توفر المساحة الكافية بالمقال نفسه ..وها انا وبناء على رغبة القراء أقوم بتفنيّد أصول المثل الطريف من جذوره: "يُحكى أن رجلا زوّج ابنتيْه واحدة إلى فلاح ، والأخرى إلى صانع فخّار ، وبعد مرور عام قرر الأب القيام بزيارة ابنتيه ليطمئن عليهما ،فقصد أولا ابنته زوجة الفلاح التي استقبلته هاشّة باشّة.. وحينما سألها عن أحوالها قالت : استأجر زوجي أرضا و استدان ثمن البذور و زرعها ..فإذا أمطرت فنحن بألف خير و إن لم تمطر فلسوف تحل علينا مصيبة .. ترك الرجل ابنته الأولى وذهب لزيارة ابنته الثانية زوجة صانع الفخار التي استقبلته فرحة مهللة .. مستبشرة .. فسألها عن الحال والأحوال قالت : اشترى زوجي ترابا بالدّيْن وحوله إلى فخار وضعه تحت الشمس ليجفّ ..فإن لم تمطر الدنيا فنحن بألف خير..أما إذا أمطرت فإن الفخّار سيذوب وسنتعرض إلى مصيبة" .. يعني بالعربي الفصيح بالحالتين فيه مصيبة إن شتّت ..وإن صيّفت.. يعني مش خالصين على الوجهيْن ! فالخسارة واردة بالحالتيْن .. وهذا ما يُضرب فيه المثل وبخاصة عند القيام بمشروع معيّن فاحتمالية وقوع الخسارة عالية جدا بأغلب الحالات.. كما ينطبق المثل نفسه على حالات اخرى لمن لا يعجبه العجب ولا الصيام برجب .. اي لمن يصعب إرضاءهم تحت اي ظرف .. واحيانا تُقال بهتانا وزورا بحق ابرياء لا علاقة لهم بهذه التهمة ، فالمثل لا ينطبق عليهم على الإطلاق ، وبخاصة من أصحاب الرأي المستنير ممن يتصفون بالحكمة لكونهم يتمتعون برؤية استثنائية بعيدة المدى ، تجعلهم يبصرون الحقيقة بأبعادها المتعددة ، فهم "أصحاب العقول النيّرة "الذين ذكرهم رب العالمين بابآياته مميزا سبحانه بين" الذين يعلمون والذين لا يعلمون ".. علما بأنه لا احد يملك الحقيقة الكاملة فالكمال لله وحده سبحانه.. ترى بماذا يتميّز المستنيرون ؟ يتميزون بدون شك بقدرتهم على التدقيق و التمحيص والخروج بنتائج صائبة قد لا يتفق معها البعض الآخر ، حيث يرفض المستنيرون البدائل السطحية الأخرى المعروضة عليهم لكونها لا تنضوي تحت أي معيار منطقي .. فيفشّ البعض غلّه مطبقين عليهم مثل : "إن أشتت الطمي .. وان صيفت الطمي" .. متهمينهم بهتانا وظلما ،وهكذا بين صيف وشتاء وعلى مدار العام تزداد معاناة المستنيرين أكثر وأكثر ..ّمنطبقا عليه القول : لا كرامة لنبي بوطنه ! فهذه الفئة المستنيرة قد تبدو للبعض كأنها تعيش بجزيرة معزولة اومعلّقة ببرج عاجي لا صلة له بأرض الواقع .. وهم من ذلك براء .. لكن شاءت لهم الأقدار ان يتواجدوا في محيط يفتقد لضوء المعرفة ونور الحقيقة ، لسماكة عقول البعض المغلَّفة بالجهل المعرقل لنور الحقيقة ، ولهذا تظل معتمة شكلا ومضمونا ، وهذا بحد ذاته مصيبة كبرى .. ولكن المصيبة الأكبر ان يغلّف ظلام الجهل القاسم المشترك الأعظم من عقول المحيطين بهم ليظلوا محاطين بتفكير سقيم ، فشتاّن ما بين السقيم والسليم، والمغالطة والمنطق ،والتقليد والإبداع ، والخرافة والعلم ..آخذين بعين الاعتبار انواع التفكير المتباينة والمعترَف بها علميا وتربويا ونفسيا : 1- التفكير السطحي 2- التفكير العميق 3- التفكير المستنير . . لا شك أن التفكيريْن "العميق والمستنير" يلتقيان مع بعضهما عند نقاط مشتركة ، إذْ لا بد من المرور بالتفكيرالعميق قبل الارتقاء الى التفكير المستنير، وهذا الأخير يتميز بربطه الوقائع بوقائع أخرى متعلقة به، كأن تكون علاقته بماحوله او قبله او بعده او بشبيه له معللا الأسباب بالأدلة والبراهين.. صحيح أن احتمالية الوقوع بالخطأ واردة بالتفكير العميق ، بعكس التفكير المستنيرحيث تتضاءل جدا هذه الإحتمالية ولهذا تكون نتائجه أكثر دقة من التفكيرالعميق .. أما التفكير السطحي فحدّث بلا حرج فهو واقع بالخطأ بل مغموسا فيه من قمّة رأسه لأخمص قدميْه ! ولا علاقة بين التفكير السطحي والمستنير ، وشتان ما بينهما ! وبقدر ما يلتقي التفكير المستنير مع التفكير العميق ،فقد يبتعدان تماما بمرحلة ما ، فيجد المستنير نفسه فعلا بجزيرة معزولة لا جسور تربطه مع الآخرين.. وأخيرا ما أحوجنا لتوحيد صفوف المستنيرين ليؤازروا بعضهم بعضا ، ولينقذونا كفريق قوي متماسك يُخرَجنا من دائرة اللطم المستمر التي نقع بها وبكثرة نتيجة مسلسل الأخطاء الممتدة الى مالانهاية.. نعم الأخطاء التي تبرع بحياكتها العقول الصغيرة.. فلننفذ منها بسرعة .. وقبل فوات الأوان! hashem.nadia@gmail
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.