في أي مجتمع من المجتمعات هنالك قوى متضاربة، متناحرة، مختلفة، تلتقي حيناً في المصالح والأهداف والوسائل، وتختلف حيناً آخر، وفي هذه الحالة هنالك خطوط حمراء للاختلاف، وبما يلتقي مع مصالح الوطن او الأمة او الشعب. والأردن، بتكوينه الديمغرافي والجغرافي والتأريخي والعقيدي لا يشذ عن هذه القاعدة. فمنذ نشأته كمشروع قومي وملاذ آمن لأبناء الأمة المجاهدين من أجل التحرير والوحدة والكرامة الإنسانية، ومكوناته المجتمعية والإجتماعية تشكل حالة تجانس قل نظريها في عالم الأمس واليوم. ونظرة متواضعة لمسيرة المجتمع الأردني نجد بأن هذا المجتمع أقرب ما يكون لمجتمع «حلف الفضول» الذي جاء ذات يوم للرد على بعض التصرفات الجاهلية التي مست القيم العربية آنذاك، وإنتصاراً للحق والعدل ونصرة المظلوم ودرء الظلم ووقف العدوان ووضع حد للتطاول على حقوق الآخرين وإصلاح ذات البين بين الشركاء في الوطن والقيم والمصير المشترك. ومما يميز المجتمع الأردني، وبعيداً عن جلد الذات التي يمتشقها العديد من الكتاب والباحثين، نجد بأن الأردنيين ومهما تطاول « الشيطان وأعوانه» في تجذير التناقضات بينهم، او أمعن في تغليب جانب الشر على تعاملهم البيني، او «سول» لهم و«سوق» فيما بينهم الفتن ما «ظهر» منها وما «بطن»، فإن لإختلافهم سقفاً لا يحيدون عنه وخطوط حمراء لها الاحترام بل التقديس، يتجسد ذلك في مصالح الأردن كوطن، ببعده القومي- العربي والإسلامي، وسمعة الأردنيين كشعب عربي -إسلامي- عريق ذي قيم متوارثة، بالإضافة إلى إستقرار نظامه السياسي الهاشمي، الذي أجمع عليه الأردنيون ولا يقبلون ببديل عنه مهما كانت الإجتهادات وتباينت الأراء حول هذه القضية او تلك. كم شعرت بالأمس بأنني أنتمي إلى شعب عريق، وأنا على أبعد نقطة من «الديرة» في منتصف المحيط الهادئ، جامعة هواي. حينما تابعت إصلاح ذات البين بين الشيخين الكبيرين، المنتميين إلى قبيلتين أردنيتين -عربيتين شريفتين، بني خالد وبني حسن، معالي الشيخ نايف القاضي ومعالي الشيخ عبدالكريم الدغمي. وكم شعرت بأنني أنتمي إلى أمة عظيمة تترفع عن الصغائر وتعزز القيم الرائعة في التعامل بين أبنائها. فيها رجالات كبار، يحاصرون الشياطين في كهوفها، ويضعون حداً لكل من قال عنه الله سبحانه في عليائه وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ * أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ* إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (القلم:10-15). رجالات أمثال دولة عبدالرؤوف الروايده الذي تكلم بإسم ثلة من أعيان الأردن ورجالاته، أصحاب الدولة والمعالي، بالإضافة إلى العديد من شيوخ ووجهاء معظم العشائر والمكونات الأردنية، شرقاً وغرباً، شمالاً ووسطاً وجنوباً. وقد تصرف الطرفان، ابو خالد وابو فيصل، بمسؤولية وطنية راقية، نزولاً عند قوله صلى الله عليه وسلم» رفع عن أمتي ذنب الخطأ والنسيان»، او كما قال صلى الله عليه وسلم، كيف لا وهما القبيلتان اللتان ينطبق عليهما ما قاله العرب في الشهامة والمروءة والتضحية»...إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا..». فلله درك يا أردن، ما أعظمك، بتاريخك وقيادتك ورجالاتك، وحماك الله من كل مكروه. alrfouh@hotmail.com
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.