ناديا هاشم / العالول لطالما يتداول الكثيرون بأحاديثهم ومناقشاتهم موضوع الإلهام ومصادره ، والطقوس التي تسبق الكتابة والرسم ..الخ متسائلين عن الوحي والإيحاء والدور الذي تلعبه البيئة المحيطة بالمبدع ليخرج بقطعة فنية او شعرية او أدبية .. الخ من عوامل تتداخل بالصميم مع أعمال الشعراء والكتاب والفنانين.. معلّقين بدورنا : بأنه مهما تهيّأت العوامل الخارجية مقدِّمة للمبدع كا ما لذّ وطاب من أسباب الإبداع وإلهامه وفرصه ودعمه ، الا ان العامل الأول والأخير يعتمد بالمقام الأول على وجود الموهبة من جهة .. والإجتهاد بصقلها من جهة اخرى .. وبعدها يأتي دورالإلهام والإيحاء ومن ثم ّ تلقى الدعم المعنوي والمادي البشري على الصعد كافة.. فلطالما سُئِلَ الكاتب .. وهنا الكاتبة : كيف تكتبين .. ولمن تكتبين ..وما هو مصدر وحيك وإلهامك ؟ اسئلة ما فتئت تنطرح من قبل جمهورمتعطش للسماع بالمقام الأول عن الحيثيات المتعلقة بطقوس البدء بالكتابة ، فدوما يتساءلون بشغف واضح عن الإلهام ومصدره ..وما دور العامل البشري وغيره المحيط بالمبدع في تحفيزه على الإمساك بقلمه او ريشته ليخط كل ما لذّ وطاب من الإبداع .. والحقيقة قياسا لتجربتي الخاصة سواء بكتابة الشعر او القصة او المقالة اوالرواية .. لا استطيع تحديد مصدرا واحدا معينا للوحي والإلهام .. بل تعود لمجموعة عوامل تتراكم بالعقل الباطن لتتفتّق بعدها بلحظة حلم او إلهام تحفّزها ابتسامة طفل او تفتّح زهرة او لحن شجي او لحظة ألَم أبحث بطيّاتها عن امل يمد النفوس المتعَبَة بالحيوية والقوة والإستمرارية .. او ..او .. الخ من عوامل تحفّز من عملية اتحاد الموهبة الداخلية مع البيئة الخارجية بسلسلة منقطعة النظير من الإجتهاد والمتابعة والتقييم لإخراج العمل الإبداعي المنشود.. فبين وحي وإلهام تتباين درجة الإبداع فالوحي هو إلهام من نوع آخر له علاقة بالتحليق للأعلى، ليصل الى أعلى درجات السلّم الإبداعي فيقطف الكاتب والشاعر والفنان من صندوق الابداع الراقي ما يشاء وما يسمح به اجتهاده وتحمله وصبره .. بينما الإلهام هو الوجه الأبسط للوحي والذي لا يتطلب كل هذا الجهد بالتحليق فقد يكون الإلهام من ارض الواقع من شخص يلهمك بأفكاره وأعماله .. ومع ذلك تراهما يشتركان بتلقي إشارات تحفيزية تعزف على وتر ابداعهم ليبدأوا هم بالمزج والغربلة منسقين عملهم عبراختيارات ترفض كل نشاز، ليخرج ابداعا من نوع معين يكون للجمهور المتلقي قوله بالحُكم على ذلك الابداع .. وفعلا ما اوحى لي بكتابة هذه المقالة اطلاعي مؤخرا على حوارات تم طرحها على صفحات التواصل الاجتماعي بشأن مصدر الإلهام الخاص بهم ،فمنهم من اوعزها الى قراءة القرآن والتفكّر بآياته والبعض الآخر أوعزها لمطالعة الكتب وقراءة الشعر او مشاهدة فيلم سينمائي او الاستماع للموسيقى.. و.. و ..مضيفة من جانبي اهمية الاسترخاء وصفاء الذهن لأن المبدع الذي حفزته اولى شرارات الإلهام للتحليق عاليا إما لقطف ثمار الابداع او الغوص ببحوره لجمع درره الإبداعية، يحتاج الى طاقة من نوع آخر قد تستهلك بعدها كل ما عنده ،فيغدو بنهاية المطاف منهَكا يحتاج الى إعادة لملمة بعد ان تناثر كيانه اثناء صعوده وهبوطه باحثا منقبا عن صنوف إبداعه المأمول.. وبهذه المرحلة الحسّاسة بالذات يحتاج الى وقت نقاهة خاص لا يخترق حرمته احد لادّخار طاقات جديدة، يستمدّ منها قوته، ليعاود كرّته من جديد لتلقي المزيد من الإلهام وعجنه ببنية مهاراته التحتية المتراكمة بأعماقه .. لهذا ونظرا لدور الالهام والملهِمين فإن كثيرا من الروائيين الأجانب يرحلون من بلد لآخر بحثا عن الإلهام والخيال بالأماكن والتضاريس، كما يستعينون بالملهِمين المحترِفين نساء ورجالا ممن احترفوا مهنة الإلهام يُطلَقُ عليهم بالإنجليزية – Muse – المتفكّرون بعمق- ليوحوا للمتلقين الكتّاَبَ ممن وظّفوهم عندهم بأفكار جديدة لقاء راتب شهري.. يعني مجرد كلمات أحيانا يقولها الملهِمون تكون إلهاما لما نفكّر به وهي "كلمات ليست كالكلمات " -أغنية ماجدة الرومي - لكوْن هذه الكلمات متنوعة متغيرة وفق مستوى القائل من رؤية ومعرفة وعامل نفسي ورهافة إحساس وبيئة محيطة .. الخ كلها لها دور كبير بمنح التجدّد.. فمن استمع لها سعِد ..ومن لم يستمع شقي .. تروي إحداهن ممن يعتبرها الجميع من الملهِمات لغزارة أفكارها الإبداعية : كم من المهنيين استفادوا من أفكارها التي كانت تطرحها بدون حساب اثناء جلسات اجتماعية عادية ، لتكتشف بعد ذلك تطبيقهم لأفكارها كافة مجيّرينها لمصلحتهم .. فعلا فلو عاشت هذه المخلوقة بالخارج لأصبحت من – Muse- الذي يُشار لهم بالبنان ..فالملهِم المحترِف عند الأجانب يكون على الأغلب امرأة - Muse- ملهِمة تعطي افكارا لا تُقدَر بثمن عبر مهنة ابداعية متعارَف عليها بالبلاد المتطورة .. فكلنا بحاجة الى التجديد وليس اجترار القديم متسائلين بدورنا : كم من هؤلاء الملهمين - Muse – يعيشون بيننا مضيعين فرصة الإستفادة من إلهامهم "مجّانا" لرفضنا أفكارهم الإبداعية .. ساخرين دوما منها ! hashem.nadia@gmail
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.