الشاهد -
اعتبرت حملة الدفاع عن حقوق الطلبة 'ذبحتونا' اليوم الثلاثاء، ان وزارة التربية تخطو بـ'ثقة' نحو تدمير التوجيهي والعملية التعليمية في الاردن .
وقالت الحملة في بيان لها اليوم ان التوجيهات الجديدة تضمنت خلو شهادة الثانوية العامة العلمي من الفيزياء والكيمياء والأحياء فأي شهادة 'علمية' تلك التي تخلو من المواد العلمية؟، مضيفة ان وزن المواد جميعها سيكون متساوياً، بغض النظر عن قيمة المادة وحجمها. أي أن علامة الحاسوب ستكون مساوية لعلامة الرياضيات والفيزياء.
وأكدت أن توجه الوزارة لتعديل امتحان الشهادة الثانوية العامة تحت مسمى 'تطوير امتحان شهادة الثانوية العامة'، ما هو إلا تدمير ممنهج للتوجيهي تمهيداً لإلغائه. وأن الخطوات التي تقوم بها الوزارة في الآونة الأخيرة، تأتي ضمن رؤية متكاملة جاء الطاقم الوزاري الحالي لتطبيقها، بطريقة ممنهجة ومخطط لها، وهدفها الأساسي هو إلغاء التوجيهي واعتماد القبول المباشر في الجامعات، لتصبح الجامعات الرسمية والخاصة تتعاطى بنفس آليات القبول، ما يسهل عملية خصخصة الجامعات الرسمية، بالتوازي مع ضرب العملية التعليمية ابتداءً من تشويه التوجيهي، وإفقاده قيمته ومكانته.
ولفتت الحملة إلى أن هذا المخطط تم الإعلان عنه عبر مؤتمر 'التطوير التربوي' الذي عقد في آب من العام 2015 ، حيث نصت النقطتان 3،4 في محور التعليم والتعلم من بند 'تطوير الامتحانات والاختبارات' واللتين أقرهما مؤتمر التطوير التربوي وتم الإعلان عنها عبر الموقع الرسمي لوزارة التربية، هاتان النقطتان بعيدتان كل البعد عن أي تطوير ممكن للتعليم العام أو التعليم العالي، بل إن نتائجهما –إن تم إقرارهما- ستسهم في تراجع العملية التعليمية وخصخصة الجامعات الرسمية.
وتنص التعليمات الجديدة على الآتي: ( عقد امتحان الثانوية العامة مرة واحدة بدءًا من العام الدراسي 2016/2017. –تم تأجيل تطبيقه ليتم اعتباراً من العام الدراسي القادم(2018/2019)، وإلزام الجامعات بتطبيق امتحان للقبول فيها حسب التخصصات المختلفة في كل منها).
وكان وزير التربية الدكتور عمر الرزار قد أكد مؤخرا على أن مواد التوجيهي اعتباراً من العام القادم ستكون وفق الآتي: مواد اجبارية مشتركة وهي (اللغة العربية، اللغة الانجليزية، الثقافة الاسلامية، التاريخ ، والرياضيات)، فيما سيُتاح للطالب اختيار ثلاث مواد أخرى فقط ضمن الفرع الذي يدرسه من أصل خمس مواد؛ ففي الفرع العلمي مثلا يمكن للطالب أن يختار ثلاثة من بين (الحاسوب، الفيزياء، الكيمياء، الاحياء، وعلوم الارض) ليدرسها في التوجيهي 'على أن تحتسب علامة أعلى مادتين من الثلاثة في المعدل وينجح في المادة الثالثة'. وفي الفرع الأدبي سيختار الطالب أيضاً ثلاثة مواد من بين (اللغة العربية / تخصص، اللغة الفرنسية، التاريخ والجغرافيا) ليدرسها في التوجيهي 'على أن تحتسب علامة أعلى مادتين من الثلاثة في المعدل وينجح في المادة الثالثة'.
وأكدت حملة 'ذبحتونا' على الآتي:
1_ إن اعتماد هذه الآلية للفرع العلمي، يعني عملياً إلغاء مواد الفيزياء والكيمياء والأحياء من شهادة الفرع العلمي. فالسواد الأعظم من الطلبة، إن لم يكن جميعهم، عندما يتم تخييرهم بين (الحاسوب، الفيزياء، الكيمياء، الاحياء، وعلوم الأرض)، فإنهم تلقائياً سيختارون الحاسوب وعلوم الأرض، وسيختارون الأحياء أو الكيمياء كمادة ثالثة كشرط للنجاح. ما يعني أن شهادة الثانوية العامة لهؤلاء الطلبة، ستخلو من الفيزياء والكيمياء والأحياء. فأي شهادة 'علمية' تلك التي تخلو من المواد العلمية؟!! وأي منطق ذلك الذي حكم وزارة التربية، لتقوم بهكذا خطوة لن تؤدي إلا إلى المزيد والمزيد من تدمير العملية التعليمية؟!
2_ لقد تم سابقاً 'تجربة' هذه الآلية في التوجيهي، حيث تم وضع مادة الفيزياء كمادة اختيارية للفترة من 1998-2000 أي لمدة ثلاث سنوات، وتم التراجع عن هذا القرار، بعد النتائج الكارثية التي ألحقها بسمعة التوجيهي الأردني، ومدخلات الجامعات الأردنية.
ويكفي للتدليل على حجم كارثية هذا القرار أن عدد الطلبة الذين اختاروا الفيزياء في تلك الفترة لم يتجاوزوا الـ400-500 طالب سنوياً أي أنهم لا يشكلون 3% من مجموع من تقدم لامتحان الثانوية العامة.
كما أنه خلال تلك الفترة، لم يتم الاعتراف بشهادة التوجيهي في عدة دول عربية وأجنبية كمصر والهند –على سبيل المثال-.
3_ ما ينطبق على الفيزياء والكيمياء والأحياء في الفرع العلمي، ينطبق تماماً على اللغة العربية/تخصص في الفرع الأدبي. فوفقاً لمقترح وزارة التربية، فإن اللغة العربية/تخصص ستكون اختيارية، ما يعني أن غالبية الطلبة لن تقوم باختيارها، وسيفضلون عليها الحاسوب والثقافة المالية (الأسهل)، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة حول مدى قيمة شهادة الثانوية العامة للفرع الأدبي إذا كانت لا تحتوي على هذه المادة ؟!
4_ أخطر ما في هذه التعديلات، أن وزن المواد جميعها سيكون متساوياً، بغض النظر عن قيمة المادة وحجمها. فوفقاً لهذه التعديلات، فإن مادة الحاسوب التي يتم تدريسها بثلاث حصص أسبوعياً ولمدة فصل دراسي واحد، سيكون مساوياً لوزن مادة الرياضيات التي يتم تدريسها بمعدل خمس حصص أسبوعياً ولفصلين دراسيين، أو الفيزياء التي يتم تدريسها بواقع ست حصص أسبوعياً. أي أن علامة الحاسوب ستكون مساوية لعلامة الرياضيات والفيزياء!!
كما أن وزن الثقافة الإسلامية أو مهارات اللغة العربية سيكون مساوياً لمادة الرياضيات كاملة!!
وعلامة الثقافة المالية ستكون مساوية لعلامة اللغة العربية/ تخصص!!
هذا التعديل يدلل على أن من يضع هذه التعديلات إما يضعها عن عدم معرفة بالمطلق بما تحويه هذه المواد، أو أنه يعمل وفق منهجية محددة لتدمير العملية التعليمية.
5_ لم يكتف معالي الوزير وأمين عام الوزارة بهذه التعديلات، بل أكدا على أن عدم دراسة الطالب لمادة الفيزياء لن تكون حائلاً أمام قبوله في كلية الهندسة –على سبيل المثال-، وأن عدم دراسته لمادة الأحياء لن تعيق قبوله في كلية الطب!!
وطالبت الحملة مجلس التعليم العالي، ووزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات بوقفة جدية أمام هذه التعديلات الخطيرة في امتحان التوجيهي التي سيكون لها الضرر الأكبر على جودة التعليم العالي. ففي الوقت الذي تعاني منه جامعاتنا من ضعف مدخلاتها نتيجة تراجع مستوى وتحصيل طلبة التوجيهي ونتيجة للأعداد الكبيرة لطلبة االموازي، يأتي هذا القرار الذي يجعل من طالب لم يدرس الفيزياء يحصل على مقعد في كلية الهندسة، والطالب الذي لم يدرس الأحياءء والكيمياء يتم قبوله في كلية الطب.
واعتبرت الحملة أن هذا التوجه يهدف بالأساس إلى ضرب التوجيهي، واعتماد القبول المباشر في الجامعات كمعيار للقبول الجامعي، وهو النظام الذي صرح الوزير الرزاز بأنه يفضله أن 'في كل دول العالم، هنالك فصل بين البدء بالمرحلة الجامعية والانتهاء من المرحلة المدرسية امتحان الثانوي امتحان شهادة توجيهي، وامتحان للقبول الجامعي ... الخ'.
واشارت ذبحتونا أن القبول المباشر الذي كان مؤتمر التطوير التربوي قد أقره قبل عامين ونصف العام، هو الوسيلة الأسهل بالنسبة للحكومة كي تمرر رفع الرسوم الجامعية وتقوم بخصخصة الجامعات الرسمية، إضافة إلى ما يعنيه القبول المباشر من تكريس للفساد والواسطة والمحسوبية على حساب الكفاءة.
إن التمهيد للقبول المباشر من خلال ضرب التوجيهي، هو استخفاف بالطلبة وبالعملية التعليمية. ومحاولة استغلال مشاعر المواطنين ورغباتهم بأن ينجح أبناؤهم ويحصلون على معدلات عالية ولو كان ذلك على حساب العملية التعليمية، هذا التصرف من قبل وزارة التربية والحكومة، يهدف إلى تمرير سياسة التدمير الممنهج للتوجيهي وفتح المجال للقبول المباشر، ومن ثم خصخصة الجامعات ليكون المسمار الأخير في نعش جامعاتنا الرسمية بشكل خاص والتعليم بشكل عام.